سوريا السيناريو الأصعب فى المخطط الإستعمارى

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ذكر عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين فى كتابه مستقبل الثقافة فى مصر " لو أن الله عصمنا الإحتلال العثمانى لكنا شركاء أوروبا فى نهضتها" ، و بعيداً عن مسمى الإحتلال العثمانى و أن كان هو التعبير الأدق عكس ما إعتادت عليه الأدبيات العربية فى الماضى بتسميته الفتح العثمانى ، ومع إستخدام جماعات إسقاط النظام فى سوريا لمصطلح فتح سوريا ، و حديث قيادات البرلمان التركى عن عودة حلب إلى الدولة التركية ، الأمر الذى لاقى ترحاب من الأوساط السياسية فى تركيا ، كل هذا إستدعى من الذاكرة ضرورة التذكرة بالمخططات التى تم إعدادها منذ عقود لتقسيم المنطقة العربية للحيلولة دون تقدمها ، وضمان تدفق مواردها التى تحظى بها ، وفى القلب من هذا المخطط  حقن دولة الإحتلال الإسرائيلى تحت جلد الدولة الفلسطينية فترة إعلان الحماية البريطانية على فلسطين .

     بالرجوع إلى تاريخ القوى الدولية نجد أنها كانت حريصة على مد نفوذها فى المنطقة العربية ، و يرجع ذلك لأسباب جيو إستراتيجية ترتبط بالموقع الجغرافى الذى يتحكم فى معظم طرق التجارة العالمية ، بالأضافة إلى الموارد الطبيعية التى تمتلكها دول المنطقة ، هذا ما دفع هذه القوى إلى التفكير دائماً فى إعداد مخططات للسيطرة على هذه المنطقة ، وقد ظهر مصطلح الشرق الأوسط عام 1902 بواسطة المؤرخ العسكرى الأمريكى "ماهان" الذى أكد على أهمية المنطقة بالقول " إن الشرق الأوسط سواء كان مفهوما إستراتيجياً أم مفهوماً حدودياً للأجزاء الجنوبية للبحر المتوسط و الأمتداد الأسيوى ، فأنه مرشح ليكون موقعاً للمواجهة المستقبلية بين الإستراتيجيات المتصارعة ، تلى ذلك التفكير فى تقسيم المنطقة فى عام 1916 ، حين قررت كلاً من بريطانيا و فرنسا بمشاركة روسيا تقسيم مستعمرات الدولة العثمانية فيما عرفت بإتفاقية "سايكس بيكو " ، ثم قدم "برنارد لويس" فى 1992 للإدارة الأمريكية مخطط جديد لتقسيم الدول العربية إلى دويلات و أقاليم على خلفيات دينية و عرقية .

مما سبق نجد أن المنطقة كانت و ستظل مثار إهتمام القوى الإستعمارية ، و فى سبيل السيطرة عليها تم إعداد عدة مخططات لتقسيمها ، بداية من وثيقة " مهان " مروراً بـ "سايكس بيكو " و غيرها من المخططات و صولاً إلى مصطلح الشرق الأوسط الكبير فى عام 2005 الذى صكته وزيرة الخارجية الإمريكية "كونداليزا رايس " ، خلال تصريحات لها لصحيفة الواشنطن بوست بواسطة ما يسمى بالفوضى الخلاقة ، التى يتم من خلالها رسم خريطة جديدة للمنطقة بما يضمن تحقيق المصالح الأمريكية فى المنطقة فى مقدمتها ضمان أمن و هيمنة و نفوذ دولة الإحتلال ، و تدفق النفط .

    بالعودة إلى الملف السورى الذى يشهد تطورات سريعة بداية من تقدم الجماعات المسلحة المعارضة بأطيافها المختلفة و إسقاط النظام فى أيام معدودة ، و بعدها بساعات توغل قوات الإحتلال الإسرائيلي فى العمق السورى ، و إعلان رئيس وزرائها أن الجولان أصبحت ملكاً للدولة اليهودية إلى الأبد ، و غيرها من المشاهد التى تؤكد أن الدولة السورية ستمثل السيناريو الأصعب من بين سيناريوهات دول ما أطلق عليه الربيع العربى ، و يرجع ذلك لعدة أسباب فى مقدمتها تواجد وريث الدولة العثمانية و جيش دولة الإحتلال على حدودها ، وبالأضافة إلى تواجد إختلافات عرقية و أثنية عديدة لذلك نجد أن سيناريو التقسيم للدولة السوريا وفقاً لمخطط التقسيم الجديد يتكون من خمس دويلات ، واحدة فى الشمال للأكراد فى الحسكة ، و الثانية فى حلب تشمل حلب و إدلب و ديرر الزور ، و الثالثة دمشق و تشمل حمص و حماه و دمش ، والرابعة للدروز فى منطقة السويداء ، والخامسة دولة علوية فى اللاذقية و طرطوس .

ختاماً  نسأل الله أن يستعيد الشعب السورى و عيه ، و أن ينتفض لبناء دولته و حمايتها من التقسيم ، بعد تطهيرها من الجماعات الإرهابية و عملاء الدول الإستعمارية .

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق