08:58 م الأحد 08 ديسمبر 2024

كـتب- علي شبل:

ضمن القصص القرآني قصة أصحاب الكهف التي وردت بسورة الكهف، وهي سورة مكية، عدد آياتها (110) آيات، والكهف هو الغار في الجبل، وقد تضمنت هذه السورة قصصا أربعاً؛ وهي قصة أصحاب الكهف، وقصة صاحب الجنتين، وقصة موسى والخضر، وقصة ذي القرنين.

وفي التقرير التالي يرصد مصراوي قصة سيدنا الخضر عليه السلام: مَن هو؟ وهل هو نبي أو ولي؟ وهل هو حي إلى اليوم كما يقول بعض الناس، وإن بعض الصالحين قد رآه أو اجتمع به؟ وإذا كان حيًا فأين يقيم؟ ولماذا لا يظهر ويفيد الناس بعلمه وخاصة في هذا الزمان؟

(2) قصة الخضر عليه السلام مع سيدنا موسى

تبدأ القصة حين خطب موسى عليه السلام في بني إسرائيل، حيث ورد عن أبي بن كعب رضي الله عنه أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: (إِنَّ مُوسَى قَامَ خَطِيبًا فِي بَنِي إِسْرَائِيلَ ، فَسُئِلَ: أَيُّ النَّاسِ أَعْلَمُ. فَقَالَ: أَنَا. فَعَتَبَ اللَّهُ عَلَيْهِ إِذْ لَمْ يَرُدَّ الْعِلْمَ إِلَيْهِ، فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَيْهِ إِنَّ لِي عَبْدًا بِمَجْمَعِ الْبَحْرَيْنِ هُوَ أَعْلَمُ مِنْكَ).

فقرر موسى عليه السلام أن يسير إلى "مجمع البحرين" للقاء ذلك العبد الذي هو أعلم من موسى عليه السلام، وهو الخضر عليه السلام، العبد الصالح الذي ذكره الله تعالى في سورة الكهف حيث رافقه سيدنا موسى عليه السلام وتعلم منه. اشترط عليه أن يصبر، فأجابه إلى ذلك، فقال له: وكيف تصبر على ما لم تحط به خبرًا، وظل معه، وهو عبد آتاه الله رحمة من عنده وعلمه من لدنه علمًا، ومشي معه في الطريق ورآه قد خرق السفينة فقال: أخرقتها لتغرق أهلها؟... إلى آخر ما ذكره الله عنه في سورة الكهف.

وكان موسى يتعجب من فعله، حتى فسّر له أسباب هذه الأمور وقال له في آخر الكلام: {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا} (الكهف:82) يعني ما فعلت ذلك عن أمري، وإنما عن أمر الله تعالى.

هل يعيش شيخنا الخضر حتى الآن؟

بعض الناس يقولون عن الخضر: إنه عاش بعد موسى إلى زمن عيسى ثم زمن محمد عليهم صلوات الله وسلامه أجمعين وأنه عائش الآن وسيعيش إلى يوم القيامة. وتنسج حوله القصص والروايات والأساطير، لكنه ليس هناك دليل قط على أن الخضر حي أو موجود - كما يزعم الزاعمون - بل على العكس، هناك أدلة من القرآن والسنة والمعقول وإجماع المحققين من الأمة على أن الخضر ليس حيًا.

وقد سُئل عنه شيخ الإسلام ابن تيمية ـ رحمه الله ـ ، فقال: "لو كان الخضر حيًا لوجب عليه أن يأتي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ويجاهد بين يديه ويتعلم منه، وقد كان النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يوم بدر: "اللهم إن تهلك هذه العصابة لا تعبد في الأرض"، وكانوا ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلا معروفين بأسمائهم وأسماء آبائهم وقبائلهم، فأين كان الخضر حينئذ؟ فالقرآن، والسنة، وكلام المحققين من علماء الأمة ينفي حياة الخضر كما يقولون.

القرآن يقول: {وَمَا جَعَلْنَا لِبَشَرٍ مِّن قَبْلِكَ الْخُلْدَ أَفَإِن مِّتَّ فَهُمُ الْخَالِدُونَ} فالخضر إن كان بشرًا فلن يكون خالدًا، حيث ينفي ذلك القرآن الكريم والسنة المطهرة؛ فإنه لو كان موجودًا لجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال عليه الصلاة والسلام: "والله لو كان موسى حيًا ما وسعه إلا أن يتبعني" (رواه أحمد عن جابر بن عبد الله) فإن كان الخضر نبيًا، فليس هو بأفضل من موسى، وإن كان وليًا فليس أفضل من أبي بكر.

ويستدل أهل العلم بطرح السؤال: وما الحكمة في أن يبقى طيلة هذه المدة - كما يزعم الزاعمون - في الفلوات والقفار والجبال؟ ما الفائدة من هذا؟ ليس هناك فائدة شرعية ولا عقلية من وراء هذا. إنما يميل الناس دائمًا إلى الغرائب والعجائب والقصص والأساطير.

هل سيدنا الخضر نبي؟

أما السؤال حول: هل هو نبي أو ولي؟ فالعلماء قد اختلفوا في ذلك، ولعل الأظهر أنه نبي، كما يبدو من الآية الكريمة التي وردت في سورة الكهف... {وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ أَمْرِي} فهي دليل على أنه فعل ذلك عن أمر الله، ومن وحيه لا من عند نفسه. فالأرجح أنه نبي وليس مجرد ولي.

اقرأ أيضًا:

ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. المفتي يوضح رأي الشرع

مريض بالسرطان ويسأل عن حكم الموت الرحيم.. رسالة مؤثرة من أمين الفتوى