الاربعاء 11 ديسمبر 2024 | 03:44 مساءً
في سوريا، حيث الألم لا يعرف حدودًا، تواصل العائلات البحث عن أحبائهم المفقودين في واحدة من أكثر الأزمات الإنسانية ترويعاً في العصر الحديث.
بين سجن صيدنايا، الذي وصفته منظمة العفو الدولية بأنه "مكان لإبادة البشر"، ومشرحة مستشفى المجتهد في دمشق، يبرز وجه المعاناة الإنسانية بأشد صوره قسوة.
صيدنايا: بوابة الموت وصرخات الأمل
مشهد مؤلم رسمته صحيفة نيويورك تايمز, عند بوابة سجن صيدنايا سيئ السمعة، تجمع عشرات السوريين يحملون صور أحبائهم المفقودين. رجل يقرأ أسماء مكتوبة على قائمة، وأصوات المكلومين تمزق صمت المكان. "أخي!"، يصرخ أحدهم، بينما تحمل امرأة صورة ابنها المختفي منذ 11 عاماً، في مشهد يجسد الألم واليأس.
تظل الحبال المُلطخة بالدماء متدلية من المشنقات داخل السجن، شاهدة على عمليات الإعدام الجماعية. الزنازين المظلمة تحكي قصصاً عن السجناء الذين قضوا سنوات في الحبس الانفرادي. بينما تنتشر شائعات بين الحشود عن غرف تعذيب سرية تحت الأرض، يبدأ البعض الحفر بأيديهم، محاولين اكتشاف ما لا يمكن تصديقه.
"آلات الموت" ووحشية النظام
استُخدمت آلات هيدروليكية لسحق الجثث والتخلص منها بسهولة وفقاً لشهادات الناجين. الوثائق المتناثرة داخل السجن تحمل أدلة على الجرائم المرتكبة. كل شخص يحمل هاتفه، يصور كل زاوية، كأنها محاولة لتوثيق الحقائق وطلب العدالة.
مشرحة المجتهد: الوجوه الغائبة والألم الحاضر
نقلت 38 جثة من سجن صيدنايا إلى مشرحة مستشفى المجتهد بدمشق بعد أيام من سقوط النظام. تدفق المئات إلى المشرحة، يمسكون صوراً لأحبائهم، يبحثون بين الجثث المشوهة عن وجوه مألوفة.
يتسلل الأمل الممزوج بالخوف داخل المشرحة. ويفتح البعض الأبواب الفولاذية لثلاجات الموتى، يزيحون الأغطية عن الجثث، ويمسحون وجوه القتلى بأيديهم، محاولين استرجاع ذكريات من الماضي.
"كيف يمكننا التعرف عليهم؟" تسأل امرأة والدموع تملأ عينيها، بينما يقلب آخر الصور المنشورة على قناة تيليجرام التي أنشأها الطب الشرعي. معظم الجثث هزيلة، والوجوه غائرة، والذكريات القديمة تحل مكانها صور أشباح الحياة.
الصدمة في سوريا ما بعد الأسد
وحكى وسام وهو شاب سوري يبلغ من العمر 21 عام لصحيفة الجارديان البريطانية، وهو يتجول في سجن صيدنايا بذهول. "لم أتخيل يوماً أن أدخل مبنى حكومياً في دمشق"، يقول بينما تتناثر صور الرئيس المخلوع بشار الأسد على الأرض.
أمل رغم الألم
يصر الناجون وعائلات المفقودين على مواصلة البحث عن إجابات مع كل لحظة. "بعد خمسين عاماً من الصمت، لدينا فرصة أخيراً لنروي قصتنا"، يقول أحد الآباء بصوت مرتعش.
رغم الألم، تبقى العائلات مؤمنة بضرورة تحقيق العدالة والمساءلة، لتحويل ذكريات الألم إلى نقطة انطلاق نحو مستقبل يحمل الأمل والمصالحة.
0 تعليق