سليمان المعمري: استدعاء جمال عبدالناصر في روايتي حيلة فنية لأقول ما أريد عن الربيع العربي - في المدرج

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم سليمان المعمري: استدعاء جمال عبدالناصر في روايتي حيلة فنية لأقول ما أريد عن الربيع العربي - في المدرج

حوار ــ محمود عماد:
نشر في: الجمعة 20 ديسمبر 2024 - 6:52 م | آخر تحديث: الجمعة 20 ديسمبر 2024 - 6:52 م

ــ أظن أن العنوان خادع لأن الرواية فى صورتها النهائية تنتصر لعبدالناصر

 

شخصية ثقافية بارزة فى الأوساط الثقافية والأدبية العمانية والعربية، وذلك على مستوى الأدب فى القصة والرواية، وعلى مستوى الفكر، وعلى مستوى الإعلام، إنه الكاتب والإعلامى العمانى المتميز سليمان المعمرى.

ولسليمان المعمرى الكثير من الإسهامات فى عالم الثقافة والكتابة والأدب، فلقد كتب فى الرواية مثل رواية «شهادة وفاة كلب»، وهى رواية مشتركة مع الكاتب عبد العزيز الفارسى، وكتب فى القصة القصيرة «عبد الفتاح المنغلق لا يحب التفاصيل»، وأيضا المجموعة القصصية «الأشياء أقرب مما تبدو فى المرآة»، وفى الكتب مثل كتاب «بيليه أم مارادونا؟ الإجابة ميسى»، وهو كتاب مقالات ونصوص عن كرة القدم، ورواية «الذى لا يحب جمال عبد الناصر»، والتى أعيدت طباعتها حديثا، وصدرت عن دار الشروق. وفى السطور التالية نتعرف أكثر على كواليس الرواية، وتفاصيل إعادة نشرها مع دار الشروق، وللحديث أكثر مع الكاتب العمانى سليمان المعمرى حول الكتابة.

< حدثنا عن سر العنوان «الذى لا يحب جمال عبد الناصر»، ولماذا ربطت الرواية كلها بجمال عبد الناصر؟


ــ يمكن القول إن استدعاء الزعيم العربى الكبير جمال عبدالناصر فى هذه الرواية ليس إلا حيلة فنية لأقول ما أود قوله عن الربيع العربى بشكل عام، والعُمانى بشكل خاص. من يقرأ الرواية سيعرف أن عبدالناصر لم يحضر كشخصية إلا فى الفصلين الأول والأخير، لكن طيفه ظل مخيما على الرواية فى بقية الفصول، كان يهيمن على الحياة العامة (المظاهرات التى تُرفع فيها صوره على سبيل المثال، أو الخطب العصماء التى يلقيها ثائرون)، مثلما هو مهيمن على الحياة الخاصة لبطل الرواية المصرى بسيونى سلطان، الذى كان مزاجه ينقلب رأسًا على عقب لمجرد سماع اسم الزعيم. ولأن بسيونى هو بطل الرواية بالفعل فقد أتاح لى كرهه لعبدالناصر أن أستدعيه فى العنوان. قلت فى نفسى: لعله من الجيد أن يكون عنوان الرواية التى تتحدث عن الربيع العربى والعُمانى يتضمن اسم عبدالناصر، عنوان التصدى للاستعمار والإمبريالية والسعى الصادق لحياة كريمة لشعبه.

< كتابتك لرواية بطلها هو شخصية تبغض جمال عبد الناصر بغضا عظيما، فهل هذا يعنى أنك لا تحب الزعيم الراحل؟


ــ على النقيض تماما. أنا من عشاق جمال عبدالناصر؛ هذا القائد العظيم، وأرى أن الأمة العربية كانت فى عهده مرفوعة الرأس، ولم يبدأ هوانها إلا بعد رحيله. كنت أحبه قبل الرواية وسأبقى أحبه بعدها. ولى أسبابى الوجيهة لذلك، أهمها ما قلته قبل قليل من أننا كعرب كان لنا احترام كبير فى عهده، ولأنه لم يساوم على بلده ولأنه كان نظيف اليد، إلى آخر الأسباب الكثيرة. أما الذين لا يحبونه فلهم أسبابهم أيضا، وعلى رأسهم بسيونى سلطان بطل روايتى، الذى يمثل نفسه هنا ولا يمثلنى بالضرورة. وهذه النقطة التى أود التوقف عندها. الكاتب هو مجموع شخصياته، لا شخصية واحدة فقط، وإذا كان بسيونى قد بالغ فى كره عبدالناصر فلأن رسم الشخصية يقتضى ذلك، لكن هناك شخصيات كثيرة أخرى فى الرواية كانت تجاهر بحبها لعبدالناصر وتدافع عنه ضد كراهية بسيونى. وأظن أن العنوان خادع لأن الرواية فى صورتها النهائية تنتصر لعبدالناصر، أو هكذا أتصور.

< النشر الأول للرواية كان عام 2013 فى خضم الأحداث السياسية الشائكة التى مرت بها المنطقة سواء بالنسبة لعمان والحراك الذى كان بها، أو بالنسبة لثورات الربيع العربى، فهل كانت هذه الأحداث هى المحركة للكتابة، أم كان جمال عبد الناصر والرجل الذى يكرهه هما المحرك للكتابة؟


ــ فى الحقيقة شخصية بسيونى سلطان لها جذر واقعى، ولم يعد سرا أنه هو المحرك للكتابة. وقد تستغرب إذا قلت لك إننى حين بدأت كتابة النص كنتُ أكتب بورتريها عن هذه الشخصية التى لا تحب عبدالناصر. كنت قد أصدرت ثلاث مجموعات قصصية ولم تكن الرواية تخطر لى على بال. لكننى مع الوقت ومواصلة كتابة هذا البورتريه، ظهرت لى شخصيات تتقاطع مع بسيونى سلطان، والتمعت فى خيالى أفكار لحكايات غير حقيقية يمكن أن تدعم الحكايات الحقيقية التى استللتُها من الواقع. وهكذا، وكما يحدث دائما لدى كثير من الكتاب: أن تجلس لكتابة نص، فتجد نفسك كتبت نصا آخر مختلفا. كتبت هذه الرواية سنة 2012، أى فى أوج اشتعال الربيع العربى فى مصر وتونس وسوريا وغيرها، ولأننى اخترت أن يكون فضاء النص جريدة عُمانية خاصة مستقلة، أو هكذا تزعم، فقد كان طبيعيا أن تحضر أحداث الثورات العربية فى خلفية النص.

< اللهجات تعددت فى الرواية، وكأنها التمثيل الحى للوطن العربى، فنجد الفصحى، العامية المصرية، العمانية، السودانية، التونسية، وغيرها، لماذا استخدمت تلك التقنية، ولم توحد اللهجات تحت الفصحى مثلا، أو حتى العمانية، وهل لم تخف من عدم تقبل القارئ لكل تلك اللهجات؟


ــ أتابع بين الفترة والأخرى الجدال المحتدم فى فيسبوك بين فريقى المثقفين؛ المنتصر للعامية كلغة حوار فى الرواية، والمتعصب للغة العربية الفصحى. شخصيا ليس لى أى موقف ضد استخدام اللهجات العامية فى الرواية، خاصة حين تتناول الرواية أحداثا من الواقع المعيش. فى تصورى حين يتكلم العُمانى أو المصرى أو التونسى أو السودانى بلهجته فى الرواية فإنه يعطى الأحداث مصداقية أكبر. لا يمكن مثلا أن أتخيل عجوزا قرويا طاعنا فى السن لم يؤت حظا من التعليم يخاطب زوجته الأمية بعبارة «لا فض فوك»، أو أى عبارة أخرى مقعرة، إلا فى حال تعمد السخرية. البعض يرى استخدام ما تعرف باللغة الثالثة التى يستخدمها الأديب الكبير نجيب محفوظ للحوار فى رواياته مخرجا من إشكالية فصحى/ عامية. لكننى أؤمن أن الحوار كلما كان طبيعيا، أى كما هو فى الشارع أو المقهى أو البيت، كلما كان مصدقا أكثر، ولا خوف من عدم تقبل القارئ له، لأنه حتى فى حال ورود عبارات مغرقة فى محليتها فإن السياق يدل عليها.

< الرواية تسرد أحداثها بطريقة الأصوات، الشخوص فى الرواية يسرد كل منهم وجهة نظره وحكايته هو الشخصية، وهذه تقنية بها صعوبة بعض الشيء، فهل لم تضع فى ذهنك أن تتوه الحكاية الرئيسية وسط كل هذه الحكايات، ويتوه القارئ أيضا فى بحر السرديات المختلفة؟


ــ فى الحقيقة أجد أن تقنية تعدد الأصوات هى الأنسب لرواية كروايتى فيها تجاذب بين الشخوص وتعدد للآراء والمواقف. أن تسرد كل شخصية حكايتها بنفسها وبلغتها، وبدون إملاء من سارد فوقى عليم، أن تتنفس كل شخصية الهواء الذى تُريد. وبالنسبة لى لا خشية من أن تتوه الحكاية الرئيسية وسط تعدد حكايات الساردين المتنوعين، لسبب بسيط من وجهة نظرى، وهو أن كل هذه الحكايات الفرعية تصبّ فى النهاية فى مجرى الحكاية الرئيسة بل وتثريها وتعمقها. أو هكذا أظن.

< رواية «الذى لا يحب جمال عبد الناصر» هى إعادة نشر بعد أكثر من عشر سنوات، فكيف ترى فكرة إعادة نشر الأعمال الأولى للكاتب بشكل عام، وهل لديك مشاريع أخرى ستعيد نشرها؟


ــ أتصور أن كل طبعة جديدة لأى كتاب هى حياة أخرى لهذا الكتاب. كما تفضلت مضت عشر سنوات على آخر طبعة، وهى فى الأصل لا تتجاوز ألف نسخة. وقد كنت أتوق دائما لأن تطبع هذه الرواية فى مصر، ليس فقط لأن فيها جزءا كبيرا من الأحداث يخص هذا البلد الذى أحبه، ولكن أيضا لأن مصر تتميز عن غيرها من الدول العربية بكثرة القراء كما، وتنوعهم كيفا. والذى يقرأ كتابه فى مصر محظوظ. أما إجابة الشق الثانى من سؤالك فهى نعم. لدى كتب لم تعد موجودة، وأسعى لإعادة نشرها.

< بما أنك تكتب الرواية والقصة القصيرة فأيهما تفضل، وكيف تصنف نفسك روائيًا أم قاصًا؟


ــ بالتأكيد لا أستطيع أن أسمى نفسى روائيا، رغم أن هذا هو التعريف الذى تضعه جريدة عُمان أسفل مقالاتى الأسبوعية فيها. كنت دائما ــ ولا أزال ــ أردد أن الروائى هو الذى لديه مشروع روائى يشغله، ولديه تراكم من الروايات، أما أنا فليس لدى هذا المشروع، وكل ما أملكه رواية ونصف فقط إن جاز التعبير (وأقصد بالنصف هنا روايتى المشتركة مع صديقى عبدالعزيز الفارسى رحمه الله «شهادة وفاة كلب»)، وحتى رواية «الذى لا يحب جمال عبدالناصر» كتبتها بالمصادفة كما سردت لك قبل قليل، فقد كنت أهدف لكتابة بورتريه لا رواية. أما القصة القصيرة فقد أصدرت فيها ثلاث مجموعات قصصية كما ذكرت فى إجابة سؤال سابق، ولكن آخر إصدار من هذه المجموعات الثلاث كان عام 2009، أى أنه من الصعب تسميتى قاصا بعد هذا التوقف الطويل. وعموما، تكسرت فى السنوات الأخيرة بعض قناعاتى الأدبية، ومنها النظرة التبجيلية للجنس الأدبي. بمعنى أننى لم أعد أنظر إلى الرواية أو القصة كما كنتُ أفعل فى بداياتى فى التسعينيات بأنهما غاية المنى وأهم ما يمكن أن يكتبه الأديب. وحدث هذا لأننى قرأت كتبا أدبية كثيرة عصية على التصنيف النقدى، أى لا يمكنك معرفة ما هو جنسها الأدبى لكنها لا تقل أدبية أو إدهاشا أو إمتاعا من رواية جيدة أو قصة جميلة. باختصار بما أنك سألتنى بم أصنف نفسى، يمكن أن أسمى نفسى «كاتبا» وفقط.


< كيف ترى الجوائز الأدبية، وتأثيرها على الحركة الإبداعية؟


ــ الجوائز الأدبية لها تأثير كبير على الحركة الإبداعية، وهذا التأثير يكون أحيانا إيجابيا وأحيانا سلبيا. فمن جهة توفر قيمة الجائزة المادية، خاصة عندما تكون كبيرة، فرصة جيدة لمن أصابتهم حرفة الأدب للتفرغ لكتابتهم وإبداعهم، ولو إلى حين. كما أنها تشجع الكتاب على إكمال مشاريعهم المؤجلة، وقد رأينا هذا التأثير الإيجابى للجوائز فى جائزة الملتقى للقصة فى الكويت، إذ أدت إلى ازدهار كتابة القصة القصيرة فى العالم العربى، بعد أن كادت تنقرض بسبب طغيان الرواية وتوجه كثير من القاصين إليها. لكن النقطة السلبية فى الجوائز أنها توجه الكتاب – وخاصة فى الرواية – إلى نوعية من الأدب يصير موضة بسبب فوزه بالجوائز، فبتنا نقرأ فى الآونة الأخيرة كثيرا من الروايات المتشابهة، والسبب أنها مفصلة تفصيلا لكى تكسب جائزة.

< ما القادم بالنسبة لك؟


ــ سلمت مؤخرا كتابى الجديد «أن تروى حكاية للصلع يقف لها الشعر» إلى الجمعية العُمانية للكتاب والأدباء، وبانتظار صدوره عن دار جدل الكويتية إن شاء الله فى معرض مسقط للكتاب أواخر إبريل القادم.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق