عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم مصر.. خلاف بين نقابة الأطباء والحكومة بسبب قانون المسؤولية الطبية - في المدرج
وافق مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان)، الاثنين، نهائياً على مشروع قانون المسؤولية الطبية وحماية المريض، ومن المنتظر إحالته إلى مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) لمناقشته وإقراره، وسط رفض من نقابة الأطباء التي دعت لعقد جمعية عمومية طارئة لرفض القانون، بينما وصفه وزير الصحة بأنه "تشريع متوازن".
وأحيل مشروع القانون إلى مجلس الشيوخ أولاً باعتباره قانون جديد مكمل للدستور يصدر لأول مرة في مصر.
وينص مشروع القانون على تشكيل لجنة عليا تتبع رئيس مجلس الوزراء، تسمى "اللجنة العليا للمسؤولية الطبية وحماية المريض"، تضم في عضويتها 2 من أعضاء المهن الطبية من ذوي الخبرة يرشحهما وزير الصحة، وأحد القضاة يرشحه وزير العدل بموافقة مجلس القضاء الأعلى، وكبير الأطباء الشرعيين، وممثل عن وزارة الدفاع من أعضاء المهن الطبية يرشحه الوزير، وممثل عن وزارة الصحة يرشحه الوزير، وممثل عن وزارة الداخلية من أعضاء المهن الطبية، يرشحه الوزير.
ويصف القانون اللجنة بأنها جهة الخبرة الاستشارية المتعلقة بالأخطاء الطبية، وهي معنية بالنظر في الشكاوى، وإنشاء قاعدة بيانات، وإصدار الأدلة الإرشادية للتوعية بحقوق متلقي الخدمة، بالتنسيق مع النقابات والجهات المعنية، وتتولى إدارة المنظومة من خلال آليات محددة، ويتيح القانون إمكانية التوسع في عملها مستقبلاً بعد تقييم التجربة وقياس نتائجها.
حبس الأطباء عند الخطأ
ويتضمن مشروع القانون المكون من 30 مادة، مادتين تجيزان حبس الأطباء، وأخرى تقنن الحبس الاحتياطي، إذ تنص المادة 27 على أنه "يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن 6 أشهر وبغرامة لا تجاوز 100 ألف جنيه (نحو 2000 دولار) أو بإحدى هاتين العقوبتين من تسبب من مقدمي الخدمة بخطأ طبي في وفاة متلقي الخدمة".
وفي الوقت الحالي يحاسب الأطباء أمام القضاء وفق قانون العقوبات عند حدوث خطأ طبي أو إهمال، حال تقديم المريض أو ذويه شكوى.
خلط بين الخطأ والمضاعفات
نقابة الأطباء استقبلت إقرار مشروع القانون برفض شديد، واعتبرت أنه إضافة إلى قانون العقوبات، وخلط بين الخطأ الطبي والمضاعفات المتوقعة، ودعت أعضاءها إلى جمعية عمومية طارئة، في 3 يناير، لرفض القانون.
ورأى نقيب الأطباء، أسامة عبد الحي أن مشروع القانون يخلط بين تعريف "الخطأ الطبي"، و"المضاعفات الطبية"، وتجاهل حدوث مضاعفات طبية مثل حدوث نزيف بعد عملية خطيرة على الرغم من أن الجراحة سليمة، أو حساسية مفاجئة من دواء معين غير مسجل في سجلات المريض.
وقال عبد الحي، لـ "الشرق"، إن مشروع القانون ربما يجبر الأطباء على ممارسة "الطب الدفاعي" بمعنى الابتعاد قدر الإمكان عن التدخل مع الحالات المعقدة الصعبة؛ لأن احتمالية نجاحها قليلة، وهو ما يؤدي إلى ضياع فرص علاج على كثير من المرضى ويضر بهم في النهاية.
وذكر عضو مجلس النقابة، إبراهيم الزيات، أن أغلب دول العالم لديها قانون للمسؤولية الطبية، باستثناء مصر وأفغانستان، موضحاً أن مصر هي الدولة الوحيدة في العالم التي يحاكم فيها الطبيب باستخدام قانون العقوبات، ليتساوى أمام القضاء مع القاتل.
واعتبر الزيات، لـ "الشرق"، أن مشروع القانون سيكون إضافة لقانون العقوبات.
وتوقع استشاري جراحة القلب حمد عبد العزيز، أن تشهد مصر في ظل هذا القانون "أسوأ عهودها الطبية"، لأن الجراحين سيبتعدون عن إجراء أي جراحة خطرة أو تحتمل حدوث مضاعفات.
وأضاف لـ "الشرق": "سيضطر المريض لعرض حالته على جميع المتخصصين فتسوء حالته، حتى يجد جراحاً يقبل تعريض نفسه للخطر".
وتساءل عبد العزيز: "أين الطبيب الذي سيرغب في إجراء جراحة عالية الخطورة ويعرض نفسه للمشقة؟، ولن يقبل طبيب شاب أو حتى ذي خبرة تعريض نفسه للحبس، خاصة في ظل نقص الأدوية والمستهلكات الطبية".
وانتقد عبد العزيز، نص القانون على حبس الطبيب احتياطياً على ذمة التحقيق بقرار من رئيس النيابة، وهو ما يمكن أن يحدث بمجرد تقديم أهل المريض بلاغ أو شكوى، بسبب وفاته أو دخوله في غيبوبة أو حدوث مضاعفات.
الحكومة: تعريف محكم للخطأ
في المقابل ترى الحكومة أن مشروع القانون يميز بين الخطأ الطبي والمضاعفات المعروفة، ولا يعتبرها خطأً طبياً، بل تنتفي عنها مسؤولية الطبيب، وتقول إن القانون يوكل مهمة محاسبة الأطباء إلى الأطباء أنفسهم من خلال اللجنة العليا.
واعتبر وزير الشؤون النيابية والقانونية والتواصل السياسي، محمود فوزي، أن القانون يحمي الأطقم والمنشآت الطبية من أي تعديات ربما يتعرضون لها، إذ يوكل مهمة محاسبة الأطباء إلى الأطباء أنفسهم من خلال اللجنة العليا".
وقال فوزي لـ"الشرق": "تنتفي مسؤولية الطبيب إذا حدثت آثار أو مضاعفات طبية معروفة في مجال الممارسة الطبية المتعارف عليها علمياً، وكذلك إذا اتبع الطبيب أسلوباً يتفق مع الأصول العلمية الثابتة، أو إذا كان الضرر وقع بسبب فعل المريض نفسه أو عدم اتباعه التعليمات".
وأوضح أن "القانون وضع تعريفاً محكماً للخطأ الطبي، كما حدد بوضوح الحالات التي تنتفي فيها مسؤولية الطبيب أو مقدم الخدمة، إذ عرف الخطأ الطبي بأنه كل فعل يرتكبه طبيب، أو امتناعه عن إجراء طبي واجب عليه اتخاذه لا يتفق مع الأصول العلمية الثابتة، أو آداب وتقاليد المهن الطبية الصادرة وفقاً لأحكام القوانين المنظمة للنقابات المعنية أو المواثيق الأخلاقية المهنية التي يصدرها المجلس الصحي المصري، بحسب الأحوال".
واعتبر الوزير أن تشكيل اللجنة العليا للمسؤولية الطبية في مشروع القانون "ضمانة أكبر للأطباء، لأن مشروع القانون لا يخلو من الضمانات التي تحقق التوازن بين جميع الأطراف".
وأشار إلى أن مشروع القانون يعطي الحق في التظلم من قرارات اللجنة العليا لكل من المريض والطبيب، كما يجيز التسوية في حالات الخطأ الطبي، وتضمن بعض بنوده حماية الأطقم الطبية من أي تعديات تقع عليها.
وأوضح فوزي أن المسؤولية الطبية تنتفي نهائياً في 3 حالات، الأولى "عندما يكون الضرر الواقع على المريض هو أحد الآثار أو المضاعفات الطبية المعروفة في مجال الممارسة الطبية المتعارف عليها علمياً"، والثانية عندما يتبع الطبيب أسلوباً يتفق مع الأصول العلمية الثابتة، وإن خالف في ذلك غيره في ذات التخصص، والثالثة "عندما يكون الضرر وقع بسبب فعل المريض أو رفضه العلاج أو عدم اتباعه التعليمات الصادرة من الطبيب".
حماية للأطباء أنفسهم
نائب رئيس الوزراء وزير الصحة، خالد عبد الغفار، قال إن القانون يتعامل بـ "مشرط جراح" لضمان حقوق الفريق الصحي، وتوفير بيئة عمل جاذبة وآمنة تساعدهم على تقديم أفضل أوجه الرعاية الصحية مع الحفاظ على حق المريض وحمايته من أي تقصير.
وأضاف في كلمة خلال مناقشة القانون بمجلس الشيوخ: "بالنسبة للحبس الاحتياطي رأت وزارة العدل ألا يصدر هذا القرار إلا من رئيس نيابة إذا كان هناك داع لذلك، والقانون حدد الحالات التي يتم فيها الحبس الاحتياطي، في حالة غياب معلومة عن مكان سكن المتهم، أو أن وجوده خارج الحبس يهدد الإجراءات".
وأوضح عبد الغفار أن القانون منح الحماية الجنائية للأطباء، بعد أن تعددت جرائم التعدي على الأطباء خلال ممارسة عملهم من الجمهور، ولأول مرة في القانون يشير إلى تجريم الإهانة بالإشارة أو القول أو التهديد"، مضيفاً: "في هذا القانون من يتجاوز في حق الطبيب يعرض نفسه لمحاسبة طبقاً للقانون دون انتظار للقانون الجنائي كما كان يحدث من قبل".
استقالات وهجرة
وأفادت دراسة حكومية مصرية، بأن عدد الأطباء المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة من نقابة الأطباء، باستثناء من بلغوا سن المعاش، يبلغ 212 ألفاً و835 طبيباً، يعمل منهم حالياً في جميع قطاعات الصحة، سواء بالمستشفيات التابعة لوزارة الصحة أو المستشفيات الجامعية الحكومية، أو القطاع الخاص، نحو 82 ألف طبيب فقط، أي بنسبة 38% من عدد الأطباء المسجلين والحاصلين على ترخيص مزاولة المهنة.
وتعني تلك الإحصائية أن 62% من الأطباء المسجلين في مصر، خارج المنظومة الطبية، إما بسبب السفر إلى الخارج للعمل أو لاستكمال الدراسات العليا، أو بسبب الحصول على إجازات دون راتب، أو الاستقالة نهائياً من العمل الحكومي.
وتخلص الدراسة، إلى أن مصر لديها طبيب لكل 1162 شخصاً، بينما المعدل العالمي، طبقاً لمنظمة الصحة العالمية، هو طبيب لكل 434 شخصاً.
ويفيد الجهاز المركزي للإحصاء في مصر، بانخفاض عدد الأطباء إلى 97.4 ألف طبيب عام 2022، مقابل 100.7 ألف عام 2021 بانخفاض 3.3%.
وذكرت بيانات سابقة لنقابة الأطباء، أن نحو 11 ألفاً و 536 طبيباً استقالوا من العمل الحكومي خلال 3 سنوات فقط في الفترة من 2019 وحتى مارس 2022.
وشهد عام 2022 استقالة أكثر من 4 آلاف و300 طبيب مصري يعملون بالمستشفيات الحكومية، وهو العدد الأكبر خلال السنوات السبع الماضية، بمعدل يصل إلى 13.5 طبيب كل يوم، إذ تضاعف 4 مرات من 1044 استقالة عام 2016 إلى 4127 استقالة عام 2021.
ووفق نقابة الأطباء فإن متوسط راتب الطبيب المقيم في مصر 3700 جنيه مصري (نحو 74 دولاراً)، ومتوسط معاش الطبيب بعد نحو 35 عاماً من العمل الحكومي 2300 جنيه (نحو 45 دولاراً).
بينما أشارت هيئة التأمين الصحي إلى أن متوسط راتب الطبيب في نظام التأمين الصحي الشامل الذي تم تطبيقه في بعض المحافظات يصل إلى 17 ألف جنيه (نحو 340 دولاراً).
0 تعليق