في اجتماع موسع عقد بالأمس، ناقش رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي مع عدد من كبار رجال الأعمال والمستثمرين أبرز التحديات الاقتصادية التي تواجه مصر في ظل الظروف الاستثنائية التي شهدها العام الحالي.
وجاء الاجتماع في وقت حرج تواجه فيه البلاد العديد من القضايا التي تؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني، وتضر بمعدلات النمو والاستثمار، وقد عرض رجال الأعمال العديد من المعوقات التي تمثل تحديات كبيرة أمام الاقتصاد المصري، جاء أبرزها:
1- ارتفاع الدين العام المحلي والأجنبي:
- الدين المحلي وصل إلى 10 تريليونات جنيه، مع تحمل الموازنة العامة أعباء كبيرة من الفوائد التي بلغت 3 تريليونات جنيه.
- الدولة تواجه أيضًا مديونية دولارية بحوالي 140 مليار دولار بفائدة تصل إلى 6%، ما يثقل كاهل الموازنة العامة.
2- ارتفاع معدلات الفائدة:
- زيادة أسعار الفائدة تؤثر بشكل كبير على تكلفة التمويل للمشروعات، وتحد من قدرة الشركات على التوسع وزيادة استثماراتها.
3- توقف التوظيف في الجهاز الإداري للدولة:
- تراجع أعداد العاملين في الجهاز الحكومي من 6 ملايين موظف إلى نحو 3.5 مليون، مما يؤثر على قدرة الحكومة على تقديم الخدمات اللازمة ويقيد تطور بعض القطاعات.
4- تراجع معدلات النمو الاقتصادي:
- تراجع النشاط الاقتصادي بشكل عام، خاصة في قطاعات مهمة مثل التشييد والبناء، وهو ما ينعكس سلبًا على فرص العمل وزيادة الاستثمارات.
5- انكماش نشاط التشييد والبناء:
- رغم كون قطاع التشييد من القطاعات التي كانت تحقق معدلات نمو عالية، إلا أنه شهد تراجعًا كبيرًا، حيث انخفض استهلاك الحديد في مصر من 9.9 مليون طن في 2010 إلى حوالي 6 مليون طن في السنوات الأخيرة.
- 70% من سكان مصر لا يستطيعون البناء حاليًا، وهو ما يمثل أزمة حقيقية خاصة في المناطق الريفية.
6- تأخر صرف مستحقات المصدرين:
- تأخر الحكومة في صرف مستحقات المصدرين أثر سلبًا على القطاع التصديري، حيث يطالب رجال الأعمال بضرورة تسريع رد الأعباء التصديرية لتشجيع الشركات على زيادة صادراتها.
7- القيود على استثمار القطاع الخاص
- رجال الأعمال أكدوا ضرورة زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد من خلال الاستفادة من النماذج الناجحة في مختلف المجالات لوضع خطط واضحة لزيادة العوائد الدولارية وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص.
مقترحات رجال الأعمال لمواجهة التحديات
- إعادة النظر في سياسات الفائدة: ضرورة خفض أسعار الفائدة لتحفيز الاستثمار المحلي والدولي.
- زيادة دعم الصادرات: تحديث برنامج رد الأعباء التصديرية بما يتناسب مع احتياجات السوق الحالي.
- فتح باب التوظيف في الحكومة: تشجيع الحكومة على استيعاب المزيد من خريجي الجامعات الأجنبية في جهازها الإداري لدعم التوسع الحكومي.
- إعادة هيكلة قطاع التشييد: تعديل القوانين لتسهيل عمليات البناء في القرى والمناطق التي تشهد نقصًا في التراخيص.
- تسريع الإجراءات الجمركية: تسريع عمليات التخليص الجمركي وتقليل الزمن اللازم لدخول الصادرات والواردات إلى الأسواق.
خطط الحكومة لمواجهة التحديات
من جانبه، أكد رئيس الوزراء مصطفى مدبولي على أن الحكومة بصدد تنفيذ إجراءات تهدف إلى مواجهة هذه التحديات، حيث يتم العمل على تقليل الدين العام من خلال استراتيجيات تمويلية جديدة، وتحفيز قطاعات مثل السياحة والصناعة لتوليد العوائد الدولارية.
وأشار مدبولي إلى ضرورة التوسع في الشراكة مع القطاع الخاص في قطاعات حيوية، مثل المطارات والطيران، مع إقرار برامج جديدة لدعم الصادرات، كما تم التركيز على أهمية زيادة العوائد الدولارية عبر تحفيز تحويلات المصريين في الخارج وزيادة أعداد السائحين، مع استهداف الوصول إلى 18 مليون سائح في عام 2025.
خبراء اقتصاد: خطوة صحيحة على طريق النمو
الاجتماع كان بمثابة فرصة لتبادل الأفكار بين القطاعين الحكومي والخاص، وطرح الحلول التي من شأنها تعزيز الاقتصاد المصري في المستقبل، رغم التحديات الحالية.
من جانبه، أشاد الخبير الاقتصادي أحمد خطاب باجتماع الرئيس مع كبار المستثمرين ورجال الأعمال في مصر، واصفًا إياه بأنه "خطوة على الطريق الصحيح نحو النهوض بالاقتصاد المصري وتعزيز الاستثمار في المستقبل".
وقال خطاب، في تصريح خاص لـ"بانكير": "من الضروري وجود تواصل مستمر بين الحكومة ورجال الأعمال للتعرف على جميع التحديات التي تواجه الاقتصاد المصري، لا سيما في قطاع الصناعة".
وأشار إلى أن رئيس مجلس الوزراء استمع لرؤى رجال الأعمال بشأن تطوير مختلف الصناعات وزيادة معدلات النمو الاقتصادي في العام الجديد، وذلك بهدف تذليل كافة العقبات أمام المستثمرين وتعزيز استثماراتهم داخل مصر.
وأوضح الخبير الاقتصادي أن توسع رجال الأعمال في استثماراتهم داخل مصر يسهم في خلق فرص عمل للشباب وخفض معدلات البطالة، إلى جانب تغطية احتياجات السوق المحلي، ومن ثم التوجه نحو التصدير إلى مختلف دول العالم، مشيرا إلى أن مصر شهدت تطورًا ملحوظًا في عدة قطاعات مثل البتروكيماويات، وصناعة الأسمدة، والصناعات الزراعية، وبعض الصناعات الغذائية.
واختتم خطاب تصريحاته قائلاً: "إعطاء رئيس الوزراء الفرصة للاستماع إلى مطالب رجال الأعمال يعزز قدرتهم على النجاح، ويفتح أمامهم المجال لتوسيع استثماراتهم، وخلق المزيد من فرص العمل للشباب، والوصول إلى معدل نمو اقتصادي يلبي طموحات المصريين".
اجتماع مثمر للغاية
وأشاد خبراء الإقتصاد بالاجتماع ووصفوه بأنه “مثمرًا للغاية”، حيث فتح المجال أمام الحكومة للاستماع إلى مقترحات رجال الأعمال وحلولهم للمشكلات التي يعاني منها الاقتصاد المصري.
وأشاروا إلى أن هذا الاجتماع يحمل دلالات عدة، أهمها أن الحكومة تسعى للاستفادة من الآراء والخبرات التي تأتي من خارج الجهاز الحكومي، موضحين أن الاستماع لمقترحات رجال الأعمال حول القضايا الاقتصادية والقوانين المعوقة يعد وسيلة فعالة لتشكيل رؤية شاملة حول كيفية التغلب على التحديات وتسهيل بيئة الاستثمار.
وأضافوا أن هذه الخطوة تؤكد أن الحكومة حريصة على التواصل مع كافة أطياف المجتمع الاقتصادي والاستماع إلى همومهم ومشاكلهم، وتعمل بشفافية على تنفيذ الآليات التي تزيل العقبات أمامهم.
وطالبوا بضرورة معالجة هذه المعوقات بشكل أسرع وأكثر فاعلية لضمان تحفيز الاستثمارات ودعم الاقتصاد المصري في مواجهة التحديات الحالية.
0 تعليق