"المقاربة الدينية" تعاكس إلغاء عقوبة الإعدام من القانون الجنائي المغربي

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عقب إعلان الوزير عبد اللطيف وهبي، الاثنين، عزم المملكة التصويت لأول مرة على قرار الأمم المتحدة العاشر بشأن وقف تنفيذ عقوبة الإعدام خلال الجمع العام المقبل للأمم المتحدة في 15 دجنبر الجاري، تناسلت مختلف وجهات النظر داخل المغرب، مع تنبيه إحداها إلى “عدم إهمال تصور موجود داخل المجتمع يودّ الإبقاء على هذه العقوبة”، وذلك رغم المساعي الحقوقية الكونية لإلغائها في كل العالم.

ورغم أن التصويت لا يعني الإلغاء النهائي للعقوبة، فقد شددت حساسيات دينيّة على أن “الشرع واضح في هذا المنحى”، داعية إلى “التعقّل لحماية أسس الدولة التي تضع الدين الإسلامي في تكوينها الوجودي والدستوري”، مضيفة أن “الحرص على بقاء هذه العقوبة في القوانين من شأنها أن توفر عنصرا رادعا للجريمة”، وهي الحجّة التي تتناقض مع براهين المنهجية المدافعة عن نبذ العقوبة: “تطبيق الإعدام لم يوقف الجريمة في أي مجتمع”.

الحق في الحياة

حسن الموس، باحث في العلوم الشرعية عضو مركز المقاصد للدراسات والبحوث، نادى بـ”عدم تخلي المملكة عن هذه العقوبة في القوانين الجنائية احتكاما للشريعة الإسلامية”، التي قال إنها “تدعو إلى حق الحياة، وتأمر بالحفاظ على النفس”، مشيرا إلى آية واردة في القرآن: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ أَنَّهُ مَنْ قَتَلَ نَفْسا بِغَيْرِ نَفْسٍ أَوْ فَسَادٍ فِي الْأَرْضِ فَكَأَنَّمَا قَتَلَ النَّاسَ جَمِيعا وَمَنْ أَحْيَاهَا فَكَأَنَّمَا أَحْيَا النَّاسَ جَمِيعا}.

الموس في حديثه لهسبريس دافع عن “حقّ وجهة نظر أخرى في أن يُسمع صوتها” لتوضيح أن “الشريعة تتشوّف إلى الحياة وتحرص عليها، ولهذا حرمت الإجهاض والقتل، كما تشددت في الزجر في حق من يقدم على انتهاك حرمة الحياة، ولو أن الناس استجابوا لشريعة الإسلام فالأصل هو ألاّ يقبلوا من يتعدى عليها”، معتبرا أن “ما يستوجب عقوبة الإعدام هي القضايا التي فيها تآمر على المجتمع وعلى الأمة وسعي للفساد وقتل الأنفس”.

وقال: “عندما وضعت الشريعة حد القصاص لقتل القاتل فبُغيتُها حماية الحياة. ولكن طبعا لا بد من ضمانات”، وزاد: “نحن مع الذين يدافعون عن الحفاظ على الحياة وعلى المحاكمة العادلة وعلى أن تمر قضية الحكم بالإعدام في أعلى درجات التقاضي وألا يُصدر الحكم قاض واحد بل لجنة حكم، وتعطى دائما فرص متعددة لكي نتحقق أن هذا الجاني سليم نفسيا وأنه ليست هناك شبهة ورصد الجرم الكبير الذي ارتكبه”.

وبالنسبة للمتحدث، فإن “الموضوع لا يطرح بالمغرب، بصفة خاصة، بشكل ملح بالنسبة للمواطن المغربي، أولا لأن هذه العقوبة وإن كان منصوصا عليها في القانون الجنائي، فهي لا تنفّذ، وبالتالي تبقى دائما فرصة للعفو ومسارات أخرى”، خالصا إلى أن “هناك قضايا تحتاج إلى مرافعة وإلى نضال من طرف الحقوقيين والفاعلين السياسيين، وهي تلك التي تتعلق بكرامة المواطن وأمنه”، وفق قوله.

إصلاح العدالة

بالنسبة لإدريس الكنبوري، باحث في الفكر الإسلامي والجماعات الدينية، فإن “الإبقاء على الإعدام لا يحتمل كثيرا من النقاش إذا أردنا أن نبعد عن هوية الدولة الشكوك المتواصلة”، معتبرا أن “تشكيك المنظمات الحقوقية في تنفيذ العقوبة بدعوى احتمال أن يُخطئ القضاء يتطلب المطالبة بإصلاح القضاء ونظام العدالة ليكون النطق بالحكم سليما، ولا يمكن أن ننادي بالإلغاء في الوقت الذي نحتاج فيه أن ننادي بالإصلاح”، وفق تصوره.

وقال الكنبوري لهسبريس إن “المغرب يشهد اليوم تدافعا بين تيارين، أحدهما يتمسك بالإلغاء وآخر يطالب بالحفاظ على الإعدام مع حسن التنفيذ”، موضحا فكرته السابقة بخصوص “هوية الدولة”، بأن “الأجهزة الرسمية تحارب التطرف لكن بعض القرارات الحكومية المماثلة تشجع على تطرف من جهة أخرى. وهذا وصمة في جبين الدولة التي تتطلب تحصين هويتها الدينية وألاّ تتخلى عن بعض الثوابت الكبرى، من قبيل مدونة الأسرة أو الإعدام”.

وتابع المتحدث: “نحن دولة إمارة المؤمنين، وإلغاء العقوبة مسألة ستكون لديها تأثيرات سلبية كثيرة مثل ما حدث عندما تحدث وزير الأوقاف والشؤون الإسلامية أحمد التوفيق عن العلمانية”، وأورد: “سنسقط مرة أخرى في التشكيك في هوية الدولة. لذلك، الرأي الموضوعي هو أن تبقى هذه العقوبة مع ضمان إبعادها عن القضايا السياسية التي تتطلب بدائل”، مع الإشارة هنا إلى أن المغرب منذ 1993 لم يطبق أي إعدام على خلفية سياسية أو غيرها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق