واشنطن بوست: التصويت بحجب الثقة قد يغرق فرنسا في فوضى سياسية ويؤثر اقتصاديا على أوروبا

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
google news

رأت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية في عددها الصادر اليوم الأربعاء أن التصويت بحجب الثقة قد يؤدي إلى انهيار الحكومة الفرنسية والذي من شأنه أن يغرق البلاد في فوضى سياسية وقد يكون له آثار اقتصادية في أوروبا.

وذكرت الصحيفة في تقرير إخباري إن الاضطرابات في فرنسا التي تأتي بعد أسابيع فقط من انهيار الحكومة الألمانية، تهدد بترك اثنتين من أقوى دول أوروبا بلا دفة في لحظات حاسمة، حيث يحذر المسؤولون الأوروبيون من ضرورة الاستعداد إذا أطلق الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب حربا تجارية أو خفض المساعدات لأوكرانيا.

ورجحت الصحيفة أن يجمع التصويت بحجب الثقة الذي يدعمه كل من أقصى اليمين وأقصى اليسار ما يكفي من الأصوات لإسقاط حكومة رئيس الوزراء ميشيل بارنييه، مما يجعل هذه الحكومة الأقصر خدمة في الجمهورية الفرنسية الحديثة والأولى منذ ستة عقود التي أطاح بها تصويت بحجب الثقة.

وأشارت الصحيفة إلى أن المشكلة هي أنه لا توجد مجموعة واضحة من الشخصيات التي يمكنها تشكيل حكومة مستقرة، ولا يمكن إجراء انتخابات تشريعية جديدة قد تغير الديناميكيات السياسية قبل الصيف. ولكن في غياب حكومة في مكانها، لن تتمكن فرنسا من معالجة الفجوة الهائلة في ماليتها العامة أو حل حالة عدم اليقين التي قد تخيف الأسواق وتثقل كاهل اقتصادات منطقة اليورو الأخرى.

وأوضحت الصحيفة أن الأزمة بلغت ذروتها هذا الأسبوع بسبب خطط الحكومة لخفض الميزانية ولكنها تعود إلى مقامرة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بإجراء انتخابات تشريعية مبكرة، والتي أبقت حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف خارج الحكومة ولكنها أعطت مارين لوبان، زعيمته، دور صانع الملوك في مشهد سياسي مجزأ بشدة.

وفي فرنسا، يجب أن يفوز اختيار الرئيس لرئيس الوزراء بموافقة المشرعين. منذ البداية، قالت لوبان إن حزبها سيعارض أي مرشح من التحالف اليساري الذي حصل على أكبر عدد من المقاعد في انتخابات يوليو الماضي، وإن كان يفتقر إلى الأغلبية الحاكمة.

ولهذا تم اختيار بارنييه - المحافظ التقليدي والمفاوض السابق للاتحاد الأوروبي بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي - كسياسي مخضرم يمكنه التنقل عبر حقل الألغام وتأمين الدعم الضمني من لوبان. لكن حكومته كانت تحت تهديد شبه دائم بالانهيار منذ توليها منصبها في سبتمبر الماضي، ومصيرها في أيدي لوبان.

ومع ذلك، كان بارنييه عازمًا على تخفيضات الإنفاق الضخمة لاستعادة السيطرة على العجز المتصاعد في فرنسا وعبء الديون. وفي يوم الاثنين الماضي، بعد تجاوز بارنييه لمجلس النواب في البرلمان لفرض مشروع قانون الميزانية، دعا حزب لوبان والتحالف اليساري إلى التصويت بحجب الثقة.

وتابعت الصحيفة أن معركة الميزانية سمحت للوبان باستعراض عضلاتها السياسية والدفاع علنًا عن الشعبوية، ففي خطاب ناري خلال المناقشة التي جرت اليوم الأربعاء، قالت إن قرارها بدعم التصويت على حجب الثقة كان من أجل وقف الميزانية التي "تأخذ الفرنسيين رهائن، وخاصة الأكثر ضعفًا، والمتقاعدين من ذوي الدخل المنخفض، والمرضى، والعمال الفقراء، والفرنسيين الذين يعتبرون أغنياء للغاية بحيث لا يمكن مساعدتهم ولكن ليسوا فقراء بما يكفي للهروب من الضرب الضريبي".

ولفتت الصحيفة إلى أن توقيت تحرك لوبان أثار تساؤلات خاصة أنه من المعروف أن زعيمة التجمع الوطني المعادي للهجرة والمتشككة في الاتحاد الأوروبي تضع الرئاسة الفرنسية نصب عينيها. ومن المقرر أن تُجرى الانتخابات الرئاسية المقبلة في البلاد في عام 2027، وقال ماكرون مؤخرا إنه سيقضي فترة ولايته الثانية المنتخبة "بكل طاقتي حتى اللحظة الأخيرة لأكون مفيدا للبلاد". ولكن بعض المحللين يقولون إن لوبان قد تأمل أن تدفعه الأزمة إلى الاستقالة مبكرا.

وتواجه لوبان أيضا تعقيدات المحاكمة التي تتهمها وأعضاء حزبها باختلاس ملايين اليورو من أموال البرلمان الأوروبي. وسعى المدعون العامون إلى فرض حظر لمدة خمس سنوات على تولي المناصب العامة من شأنه أن يمنعها من الترشح للرئاسة في عام 2027. ومن المتوقع صدور الحكم في أواخر مارس المقبل.

ونوهت الصحيفة بأن انهيار الحكومة قد يدفع البلاد إلى عمق منطقة مجهولة حيث قد يطلب ماكرون من حكومة بارنييه البقاء في دور تصريف الأعمال، في حين يحاول الرئيس إيجاد رئيس وزراء آخر لن يتعرض للانتقاد الفوري من قبل أغلبية المشرعين، وهذه ليست مهمة سهلة خاصة أن البلاد تواجه موعدًا نهائيًا في نهاية الشهر لفرز ميزانيتها وتجنب إغلاق الحكومة.

وفي نفس الوقت، تثير الأزمة السياسية في فرنسا مخاوف من أزمة مالية، حيث يشعر المستثمرون بالقلق بشأن مصير سلسلة من التدابير العلاجية التي تهدف إلى معالجة العجز المرتفع في الميزانية في البلاد - والذي يتجاوز 6% من إجمالي الناتج المحلي.

ولقد شهدت فرنسا تراكمًا في ديونها وعجزها بعد الإنفاق بسخاء لحماية الدخول خلال عصر كوفيد-19 وحماية الناس من ارتفاع أسعار الطاقة الذي أعقب حرب روسيا وأوكرانيا. والآن، من شأن المستنقع المالي أن يفرض ضريبة متزايدة على فرنسا في وقت تواجه فيه أوروبا رياحًا اقتصادية معاكسة أخرى، بما في ذلك الاقتصاد الألماني الضعيف المجاور.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق