خالد حريب
الثلاثاء 17/ديسمبر/2024 - 11:35 م 12/17/2024 11:35:14 PM
وكأن العودة إلى اسمه الأصلي أحمد الشرع يجعلنا ننسى أنه هو أبو محمد الجولاني الإرهابي المطلوب عالميا والذي وضعت أمريكا ملايين الدولارات مكافأة لمن يرشد عنه، وما بين دولارات أمريكا وتعاملها معه الآن كرجل انتصر في الحرب، جرت مياه كثيرة، هذه المياه ليست جديدة في السياسة الأمريكية فقد سبق أن استخدمتها في أفغانستان وأطلقت العنان لقوى التأسلم السياسي بهدف محاربة الإتحاد السوفيتي في زمن الحرب الباردة، ومن بعدها انهارت أفغانستان ولم تقم لها قائمة، كما عادت هذه السياسة الشيطانية على أمريكا نفسها بتفجير الأبراج في غزوة الطائرات الشهيرة، ولم تتعلم أمريكا الدرس أو تعلمته ولكن وجدت مكاسبه لها أكثر من خسائره، فذهبت لتقوية تيارات متطرفة مسلحة في بلدان مختلفة كي تخوض تلك التيارات الحروب بالنيابة عن أمريكا أو كما يقولون حروب بالوكالة.
ومن هؤلاء الذين انخرطوا في الحرب بالوكالة الأخ أبو محمد الجولاني الذي تنقل في حياته رغم صغر سنه بين أعتى التنظيمات الإرهابية، من تابع إلى ابو مصعب الزرقاوي إلى سجين مع أبي بكر البغدادي إلى مؤسس لجبهة النصرة المصنفة عالميا كجماعة إرهابية وأخيرا كزعيم لجبهة تحرير الشام التي اجتاحت دمشق بعد هروب بشار الأسد وجلس الجولاني مكانه.
الآن تتوافد الشخصيات السياسية العالمية إلى دمشق للجلوس بين يدي الجولاني والتفاهم معه وعقد الصفقات علنا بعد أن كانت تتم في الخفاء، البضاعة التي يبيعها الجولاني وكذلك الأمريكان وبعض الأوروبيين هي ضرورة المحافظة على سورية موحدة، وزير الخارجية الأمريكي يغني والجولاني يرد عليه، العجيب هو أن لجنة الاتصال التي أسستها جامعة الدول العربية عقدت اجتماعا مهما قبل أيام في مدينة العقبة الأردنية وأصدرت بيانا احتوى على 17 بندا ومن بينهم الحفاظ على وحدة سورية وسيادتها وسلامة أراضيها، وبالرغم من حرص لجنة الإتصال على مستقبل سورية إلا أن الجولاني ورفاقه لم يصدروا أي تعليق على ما حدث في العقبة، ولماذا يعلقوا وهم متأكدون من أن أصحاب الفضل في دخولهم دمشق هم الغرب وأمريكا ولا يد للعرب في انتصارهم الوهمي.
أبو محمد الجولاني صاحي النيولوك الجديد له تسجيلات قديمة موثقة يؤكد فيها على ضرورة دفع الأقباط للجزية ويرى أن الدروز أصحاب عقيدة محرفة ويرى كذا وكذا، هذه التسجيلات القديمة هي حقيقة الجولاني وهي طبعه الأصيل وكلنا يعرف أن الطبع يغلب التطبع، لذلك من حقنا أن نحذر وأن نراقب بدقة ما يتم الآن وما سيتم غدا في سورية الغالية في قلب كل عربي.
كل المؤشرات غير مطمئنة، الحراك السوري الذي بدأ عام 2013 كان يضم كل ألوان الطيف السوري من يساريين إلى قوميين إلى غير منتمين لأفكار معينة، حراك شعبي شامل، ثم ظهرت الفصائل المسلحة لاحقا، هل معنى ظهورها المتأخر حتى لو كان حاسما في الصراع أن يبدأ الجولاني في التكويش وفرض سلوك تياره على كل الشعب السوري ؟ بالطبع لا.. سورية أكبر من فصيل وأعرق من تيار وأقوى من بنادق الجولاني الذي وضع نفسه في مكانة رئيس الدولة دون اعتبار لرأي الناس في هذا البلد سىء الحظ.
تقول التقارير الواردة من سورية أن نفس اللعبة التي لعبها تنظيم الإخوان في مصر عندما حكموها في سنة سوداء يتم لعبها الآن في دمشق حيث أطلق الجولاني أنصاره ليمسكوا مختلف المواقع في الدولة دون خبرة، كانت بمصر اسمها أخونة الدولة وفي سوريا أيضا يمكننا أن نقول عنها دعشنة سوريا على اعتبار أن الجولاني داعشي قديم ولا يغفر له صالون الحلاق الذي يضبط له النيولوك يوما بعد يوم.
0 تعليق