تُظهر بعض الألعاب أنها ليست مجرد وسيلة للترفيه، بل تُعَدُّ شكلًا من أشكال الفن الحقيقي، حيث تقدم ما لا تستطيع الوسائط الأخرى تقديمه: المشاركة الفعّالة. تمنحك هذه الألعاب الفرصة للتفاعل المباشر، مما يتيح لك تكوين انعكاساتك الشخصية ونظرتك النقدية حول القضايا التي تتناولها.
الحرب، والفساد، والتنمر، والخصوصية ليست سوى أمثلة بسيطة على الموضوعات العديدة التي تظل مرتبطة بواقعنا اليوم. تُعالج العديد من الألعاب هذه القضايا برسائلها الفريدة، حيث تمزج بين الإبداع والخيال لتُبرز سخافة بعض الأوضاع أو تكشف عن حقائقها القاسية. إليك قائمة بألعاب يمكنها تغيير رأي مَن يعتقدون أن الألعاب مجرد وسيلة “طفولية” أو “عنيفة” فقط.
Bully
حتى قبل صدورها، أثارت لعبة Bully جدلًا بسبب عنوانها الذي رآه البعض يشجع على التنمر. لاحقًا، تم تغيير الاسم في أوروبا إلى Canis Canem Edit (بمعنى “الكلاب تأكل بعضها” باللاتينية) لتخفيف الجدل، بل وصل النقاش حول اللعبة إلى البرلمان البريطاني.
تتناول اللعبة ديناميكيات القوة والعنف بين الطلاب، وتستخدم السخرية لتسليط الضوء على قضايا اجتماعية مثل استغلال السلطة، والفساد، والانحراف داخل النظام المدرسي. تصور اللعبة البالغين كشكل من أشكال النقد للمؤسسات التي يُفترض أنها تحمي الطلاب، مقدمة تعليقًا عميقًا حول تعقيدات الحياة المدرسية وتسلسلها الهرمي خلف واجهة ساخرة ومبالغ فيها.
Papers, Please
تضعك اللعبة في دور مفتش حدودي لدولة ذات نظام شمولي، حيث مهمتك الأساسية هي تحديد مَن يُسمح له بدخول البلاد. لكن المهمة ليست بسيطة، إذ عليك الموازنة بين حاجتك للبقاء والضغوط الأخلاقية التي تفرضها قراراتك. وكل ذلك تحت أعين المراقبة المشددة، حيث يتم محاسبتك بدقة على أي مخالفة في الأوراق.
كل قرار تتخذه يؤثر على حياة الأفراد وعائلاتهم، ما يجعلك تتساءل عن العدالة والأخلاق في ظل بيروقراطية خانقة. هل ستختار أن تكون مفتشًا بلا مشاعر أم ستخاطر بكل شيء لتبدأ ثورة من مكتبك الصغير؟
BioShock
تدور أحداث BioShock في مدينة Rapture، وهي مدينة تحت الماء بُنيت على أفكار الحرية المطلقة والقوة. لكن ما يبدأ كحلم يوتوبي (utopian) سرعان ما ينحدر إلى الفوضى، كاشفًا الجانب المظلم للطموح البشري.
يُبرز سقوط المدينة مخاطر القوة غير المُقيّدة والتنازلات الأخلاقية التي تنشأ عندما يتم تقديم المصالح الشخصية على حساب الصالح العام. تدفعك BioShock للتساؤل عن الثمن الحقيقي للسعي وراء الكمال والطموح بأي ثمن.
Depression Quest
Depression Quest ليست لعبة للمتعة بقدر ما هي وسيلة لنقل رسالة، فهي تتيح لك تجربة حياة شخص يعاني من الاكتئاب دون أن تقدم أي صورة مثالية أو خيالية. تُظهر اللعبة النضالات اليومية التي تواجه الأشخاص المصابين بهذه الحالة بشكل مباشر.
أثناء اللعب، قد تجد نفسك غير قادر على اتخاذ القرارات التي تبدو بسيطة، مثل الخروج مع الأصدقاء أو البقاء في المنزل، حيث تقيّد اللعبة اختياراتك بناءً على شدة الاكتئاب الذي تمر به الشخصية. هذا العجز عن القيام بما يعتبره الكثيرون أفعالًا عادية يعكس الشعور الساحق بالعجز الذي يعاني منه المصابون. إنها تجربة عاطفية وثقافية تهدف إلى تسليط الضوء على قضايا الصحة النفسية التي لا زالت مُهملة في كثير من الأحيان.
We Happy Few
تُقدّم We Happy Few عالم ديستوبي (dystopian) يعيش سكانه في حالة سعادة قسرية بفضل حبوب Joy، وهي أدوية هلوسة تجعلهم يرون العالم مليئًا بالألوان والزهور، في حين أن الواقع الحقيقي كئيب ومليء بالرعب. تسلط اللعبة الضوء على مخاطر القمع الاجتماعي وقمع المشاعر الطبيعية.
تُصَوَّر السعادة هنا كأداة قمع، ما يجعلك تفكر في أخلاقيات الامتثال القسري ومدى استعداد الناس للهرب من الواقع. تنتقد اللعبة هوس المجتمع الحديث بالأدوية الموصوفة والحياة المثالية الزائفة التي تُعْرَض على وسائل التواصل الاجتماعي. كما قال الكاتب Alex Epstein: “اللعبة مستوحاة من ثقافة لم تعد تُقَدّر الحزن كجزء طبيعي من الحياة”.
Detroit: Become Human
تستكشف Detroit: Become Human احتمالية أن تُطَوَّر الآلات لتصبح ذات وعي ومشاعر، مما يثير تساؤلات عميقة حول مفهوم “الحياة” وما إذا كان يجب أن تحظى الآلات بالحقوق نفسها التي يتمتع بها البشر. هذه الفكرة ليست جديدة، إذ تناولتها الأفلام، حيث سعت الشخصيات الآلية للعيش بحرية كالبشر. في Detroit، يريد الـDeviants الشيء نفسه، مما يدفع اللاعبين إلى التفكير في مستقبل الذكاء الاصطناعي وما إذا كان علينا أن نشعر بالقلق مع تطور الروبوتات مثل تلك التي يعمل عليها إيلون ماسك.
في اللعبة، تُعطى للاعب الحرية في رسم مستقبل الذكاء الاصطناعي: تحقيق المساواة عبر الطرق الديمقراطية أو السقوط في الفوضى.
Watch Dogs
تدور لعبة Watch Dogs في عالم يُراقَب فيه كل جانب من جوانب الحياة، مما يثير تساؤلات حاسمة حول الخصوصية والمراقبة في العصر الرقمي. حتى اليوم، يعبر العديد من الأشخاص عن مخاوفهم من المراقبة المستمرة، كما يظهر في استخدام البعض لشريط لاصق لتغطية كاميراتهم.
تعكس اللعبة التداعيات المحتملة للعيش في مجتمع تصبح فيه الخصوصية شبه معدومة. كيف يمكن أن تصل التكنولوجيا إلى حد مراقبة كل خطوة نتخذها؟ Watch Dogs تضعك في هذا العالم لتفكر في مستقبل الخصوصية وما قد نخسره في سبيل الراحة التكنولوجية.
This War Of Mine: Final Cut
تأخذك لعبة This War Of Mine إلى الجانب الآخر من الحرب: المدنيين. استوحى مطورو اللعبة أحداثها من حصار سراييفو، الحصار الأطول لمدينة في التاريخ الحديث. لكنها تعكس معاناة المدنيين في أي نزاع، حتى تلك التي تحدث الآن في الوقت الذي تقرأ فيه هذه السطور.
في اللعبة، يُعاني المدنيون من الجوع، والمرض، والتهديد المستمر بالموت. بدلًا من تمجيد الحروب، تقدم اللعبة نظرة قاسية وواقعية على أهوالها وآثارها المدمرة. الهدف ليس فقط تقديم تجربة لعب، بل تسليط الضوء على المعاناة الحقيقية للأبرياء خلال النزاعات.
اذا شفت اسمي هنا فمعناتها أن الموضوع اشتغل عليه أكثر من واحد من فريق العمل، أو انه تصريح رسمي باسم الموقع. بس لا تخلي هالشي يمنعك من انك تتابعني في تويتر وانستقرام. عادي لا تستحي.
0 تعليق