عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم كيف تختار الرأي الشرعي عند تعدد الفتاوى؟.. علماء يشرحون قاعدة "استفتِ قلبك" - في المدرج
09:55 م الثلاثاء 10 ديسمبر 2024
كـتب- علي شبل:
"استفت قلبك.. وإن أفتاك الناس وأفتوك"، قاعدة يطبقها الكثيرون عند تعدد الآراء الفقهية للعلماء والمذاهب، استنادا لحديث النبي صلى الله عليه وسلم إلى وابصة الذي جاء فيه: ("يا وابصة، استفت قلبك، والبر ما اطمأنت إليه النفس، واطمأن إليه القلب، والإثم ما حاك في القلب، وتردد في الصدر، وإن أفتاك الناس وأفتوك").. فما صحيح هذا الفهم، وهل وافق إجماع العلماء أم صادف اختلافا فقهيا وتفسيرا مغايرا؟
في التحقيق التالي، يرصد مصراوي رأي العلماء في مسألة اختيار المسلم الرأي الشرعي عند تعدد الفتاوى والمذاهب، والمعنى الصحيح للقاعدة الفقهية "استفتِ قلبك" التي وردت بحديث النبي صلى الله عليه وسلم:
لا استفتاء للقلب دون علم
أوضح المفتي السابق، الدكتور شوقي علام، معنى "استفتِ قلبك" قائلًا إنه ليس معناها أن تختار لنفسك ما تشاء دون علم ولكن معناها الحقيقي أنك إذا خيِّرت بين أمرين كليهما صحيح من عالم حق فاستفت قلبك في أي الرأيين يكون مناسبًا لحالتك.
ولفت علام، خلال لقاء فضائي سابق، إلى أن الحالة التي يستفتي فيها المؤمن قلبه دون الرجوع لأحد عندما لا يجد من العلماء الصالحين من يفتيه - وهذا نادر الآن، فالعلماء كثيرون في زماننا هذا في المؤسسات الدينية الرسمية - فحينها يستفتي قلبه ويعمل بما يرتاح له، ولكن أيضًا عن علم بالله عز وجل ومعرفة بدينه، فليس هناك استفتاء للقلب دون علم، وهذا خطأ يقع فيه الكثيرون اليوم.
لماذا اختلفت المذاهب و"الكتاب والسنة" واحد؟
شرح الداعية السعودي الدكتور سعد الخثلان، أستاذ الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، السبب وراء اختلاف المذاهب الفقهية رغم مرجعيتها المشتركة المتمثلة في الكتاب والسنة، قائلًا إن الاختلاف سُنة من سُنن الحياة بطبيعة الحال، حيث إن هناك اختلافا في جميع العلوم من الطب والهندسة وغيرهما من العلوم، والشريعة الإسلامية علم من العلوم، فمن الطبيعي أن يكون فيه اختلاف.
وأرجع الخثلان، في مقطع فيديو سبق أن نشره عبر حسابه بمنصة التواصل الاجتماعي إكس (تويتر سابقا)، الاختلاف في الشريعة وسبب تعدد المذاهب إلى نتيجة الاختلاف في التفكير بين الناس، لافتا إلى أن هناك ما هو مجمع ومتفق عليه وهو الأغلب، وهناك ما هو مختلف عليه.
رأي يحسم جدل اختلاف الفتاوى
وحسم عالم الشريعة السعودي جدلا حول مسألة مهمة، وهي أي من الآراء والفتاوى طالما تعددت يأخذ بها المستفتي، وطرح تشبيها بليغا في تلك المسألة، قائلًا: المستفتي مثل المريض الذي اختلف الأطباء في علاجه، فيفكر في رأي أي طبيب يأخذ، هنا نجده يأخذ رأي الطبيب الأكثر علما والأكثر ثقة من غيره.
وتابع أستاذ الشريعة بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية: هكذا المستفتي يأخذ برأي الفقيه والعالم الأكثر علما في أمور الدين والأكثر ثقة في علمه ودينه وأمانته، فيتبع قوله وليس له أن يتخير أو أن يختار الأيسر له أو ما يوافق هواه، فليس له ذلك، وإنما عليه أن يأخذ برأي من هو أوثق بعلمه ودينه وأمانته.
— قناة الرسالة (@alresalahnet) https://twitter.com/alresalahnet/status/1846610055753617548?ref_src=twsrc%5Etfw3 قواعد شرعية تضبط حال المفتي والمستفتي
وكان الدكتور علي جمعة، مفتي الجمهورية السابق وعضو هيئة كبار العلماء، ناقش قضية الاختلاف بين الفتاوى في أحد مجالسه العلمية، فوضح الضوابط والقواعد التي على المسلم العمل بها في حال اختلاف الفتوى، سواء كان هو المستفتي أو المفتي، واضعاً ثلاث قواعد لهذا الأمر وهي:
1- لا نتنقل بالفتوى بين العلماء، بل نجعل من نثق فيه في ديننا هو مصدر فتوانا.
2- على المفتي أن يتخير للناس ما هو صالح.
3- من وقع في حيرة الخلاف بين الآراء فعليه أمر من الثلاثة:
- لا ينكر المتفق عليه.
- لا ينكر المختلف فيه.
- من ابتُلي بشيء من المختلف فيه يقلد من أجاز، وأن الاحتياط مستحسن، والاحتياط في المحل واجب.
وشرح جمعة بالتفصيل القاعدة الثالثة الخاصة باختيار الفتوى عند تعدد الآراء، وذلك خلال أحد مجالسه العلمية السابقة، فلخص جمعة ذلك في ثلاث نقاط: أولاها أنه لا ينكر المتفق عليه ولا ينكر المختلف فيه، فإذا كان الأمر متفق عليه بين المسلمين كحرمة الخمر ووجوب الحجاب وغير ذلك مما اتفق عليه الخلف والسلف حتى صار من المعلوم بالدين بالضرورة فإنه لا يجوز الخروج عن المتفق عليه بهذه الصفة.
أما لو حدث خلاف من الأئمة المجتهدين- يقول جمعة- مثل قراءة البسملة في الفاتحة أو عدم قراءتها أو القنوت في الفجر من عدمه، والتي كثيرًا ما يختلف فيها الأئمة لأسباب كثيرة، فيجوز له في هذا أن يقلد من يشاء.
وأشار جمعة إلى أن من ابتُلي بشيء مما اختلف فيه، على ما أورده الباجوري في حاشيته، فليقلد من أجاز، ومثل ذلك رأي ابو حنيفة في جواز جعل آنية الفضة حاملًا لفنجان القهوة، لأنه لا يشرب في الحامل وإنما يشرب في الفنجان فهو لا يشرب في الفضة، وينهى عن ذلك الشافعي، وهو ما أحدث خلافًا وقتها داخل كل أسرة، فعندما عرض الأمر على الإمام الباجوري، "فهناك مرونة لا عدوان على الأسرة ولا على الأب والأم، وهذا لا يقدح حتى في انتماءك الشافعي وإنما يسهل الحياة على المسلمين".
والأمر الآخر الذي نبه إليه جمعة هو "الاحتياط"، والاحتياط يأتي من الاشتباه، اشتباه في المحل والاحتياط فيه واجب، مثل الدجاجة أراها أمامي فلا أعرف هل هي مخنوقة أم مذبوحة أم ماذا، فإذا كانت الشبهة كذلك فيجب الاحتياط، وهناك اشتباه في الفاعل، يقول جمعة، وهي صورة ذهنية في العقل مخالفة للحقيقة، فيظن المرء أن السائل عصير، لكنه يكون خمرًا، فشربه، "فليس هناك تكليف لأنه خطأ ولا إثم عليه"، أما الثالثة، فيقول جمعة، هي شبهة المذهب، مثل قول ابو حنيفة بعدم نقض الوضوء عند السلام على أجنبية، بينما يرى الشافعية أنه ينقض الوضوء، فإن كان يستطيع الوضوء فالاحتياط ان يتوضأ وإن كان لا يستطيع فليقلد من أجاز.
اقرأ أيضًا:
علي جمعة يوضح المراد من قول النبي "العهد الذى بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر"
سنة أم بدعة؟.. أستاذ بالأزهر يوضح حكم القيام عند مرور الجنازة
هل المصحف بطريقة برايل يأخذ نفس أحكام القرآن الكريم؟.. المفتي يوضح
0 تعليق