في إطار برنامج "بلاغة القرآن والسنة" الذي يُذاع على قناة الناس، تحدث الدكتور سلامة داوود، رئيس جامعة الأزهر الشريف، عن أهمية فهم آيات القرآن الكريم بشكل عميق لاستخلاص الأسباب والنتائج التي تترتب عليها، مشيرًا إلى أن القرآن الكريم يقدم أسلوبًا بيانيًا دقيقًا في تفسير العواقب التي تترتب على الأفعال البشرية.

أهمية الفهم العميق للقرآن الكريم

قال الدكتور داوود إن القرآن الكريم ليس مجرد نص ديني يُقرأ للعبادة، بل يتطلب فهمًا شاملًا يعمق من الإدراك حول العلاقة بين السبب والنتيجة، حيث يتم التركيز أحيانًا على تفسير الأسباب التي تؤدي إلى نتائج معينة. هذا الفهم العميق ضروري للتمييز بين الظاهر والمحتوى الدقيق لما يتم طرحه في الآيات الكريمة.

أسلوب القرآن الكريم البلاغي في التعبير عن العقوبات

أوضح رئيس جامعة الأزهر خلال حديثه عن إحدى الآيات الكريمة التي تتعلق بأكل مال اليتامى: "إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا". وبين الدكتور داوود أن القرآن الكريم لم يقصد في هذه الآية المعنى الحرفي لـ"الأكل"، بل أراد تصوير العواقب الوخيمة التي تترتب على هذا الفعل الظالم. فقد استُخدم التعبير عن الأكل هنا ليظهر أن ظلم أموال اليتامى ليس مجرد أخذ مال، بل هو بمثابة "أكل نار"، وهو تعبير بلاغي بليغ يُستخدم لتوضيح حجم العذاب الذي ينتظر من يرتكب هذا الفعل المحرم.

وأشار إلى أن القرآن الكريم لم يقتصر على قول "يأكلون في أفواههم نارًا"، بل جاء بعبارة "في بطونهم نارًا"، وهي تضفي على الصورة دلالة أعمق، حيث يتم تصوير العذاب بشكل مباشر وواضح داخل الجسم، مما يبرز شدة العقوبة التي تترتب على أكل مال اليتيم، ليصبح العذاب الذي سيناله الشخص أكثر وضوحًا.

مقارنة مع عقوبة كتمان الحق

تطرق الدكتور داوود إلى مثال آخر في القرآن يتعلق بكتمان الحق وتحريف الكلم عن مواضعه، حيث قال الله تعالى: "الذين يكتمون ما أنزل الله من الكتاب ويشترون به ثمنًا قليلًا، أولئك ما يأكلون في بطونهم إلا النار". وأوضح أن القرآن يعبر عن هؤلاء الأشخاص الذين يغيرون الحقائق من أجل مكاسب دنيوية بالطريقة نفسها، مشددًا على أن هؤلاء سيعانون من عذاب أشد وأكثر قسوة من أولئك الذين يظلمون اليتامى.

التصعيد في العقوبات

وأضاف الدكتور داوود أن العقوبات التي يذكرها القرآن الكريم تتدرج من الشدة إلى الأسوأ. ففي الآية المتعلقة بأكل مال اليتيم وكتمان الحق، يقول الله تعالى: "الذين يأكلون في بطونهم نارًا سيصلون سعيرًا". وهذه الزيادة في استخدام كلمة "سعير" توضح أن العذاب سيكون أكثر اشتعالًا وأشد وطأة. "السعير" يشير إلى نوع من النار التي تزداد حرارتها، وهو وصف دقيق يعكس طبيعة العذاب الذي ينتظر من يظلمون أو يحرفون الحق.

التأكيد على التمسك بالحق

وختم رئيس جامعة الأزهر تصريحاته بالتأكيد على أن القرآن الكريم يدعو إلى الالتزام بالحق وعدم التحريف أو التلاعب به، مشيرًا إلى أن تغيير الحقائق لا يمكن أن يغير من جوهر الحقيقة أو الباطل. وقال: "لن يغير الزمان من حقيقة الحق، والباطل يبقى باطلًا دائمًا"، مبينًا أن التمسك بمبادئ الدين ورفض الانحرافات هو السبيل الوحيد للنجاة من العواقب الوخيمة.

إطلاق قناة الناس في شكلها الجديد

يُذكر أن قناة الناس قد أطلقت في وقت سابق هذا العام شكلها الجديد في إطار تحديث خريطتها البرامجية لعام 2023، حيث ضمت برامج دينية وثقافية واجتماعية متنوعة تهدف إلى تغطية كافة مجالات الحياة. ويُعرض برنامج "بلاغة القرآن والسنة" على قناة الناس عبر التردد 12054 رأسي، والذي يساهم في نشر المعرفة والتفسير الدقيق لآيات القرآن الكريم.