حكومة الدبيبة تسمح للجزائر باستخدام ليبيا لتهديد الوحدة الترابية للمغرب

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

في خطوة تثير الكثير من علامات الاستفهام قبلت حكومة الوحدة الوطنية في ليبيا، التي يترأسها عبد الحميد الدبيبة، أن تكون منصة للدعاية الجزائرية التي تستهدف المس بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، فقد أطلق العميد محرز جريبي، المدير المركزي لجهاز أمن الجيش الجزائري، خلال مشاركته في مؤتمر لقادة الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا في طرابلس، تصريحات تمس بالوحدة الترابية للمملكة المغربية على مسمع من الدبيبة ورؤساء المخابرات العسكرية لكل من تونس والسودان والنيجر وتشاد.

ووصف المسؤول العسكري الجزائري الأقاليم الجنوبية للمغرب بأنها “آخر مستعمرة في إفريقيا”، متهماً المملكة بـ”احتلال” الصحراء وخرق اتفاق وقف إطلاق النار الموقع مع جبهة البوليساريو، في وقت أكدت مصادر إعلامية ليبية أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، اجتمع بالمدير المركزي لأمن الجيش الجزائري (المخابرات العسكرية) على هامش هذا المؤتمر، وناقشا “مواجهة التحركات المغربية في ليبيا والمنطقة وكيفية الحد منها”.

وأوضحت المصادر نفسها أن الخطوة التي أقدم عليها الدبيبة جاءت رداً على استضافة المملكة المغربية اجتماعاً تشاورياً بين مجلسي النواب والدولة الليبيين، تمخضت عنه تفاهمات سياسية مهمة. وقد رفضت حكومة الدبيبة هذا اللقاء، مشيرة عبر وزارة خارجيتها إلى ما وصفته بـ”غياب التنسيق معها حول هذه الاجتماعات”، وهو ما رد عليه المجلسان بالتأكيد على عدم حاجتهما إلى موافقة أي طرف من أجل عقد اجتماع داخل أو خارج البلاد.

علاقات قوية

في تعليقه على الموضوع قال إدريس أحميد، المحلل السياسي الليبي، إن “العلاقات المغربية-الليبية عميقة ومبنية على الاحترام المتبادل، التعاون، والشراكة؛ وبالتالي يفترض في ليبيا أن تحافظ على هذه العلاقات وتعمل على تعزيزها في مختلف المجالات، خدمةً للطموحات التنموية الليبية والمغاربية”، مؤكداً أن “المغرب لعب دوراً مهماً في إرساء أسس الاستقرار في ليبيا من خلال سعيه الدائم إلى التقريب بين وجهات نظر الليبيين الذين يثقون في دور المملكة المغربية”.

وأضاف أحميد، في حديثه مع جريدة هسبريس الإلكترونية، أن “ليبيا، ومنذ سنوات، تدعم الوحدة الترابية للمغرب وتؤيد أمن واستقرار المملكة باعتباره جزءاً من أمنها”، مشيراً إلى أن “الزج بقضية الصحراء في اجتماع أمني أمر مستغرب، على اعتبار أن هذا الملف يخص المغرب ويُدبَّر في إطار هيئات الأمم المتحدة”.

وتابع المتحدث ذاته بأن “التنسيق الأمني بين ليبيا ودول الجوار مهم جداً، خاصة أن البلاد تعاني من وضع أمني هش وتبذل جهوداً كبيرة لتأمين حدودها مع الجزائر والسودان وتشاد؛ غير أن استغلال اجتماع من هذا النوع لإثارة موضوع إقليمي حساس بحجم قضية الصحراء المغربية يناقض مسار التسوية الأممية لهذا النزاع”، موضحاً أن “ملف النزاع حول الصحراء يجب التعامل معه بشكل يدفع نحو الحل وليس تعقيد الأوضاع”.

توجه مغربي

من جهته أوضح البراق شادي عبد السلام، الخبير الدولي في إدارة الأزمات وتحليل الصراع وتدبير المخاطر، أن “تصريحات المدير المركزي لجهاز أمن الجيش الجزائري، العميد محرز جريبي، المسيئة للمملكة المغربية، في حضور الدبيبة خلال كلمته في أشغال الاجتماع الأول لرؤساء الاستخبارات العسكرية لدول جوار ليبيا، تندرج في إطار سياسة العداء الإقليمي التي ينتهجها النظام الجزائري تجاه المملكة المغربية منذ عقود”.

وأشار البراق إلى “استغلال نشاط دبلوماسي بصبغة أمنية تحتضنه طرابلس لتوجيه اتهامات مجانية إلى المملكة المغربية وسياستها الخارجية، التي تعتبر صمام أمان إقليمي لصناعة الاستقرار والأمن والسلام والتنمية في منطقة تعج بالمخاطر والأزمات”، مؤكداً أن “الرباط تصر على صياغة توجه سياسي ودبلوماسي واضح، رصين، ومندمج، يؤسس لعلاقات ندية متكافئة ومسؤولة مع شعوب المغرب الكبير في إطار احترام السيادة الترابية والوحدة السياسية للدول”.

وأضاف المتحدث لهسبريس أن “تهجم المدير المركزي لجهاز أمن الجيش الجزائري على المملكة المغربية، واستهداف وحدتها الترابية، في حضور الدبيبة في طرابلس، يثير تساؤلات حول تصور الفاعل السياسي والعسكري الجزائري لمفهوم سيادة ليبيا واستقلالية قرارها السياسي؛ كما يثير علامات استفهام حول حرص الجزائر على استقلالية القرار السيادي الليبي وابتعاد الأزمة الليبية عن مناطق التماس الجيوسياسي الإقليمي، بشكل يخدم مصلحة الشعب الليبي أولاً وأخيراً”.

وتابع الخبير ذاته بأن “هذه التصريحات تؤكد بشكل ملموس فقدان الفاعل السياسي الجزائري تصورا واضحا للعمل المغاربي المشترك، وتثبت أن قيادة النظام الجزائري على استعداد دائم لاستخدام الأزمة الليبية لتحقيق طموحات بومدينية بائدة”، معتبراً أن “احتضان المملكة المغربية جولات الحوار الليبي يمثل ترجمة عملية للرؤية الدبلوماسية الملكية المتبصرة، التي تنطلق من مبدأ واقعي ومنطقي لمعالجة الأزمات بعيداً عن الشعارات والمزايدات والتصريحات غير المسؤولة”.

واختتم البراق بالقول إن “العلاقات المغربية-الليبية والتفاعل الإيجابي المغربي مع مختلف الأطراف الليبية تؤكد أن محور الرباط-طرابلس يؤسس بهدوء مجال اشتغاله في إطار الشرعية الدولية، ومخرجات اتفاق الصخيرات، وتفاهمات بوزنيقة، ومسار الثقة في مواقف الدولة المغربية، التي تظل بعيدة كل البعد عن المقاربات الانتهازية لبعض الدوائر الإقليمية حول بترول وغاز ليبيا وكعكة إعادة إعمارها؛ إذ يبقى استقرار ليبيا الهدف الوحيد الذي تتمحور حوله السياسة المغربية، والغاية الأسمى التي تعمل على تحقيقها الدبلوماسية المغربية، تجسيداً لما يربط الشعب المغربي والشعب الليبي من أواصر الأخوة المتينة والتضامن الوثيق، ومن رصيد تاريخي وحضاري مشترك”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق