نظّم حزب العدل المصري مائدة مستديرة، لمناقشة تأثير أسعار الطاقة في الاقتصاد، وفرص الاستثمار في هذا القطاع الحيوي والمهم، بمشاركة نخبة من الخبراء والمتخصصين في مجال الطاقة والاقتصاد.
وتابعت منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) فعاليات المائدة المستديرة، التي عُقِدت مساء أمس السبت 28 ديسمبر/كانون الأول (2024)، وناقشت عددًا من المحاور الرئيسة، ومن بينها الأسعار الحالية للطاقة في مصر.
واستعرض المتحاورون أسعار الطاقة محليًا وعالميًا وتأثير العرض والطلب والسياسات الحكومية المتعلقة بالدعم أو التحرير، بالإضافة إلى الانعكاسات الاقتصادية للأسعار، وتأثيرها لدى المواطنين والقطاعات الاقتصادية المختلفة مثل الصناعة والزراعة والخدمات.
كما ناقشت المائدة المستديرة دور أسعار الطاقة في التضخم وجذب أو تعطيل الاستثمارات، وكذلك تداعيات ارتفاعها على الميزانية العامة للدولة، بما في ذلك عبء استيراد الطاقة وتأثيره في تخصيص الموارد للمشروعات التنموية.
أسعار الطاقة في مصر
تطرقت المائدة إلى أهمية السياسات والتشريعات بإدارة أسعار الطاقة في مصر، مع تأكيد أهمية الشفافية والتعاون بين الحكومة والقطاع الخاص لتحقيق استقرار سوق الطاقة.
واستهدفت هذه الفعالية تسليط الضوء على القضايا الحرجة المرتبطة بالطاقة، ووضع سياسات فعالة للتخفيف من آثار ارتفاع الأسعار لدى المواطنين، ودعم الاقتصاد الوطني لتحقيق التوازن والاستقرار المطلوبَين، وفق ما تابعته منصة الطاقة المتخصصة.
وقال أستاذ هندسة الطاقة، الرئيس التنفيذي السابق لجهاز تنظيم مرفق الكهرباء وحماية المستهلك الدكتور حافظ السلماوي، إن مصر تمتلك موارد من النفط والغاز، لكنها تُصنَّف عالميًا ضمن الموارد المتوسطة.
ولفت إلى أن معدلات النمو المتزايدة في الطلب على هذه الموارد تخلق فجوة، تستلزم الاعتماد على حلول بديلة، محذّرًا في الوقت نفسه من تحديات تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي مستقبلًا، في حالة عدم تحقيق اكتشافات جديدة.
وأوضح أن مصر تمتلك إمكانات كبيرة في مجال الطاقة المتجددة، وقد كشف المخطط الشامل للطاقة قدرات هائلة في طاقة الرياح والطاقة الشمسية، إذ تعدّ المناطق الصحراوية الغربية مثالية لتوليد طاقة الرياح، لذلك خصصت نحو 42 ألف كيلومتر مربع لمشروعات الرياح.
وأضاف: "إستراتيجية مصر للطاقة المتجددة تستهدف إنتاج نحو 65.7% من الكهرباء من مصادر متجددة بحلول عام 2040، مما يسهم في تقليل الاعتماد على الغاز الطبيعي في توليد الكهرباء، من 38 مليار متر مكعب حاليًا إلى 18 مليار متر مكعب".
كما أشار إلى إستراتيجية مصر للهيدروجين الأخضر، التي تشمل سيناريوهين رئيسين، الأول هو "السيناريو المركزي"، الذي يستهدف إنتاج 5 ملايين طن من الهيدروجين الأخضر باستعمال 77 غيغاواط من الطاقات المتجددة، بينما الثاني هو "السيناريو الأخضر"، الذي يسعى لإنتاج 9 ملايين طن بحلول عام 2040، مع تخصيص جزء كبير للاستهلاك المحلي والباقي للتصدير.
تغيرات سوق الطاقة
من جانبه، قال الرئيس التنفيذي لشركة "آي إن بي" مصر، نائب رئيس مجلس إدارة الغرفة الألمانية العربية للصناعة والتجارة المهندس علاء كمال، إن تغيرات سوق الطاقة تؤثّر بشكل كبير في أسعار الطاقة والمنتجات والخدمات.
ولفت إلى أن النفط والغاز أساسان في الحياة رغم تحديات الانبعاثات الناتجة عن مشتقاتهما، بينما التحول نحو الهيدروجين والطاقة النظيفة هو الحل لمستقبل الطاقة في مصر، إذ إن الهيدروجين الأخضر مكلف للتصدير، ومطلوب استعماله محليًا لتحسين الصناعة.
وعن مستقبل الطاقة في مصر، قال المهندس علاء كمال، إنه يعتمد على قرارات جريئة وتوجّه نحو الطاقة النظيفة، لا سيما الاستثمار في الهيدروجين الأخضر، الذي يدعم التنمية المستدامة والصناعة المحلية.
بدوره، قال رئيس مجموعة "إيجبت أويل آند غاز"، الأمين العام للجمعية المصرية للغاز المهندس محمد فؤاد، إن نقص العملة الأجنبية يؤثّر سلبًا في الاقتصاد المصري والمواد الصناعية، في ظل غياب الحوافز الاستثمارية الواضحة، بما يضعف قطاع النفط والطاقة.
وأوضح أن تأخُّر سداد مديونيات الشركاء الأجانب يقلل الإنتاج المحلي للطاقة، في وقت يتجاوز فيه اعتماد مصر على الغاز نسبة الـ60% بسبب نقص الاستثمارات، لافتًا إلى أن تغيرات القوانين تُضعف ثقة المستثمرين في السوق المصرية.
وأكد أن البيروقراطية الحكومية أبرز العقبات أمام الاستثمار في قطاع الطاقة، إذ تحتاج القاهرة إلى بيئة استثمارية آمنة وجاذبة لتعزيز قطاع الطاقة، وهو ما يحتّم مراجعة الاتفاقيات مع المستثمرين لضمان جذب استثمارات جديدة.
أسعار الطاقة وعوامل العرض والطلب
فيما يتعلق بأسعار الطاقة وعوامل العرض والطلب، قال رئيس شعبة الطاقة المستدامة بالغرفة التجارية بالقاهرة، المدير التنفيذي لجمعية تنمية الطاقة "سيد " المهندس أيمن هيبة، إن سوق الطاقة تتأثر بعوامل متعددة، منها العرض والطلب، وتأثيرات الاقتصاد العالمي، والجوانب الجيوسياسية، وظروف كل دولة.
وأوضح، خلال المائدة المستديرة التي نظّمها حزب العدل لمناقشة تأثير أسعار الطاقة في الاقتصاد المصري، أن خطط التنمية العالمية تؤثّر في تلك الأسعار، وأن تباطؤ النمو في اقتصادات كبرى مثل الصين قد يخفض الطلب على النفط والغاز.
ولفت المهندس أيمن هيبة إلى أن أسعار الطاقة تعتمد بشكل رئيس على معدلات العرض والطلب، بينما تؤدي الأحداث الجيوسياسية دورًا حاسمًا في تحديد الأسعار، لافتًا إلى الأزمة الأوكرانية التي أدت إلى ارتفاع معدلات الطلب على النفط والغاز عالميًا.
وأشار إلى أن الحكومة تبذل جهودًا كبيرة لتوفير الأمن الطاقي، إذ كانت مصر سباقة في إنشاء محطات تسهيل تصدير الغاز منذ 20 عامًا، مما يمنحها ميزة تنافسية حال توفُّر فائض في الإنتاج، بجانب دور الدولة في تعزيز استكشافات الغاز، ودعم الاستثمارات الأجنبية، وترسيم الحدود البحرية ومنتدى غاز شرق المتوسط الذي يسهم في تعزيز مكانة مصر بصفتها مركزًا إقليميًا للطاقة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
0 تعليق