اللواء الدكتور وائل زكريا يكتب: ماذا يريد ترامب من المنطقة؟

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

مع اقتراب موعد تنصيب دونالد ترامب رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير المقبل، تعود التساؤلات بقوة حول سياساته تجاه منطقة الشرق الأوسط، خاصة في ظل دعمه الصريح لإسرائيل ورؤيته القائمة على “سياسة الصفقات”.

الشرق الأوسط كان ولا يزال محوراً رئيسياً في الاستراتيجية الأمريكية، وهو ما يجعل عودة ترامب إلى البيت الأبيض محط أنظار العالم بأسره. فما الذي يريده ترامب من المنطقة؟ وهل يسعى إلى إعادة ترتيب الأوراق بما يخدم رؤيته وأهدافه الشخصية أم المصلحة الأمريكية؟

ترامب وإسرائيل: تحالف استراتيجي بلا حدود

منذ رئاسته الأولى، أظهر ترامب انحيازاً غير مسبوق لصالح إسرائيل، وهو ما تجسد في قرارات تاريخية مثل الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل ونقل السفارة الأمريكية إليها عام 2018. هذه الخطوة لم تكن مجرد تغير سياسي، بل إعلان واضح عن استراتيجية أمريكية تتجاهل حقوق الفلسطينيين لصالح دعم مطلق لإسرائيل.

صفقة القرن، التي طرحها كحل شامل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، أكدت هذا التوجه. الصفقة ركزت على الجوانب الاقتصادية أكثر من الحقوق السياسية، وهو ما أثار موجة غضب واسعة في العالم العربي والإسلامي. ترامب أراد من هذه الصفقة تعزيز النفوذ الإسرائيلي دون النظر إلى آثارها الكارثية على عملية السلام في المنطقة.

إيران: العدو الأول في أجندة ترامب

خلال ولايته الأولى، انسحب ترامب من الاتفاق النووي مع إيران عام 2018، وفرض سلسلة من العقوبات الاقتصادية القاسية التي استهدفت شل اقتصادها وتقييد نفوذها الإقليمي. إيران بالنسبة لترامب كانت العائق الأكبر أمام الاستقرار الذي يرغب فيه وفق رؤيته الخاصة.

سعى ترامب إلى تقويض دعم إيران للميليشيات في لبنان والعراق واليمن وسوريا، إلا أن هذه السياسات لم تحقق نجاحاً كبيراً، بل دفعت إيران لتوسيع شراكاتها مع خصوم واشنطن، مثل روسيا والصين، مما زاد من تعقيد المشهد الجيوسياسي.

سياسة الصفقات: المال أولاً

ترامب كرجل أعمال ينظر إلى السياسة بمنطق الأرباح والخسائر. الشرق الأوسط، بالنسبة له، لم يكن ساحة لتحقيق السلام أو تقديم حلول طويلة الأمد، بل سوقاً ضخمة لعقد الصفقات الاقتصادية والعسكرية.

خلال فترة حكمه، وقع صفقات تسليح بمليارات الدولارات مع دول الخليج العربي، مؤكداً في أكثر من مناسبة أن “أمريكا لن تحمي أحداً مجاناً”. هذه السياسة كانت تهدف إلى تعزيز الاقتصاد الأمريكي وتأكيد هيمنة واشنطن على المنطقة، مع ضمان استمرار تدفق النفط واستقرار أسعار الطاقة.

ماذا يحمل المستقبل؟

مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض، يبقى السؤال: هل سيتبنى نهجاً مغايراً أم أنه سيستمر في سياساته السابقة التي ركزت على دعم إسرائيل ومحاصرة إيران؟

الشرق الأوسط بالنسبة لترامب ليس مجرد منطقة جغرافية، بل ركيزة أساسية لتحقيق أهدافه الاقتصادية وتعزيز مكانته كرئيس قادر على فرض هيمنته. ومع ذلك، فإن سياساته أثارت الكثير من التوترات، وعمقت الانقسامات، وأضعفت فرص تحقيق الاستقرار في المنطقة.

خاتمة: حسابات معقدة

بين دعم مطلق لإسرائيل، وسياسة حصار ضد إيران، وصفقات تسليح مع دول الخليج، يبدو أن رؤية ترامب للمنطقة لا تخرج عن إطار المصلحة الأمريكية المباشرة. ومع ذلك، فإن دول المنطقة أمام تحد كبير لحماية مصالحها وتحقيق توازن في علاقاتها الدولية.

فهل ستستطيع الدول العربية استغلال اللحظة لحماية أمنها القومي ومصالح شعوبها؟ أم أن المنطقة ستبقى رهينة لسياسات البيت الأبيض وأجندات ترامب؟

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق