رغم تسجيله “إنجازات ملموسة” حققها المغرب في ورش تعميم التعليم الأولي، من خلال تخطي عدد الأطفال المستفيدين منه 900 ألف طفل، وتأهيل وبناء ما تخطى تسعة عشر ألف حجرة، رصد المجلس الأعلى للحسابات عدة “نقائص” صاحبت تنزيل هذا الورش، كاشفا أن أكثر من نصف الحجرات المحدثة التي زارها لا تستجيب للمعايير المرجعية؛ فبالإضافة إلى صغر مساحتها لا تتوفر على غطاء أرضي لين، ما “قد يمثل خطرا على سلامة الأطفال”.
وكشف المجلس الأعلى للحسابات، في تقريره السنوي برسم 2022-2023، بلوغ نسبة تعميم التعليم الأولي 76.2% برسم السنة الدراسية 2023/2022؛ “إذ وصل عدد الأطفال المسجلين برسم السنة نفسها إلى 923.758 طفلا”، موازاةً مع “بناء وتأهيل 19.639 حجرة، 7.647 منها أنجزت من طرف المبادرة الوطنية للتنمية البشرية وسلمت للأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين”، مفيدا بأن “عدد المربيات والمربين بلغ 43.693، منهم 22.398 في التعليم الأولي العمومي”.
رغم ذلك كشفت زيارة ميدانية قام بها المجلس الأعلى للحسابات إلى عينة من 125 وحدة تعليم أولي، تخص ست أكاديميات جهوية (سوس – ماسة، وبني ملال – خنيفرة، وفاس مكناس، وطنجة تطوان الحسيمة، والدار البيضاء – سطات، والرباط سلا القنيطرة)، عن “تفاوتات” بالنظر إلى الإطار المرجعي لإحداث وحدات التعليم الأولي، الذي أصدرته وزارة التربية الوطنية سنة 2019، في شكل وثائق.
في هذا الإطار لاحظ “مجلس الحسابات” أن 61 في المائة من الوحدات موضوع العينة “بنيت على مساحة أقل من المساحة اللازمة، والمحددة في الإطار المرجعي في 57 مترا مربعا”، وفق التقرير، موردا أن “53% منها لا تتوفر على غطاء أرضي لين، ما قد يشكل خطرا على سلامة الأطفال”.
وكشفت نتائج المجلس الأعلى للحسابات أن “21% من الحجرات غير مناسبة للتعليم الأولي لكونها في الأصل حجرات مخصصة للتعليم الابتدائي أو لأنشطة أخرى وتمت إعادة تأهيلها”، مبرزا أن “21% من الحجرات تعرف تسربات مياه الأمطار عبر النوافذ أو الأبواب أو الشرفات”.
كما لفت المجلس الأعلى للحسابات إلى أن %40 من وحدات التعليم الأولي موضوع العينة “تعاني من نقص في المعدات مقارنة مع تلك المنصوص عليها في الإطار المرجعي”.
وأوصى المجلس، بعد تقييمه حصيلة تعميم التعليم الأولي بالمغرب، وزارة التربية الوطنية والتعليم الأولي والرياضة بـ”تحسين عملية التخطيط الإستراتيجي في ما يتعلق بالتعليم الأولي، وخاصة من خلال الحرص على مواءمة إستراتيجياتها المتعلقة بالتعليم الأولي مع الرؤية والأهداف التي نص عليها الميثاق الوطني للتربية والتكوين، ورؤية 2015-2030، أو بعد إدخال تغييرات عليها إذا ما استدعته الضرورة”.
كما يستوجب هذا التحسين، وفق المؤسسة ذاتها، “تحيين تشخيص وضعية التعليم الأولي، مع الحرص على اعتماد معطيات دقيقة وموثوقة وتنزيل الإستراتيجيات المتعلقة بالتعليم الأولى على شكل برامج وخطط عمل متعددة السنوات ذات أهداف واضحة، وإجراءات ملموسة وقابلة للتحقيق، مرفقة بمؤشرات دقيقة وقابلة للقياس”، موصية في هذا الجانب كذلك بـ”تخصيص وتوفير الموارد اللازمة لتنفيذ إستراتيجيات الوزارة وبرامجها وخطط عملها”.
ودعا المجلس الأعلى للحسابات الوزارة الوصيّة إلى “إجراء تحسينات على عناصر ومكونات البرنامج الوطني لتعميم وتطوير التعليم الأولي”، ذاكرا منها “ترجمة أهداف البرنامج المتعلقة بإعادة تأهيل التعليم الأولي غير المهيكل وتطوير التعليم الأولي الخاص إلى إجراءات وتدابير عملية ومحددة وقابلة للقياس، وملائمة للمجال الترابي”.
وشددّت المؤسسة الدستورية عينها على ضرورة “اعتماد وتنفيذ حلول بديلة وعقلنة وترشيد استخدام حجرات التعليم الأولي التي تم إنشاؤها بغية تدارك ضعف استغلال البعض منها”.
وأوصى “مجلس العدوي”، أيضا، بـ”تحسين حكامة وتدبير قطاع التعليم الأولي العمومي، وخاصة عبر وضع التدابير اللازمة لضمان الاستدامة البيداغوجية والإدارية والمالية للتعليم الأولي العمومي”، مطالبا بـ”العمل على ملاءمة اتفاقيات الإسناد المباشر للأقسام مع المقتضيات التنظيمية المعمول بها”، و”الإدماج الشامل للتعليم الأولي والتعليم الابتدائي بهدف تكوين سلك التعليم الابتدائي”.
ودعت المؤسسة الدستورية الوزارة المعنية إلى “تعزيز الحكامة من خلال تفعيل الهيئات القائمة، وإنشاء الهياكل التنظيمية والإدارية اللازمة على مستوى الوزارة والأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين والمديريات الإقليمية التابعة له”، مع “الحرص على القيام بالمهام المنوطة بالوزارة كسلطة وصاية، خاصة في ما يتعلق بالمراقبة البيداغوجية والإدارية وتكوين المربيات والمربين”.
0 تعليق