أحلام عائلية عابرة.. قراءة في أفلام مهرجان القاهرة السينمائي

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق google news

تعتبر ثيمة العائلة من الثيمات الشائعة في العديد من الأعمال السينمائية، فهي من الثيمات السادسة والثلاثين الأساسية التي وضعها الكاتب الفرنسي جورج بلوتي، ضمن قائمة الحبكات الكلاسيكية الأشهر في التاريخ والتي لا يخرج عنها أي عمل فني.

وخلال فعاليات نسخته الـ45، ترتكز عدد من أفلام المسابقة الرسمية لـ مهرجان القاهرة السينمائي على هذه الثيمة الثرية بتنويعات ومعالجات مختلفة، لا يمكن فصلها بشكل أو بآخر عن معطيات العصر الحالي. 

b267ec95d9.jpg
Postmarks

في فيلمه الروائي الأول، يستكشف المخرج التركي نجمى سنجاك في شريطه "Ayse" (آيشا)، الصراع العائلي ما بين الواجب والعاطفة الذي تعيشه السيدة الأربعينية آيشا، التي تعيش مع شقيقها الأصغر رضوان، الذي يعاني من متلازمة داون. ولكن هذا الصراع يتأجج عندما تتلقى آيشا عرض زواج من سائق شاحنة دولي يتوقف في محطة الوقود التي تعمل بها، لتجد هذه السيدة نفسها أمام اختيار بين قدرها وأحلامها.

يمكن أن يتقاطع هذا الصراع في فيلم سنجاك، مع صراع عائلي آخر في فيلم الدراما البرازيلي "Malu" (مالو) للمخرج بيدرو فريري، والذي نافس هذا العام على جوائز مسابقة السينما العالمية بمهرجان صندانس السينمائي. حيث تعيش الممثلة الخمسينية العاطلة ذات المزاج المتقلب مالو، مع والدتها المحافظة في منزل متداعٍ بأحد أحياء الصفيح في ريو دي جانيرو، لكن صراعات هذه الممثلة تتشابك مع تواجهات والدتها وعلاقتها المتوترة بابنتها البالغة، وفي الوقت ذاته تعيش على ذكريات ماضيها الفني المجيد.

أما الفتاة "يانا" في فيلم "Postmarks" (طوابع بريد) للمخرجة الروسية ناتاليا نزاروفا، فهى لا تقع أسيرة الواجب والعاطفة كحال "آيشا"، لكنها تعيش حياة رمادية تمارس عملها بأحد مكاتب البريد بينما تنتظر عودة الأب الغائب الذي لا أمل في عودته. ورغم الحالية الصحية الحرجة لهذه الشابة التي تعاني من تأثيرات الشلل الدماغي بطريقة غير ملحوظة، إضافة إلى عرجها البسيط الذي يضفي عليها سحرًا إضافيًا، إلا أنه في أحد الأيام، يأتي البحار بيتر إلى مكتب البريد، فتتغير حياة يانا للأبد.

32ad975f1e.jpg
Snow Drop

وفي مقابل الانتظار الذي بدا في إلتهام "يانا"، هناك عودة للأب في الفيلم الياباني "Snow Drop"  (قطرات الثلج) للمخرج يوشيدا كوتا، الذي سبق وشارك بمهرجان أوساكا للأفلام الأسيوية. هنا، تتفاجأ ناوكو هانامي، التي تعيش مع والدتها كيو، بعودة والدها إيجي، الذي اختفى لسنوات عديدة. فتبدأ ناوكو بالشعور بالارتباك بسبب عودة والدها المفاجئة، لكنها تقبل طلب والدتها لاستقباله ويبدأون في العيش معًا، في انتظار المجهول.

إن دوافع عودة الأب المفقود والخرف من الموضوعات التي زادت بشكل ملحوظ في الأفلام اليابانية. وفي الآونة الأخيرة، كان فيلما "Ripples" و"Great Absence" مثالين آخرين لهذه الدراما العائلية التي تمزج بين القضايا الاجتماعية والمرض وأنواع معينة من الهوس.

وبعيدًا عن غياب وعودة الأب، في الفيلم الإيطالي "Vittoria" (فيتوريا) للمخرجين أليساندر كاسيجولي وكيسي كوفمان، الفائز بجائزة أفضل فيلم إيطالي بمهرجان فينيسيا السينمائي الدولي، تنقلب حياة امرأة رأسًا على عقب بعد وفاة والدها، حيث تواجه حلمًا متكررًا بفتاة صغيرة، مما يدفعها إلى الانغماس في التبني الدولي، مما يعرض زواجها واستقرار أسرتها وبوصلتها الأخلاقية للخطر.

c0698999c6.jpg
2 January

 وإذا كان أبطال الأفلام السابقة يحاولون التمسك بالعائلة، فإن "كلارا" تتطلع إلى التخلي عن زوجها في الدراما المجرية "2 January" (2 يناير) للمخرجة صوفيا سيلاجي، الحائز على جائزة (فيبريسي) بمهرجان ميسكولك السينمائي الدولي في المجر.

في هذا العمل الذي ينتمي إلى دراما الطريق، تدور أحداث الفيلم حول قصة واقعية مصغرة عن الانفصال، من وجهة نظر أفضل صديقة كلارا المقربة. تنتقل كلارا للعيش بعيدًا عن زوجها وتساعدها صديقتها آجي. يقطعان ما مجموعه سبع جولات بالسيارة. ورغم أنهما يسلكان نفس الطريق ذهابًا وإيابًا في كل مرة، إلا أن كل جولة تختلف عن الأخرى.

وفي مقابل انفصال كلارا الاختياري، هناك انفصالا آخر إجباري في الفيلم البنغالي "Dear Maloti" (عزيزتي مالوتي) للمخرج  شانكا داس جوبتا، والذي يشهد عرضه العالمي الأول بمهرجان القاهرة السينمائي. فبعد وفاة الزوج في حريق مدمر، تقع مالوتي، وهي ربة منزل حامل في متاهة بيروقراطية تُشكك في مبادئها الأخلاقية، وتستهدف هويتها الدينية، وتعرض مستقبل جنينها للخطر.

وفي وقت تحاول السينما البنغالية استكشاف قصصها الفريدة عقب الإطاحة بنظام الشيخة حسينة الإستبدادي، ذكر جوبتا أنه فيلمه يستكشف تجارب الحياة العادية، لكنه في الوقت نفسه ينسج منظورًا سياسيًا فريدًا، وهو ما يُعتقد أنه سيلقى صدى لدى المشاهدين. ويرى المخرج الشاب أن فيلمه "يعكس الكثير من فلسفتي الشخصية ويهدف إلى إظهار أن الفن لا ينفصل أبدًا عن السياسة".

1a2ab6f6a2.jpg
Dear Maloti

وفي أول ظهور روائي طويل لها، تستكشف المخرجة الأمريكية ذي الأصول الصينية كونستانس تسانغ، في فيلمها "Blue Sun Palace" (قصر الشمس الزرقاء)، الفائز بجائزة اللمسة الفرنسية بمسابقة أسبوع النقاد بمهرجان كان السينمائي هذا العام، تجربة البحث عن العائلة.

ورغم أن الفيلم يعد بمثابة تجربة عنيفة، إلا أنه يحفز روابط عائلية وأسرية ما بين مهاجرتين صينتين في أمريكا. فعلى بُعد آلاف الأميال من الوطن وداخل صالون تدليك في نيويورك، تنتقل إيمي وديدي بين الرومانسية والسعادة وواجبات الأسرة. على أمل العثور على عائلة، لكنها تصبح على المحك خلال رأس السنة القمرية الجديدة.

وفي مراجعتها للفيلم بموقع "فارايتي"، قالت الناقدة أليسا سيمون، إن الفيلم أقرب إلى الأفلام الفنية الأوروبية منه إلى الأفلام المستقلة الأميركية، فهو يعطي الأولوية للمزاج على الحبكة. وتمنح تسانغ ممثليها ذوي الخبرة مساحة كبيرة للتنفس للتعبير عن الحزن الذي يحيط بوجودهم في مواقف حيث من المرجح أن يتم تأجيل الأحلام بدلاً من أن تتحقق، ولكنها ضرورية على الرغم من ذلك.

وبالحديث عن تيمة العائلة الغالبة على أفلام هذه المسابقة، لا يمكننا أن نغفل شريط المخرج رشيد مشهراوي "أحلام عابرة" (Passing Dreams)، والذي يفتتح فعاليات النسخة الـ45 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي. يتتبع صانع الأفلام الفلسطيني شخصية سامي، صبي يبلغ من العمر 12 عامًا، يطارد حمامًا زاجلًا على طول الخط الأخضر الفاصل بين فلسطين وإسرائيل.

يمكن أن تكون قصة الفيلم بعيدة عن ثيمة العائلة، لكن خلال الرحلة التي ينطلق خلالها الصبي عبر فلسطين تتشكل رابطة عائلية ليس بتعريفها التقليدي، حيث يلتقي الصبي بفلسطينيين آخرين يتشاركون جميعهم الحكايات تمامًا كأسرة واحدة، ليقتنع الصبي بأن الطائر قد عاد إلى صاحبه الأصلي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق