رصد المؤشر العالمى للفتوى التابع لدار الإفتاء المصرية، والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم، عينة من الفتاوى مقدارها ٢٥٠ فتوى خلال عام ٢٠٢٤ حول موضوع ترويج الشائعات.
وبيّنت نتائج التحليل الموضوعى للدار أن فتاوى المؤسسات الرسمية، والممثلة فى الأزهر الشريف ودار الإفتاء ووزارة الأوقاف، حرصت دائمًا على محاربة الشائعات من خلال عدة محاور، جاء فى مقدمتها: التثبُت من المعلومات، وبشكل خاص خلال الأزمات بنسبة ٣٣٪ من جملة محاور الفتاوى الصادرة عن تلك المؤسسات الإفتائية الرسمية.
وأشار مؤشر الفتوى إلى أن موضوع النهى عن ترديد الشائعة بالألسن وتناقلها عبر مواقع التواصل الاجتماعى جاء فى المرتبة الثانية بين عينة الفتاوى المذكورة بنسبة ٣٠٪، فى حين حلّ موضوع النهى عن الإرجاف أو ترويج الكذب والباطل فى المجتمع فى الترتيب الثالث بنسبة ٢٥٪، وأخيرًا جاء محور التحذير من عواقب نشر الشائعات وبيان خطورة ذلك بنسبة ١٢٪.
وأكد المؤشر أن تحليل مضمون فتاوى المؤسسات الرسمية أشار إلى أمرين: الأول أن مروّجى الشائعات إما يتناقلونها عن جهل بأضرارها وعقوبتها فى الشريعة الإسلامية، أو ينشرونها بسوء نية للتشكيك فى مؤسسات الدول ومسئوليها وقياداتها، أما الأمر الثانى فلفت إلى أن أهم الأسباب الرئيسية لانتشار الشائعات هو أهمية موضوع الشائعة نفسها؛ فكلما كان الموضوع ذا أهمية كثُرت الشائعات حوله، وكذلك قلة انتشار المعلومات الصحيحة الخاصة بموضوع الشائعة، فكلما كان أصل الموضوع غامضًا تكثُر الشائعات حوله أيضًا.
وأضاف مؤشر الفتوى أن مضمون الفتاوى أورد أسبابًا أخرى لترويج الشائعات مثل الدافع النفسى من الحقد والغل وكراهية الآخر، وذلك بنشر شائعات الافتراء واختلاق الأكاذيب على الطرف الآخر، وكذلك دور وسائل التواصل الاجتماعى وجروباتها؛ حيث تسهم بدرجة كبيرة فى سرعة انتشار الشائعات ووصولها لقطاعات عريضة من الناس.
وتابع المؤشر أن كل النصوص الشرعية من الكتاب والسنة تضافرت على حُرمة نشر الأكاذيب والأقاويل المظنونة غير المُتثَبَّت من صحتها، فيما يُعرف بـ«ترويج الشائعات»، مؤكدة أن ذلك أمر منهى عنه شرعًا إذا كان ذلك فيما يخص الشأن العام، ويزداد الأمر جُرمًا وإثمًا إذا كان فى أوقات الأزمات أو كان نشرًا للبلبلة وزعزعةًلاستقرار الأوطان.
ولفت إلى عدم اكتفاء المؤسسات الدينية الرسمية «الأزهر الشريف ودار الإفتاء» بإصدار الفتاوى فقط، بل اهتمت أيضًا على مدار السنوات الماضية بعقد عدد من الحملات والمبادرات التوعوية للتحذير من خطورة الشائعات والأكاذيب، من بينها إطلاق سلسلة تغريدات عبر الحسابات الاجتماعية الرسمية، وإصدار وتقديم الكتب والمؤلفات، ككتاب «الشائعات الكاذبة وكيف حاربها الإسلام»، للدكتور محمد سيد طنطاوى، شيخ الأزهر الراحل، الذى قدمه جناح الأزهر الشريف بمعرض القاهرة الدولى للكتاب ٢٠٢٠، فضلًا عن إطلاق العديد من مقاطع الفيديو و«الموشن جراف» تحت عناوين مختلفة، منها «الكلمة أمانة»، و«هوس الترند»، و«طريقة تفكير التنظيمات الإرهابية»، وغيرها.
وأكدت المؤسسات من خلال تلك المبادرات ضرورة عدم الانقياد وراء الكلمات والأكاذيب التى تطلقها وتستخدمها جماعات الخوارج والإرهاب وتيارات التشدد لضرب المجتمع، وأن يكون المسلم محبًّا لأمته ومجتمعه، وألا يكون بوقًا لنشر الكذب والشائعات؛ لأن حفظ الوطن والمجتمع وسلامته من الإيمان.
وكشف المؤشر عن أن مبادئ الشريعة الإسلامية قدمت وسائل وعلاجًا ناجعًا للتصدى لمروجى الشائعات والأكاذيب، وأهم تلك الوسائل: وأد الشائعة فى مهدها قبل تفاقمها حتى لا تكون وبالًا على المجتمع، وكذلك النهى عن سماع الشائعة، والبعد عن أماكن ومواقع إثارتها، ووجوب حسن الظن بالنفس وبالغير، وعرض الشائعات على العقل وإمرارها تحت نظر الفكر برويّة وتبصُّر، وسيادة ثقافة احترام التخصص فى كل العلوم، الدينية منها والدنيوية، والحذر من جماعات الفتن التى تسعى بالفساد والإفساد بين الناس.
وأوصى المؤشر المؤسسات الدينية بنشر الوعى الدينى المتعلق بمدى خطورة الشائعات فى المساجد والمدارس والجامعات ووسائل الإعلام المختلفة، كما ناشد وسائل الإعلام بعدم نشر أى أخبار إلا بعد التثبت من مصادرها، ووجود منصة للتواصل بين الإعلاميين وتدقيق المعلومات والإشارة إلى الصور والأخبار الكاذبة، وتعظيم مفهوم الأمن الإعلامى بمفهوم حماية المجتمع من الشائعات، وسرعة توفير المعلومات الحقيقية للرد على الشائعات، وإنشاء مراكز بحثية علمية متخصصة فى دراسة الشائعات وتصنيفها وتحليل أسباب انتشارها وسبل مواجهتها.
كما دعا المؤشر إلى التنبؤ بمواسم الشائعات وكيفية التعامل معها فى وقت مبكر فور انتشارها، وملاحقة الحسابات المزيفة والكتائب الإلكترونية التى تبث سمومها لزرع الشقاق والفتنة فى المجتمعات، وجدية تطبيق القانون ضد مروجى الشائعات، والاستفادة من التجارب السابقة وتجارب الآخرين فى وأد الفتن وقمع الأكاذيب والشائعات.
0 تعليق