«القمة الدولية للفكر العربي» حلت في باريس ليومين - في المدرج

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم «القمة الدولية للفكر العربي» حلت في باريس ليومين - في المدرج

سيكون من باب مجافاة الحقيقة الادعاء بتوفير عرض شامل ومتكامل ليومين من المحاضرات والمناقشات، 14 و15 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، التي شهدها «معهد العالم العربي» في باريس بمناسبة استضافته النسخة الأولى من «القمة الدولية للفكر العربي» التي التأمت بالتشارك ما بين المعهد من جهة، وبين «المركز العربي للأبحاث والدراسات السياسية» الذي مقره باريس، من جهة أخرى، برعاية المفكر والباحث متعدد الاختصاصات أدغار موران، الذي رغم سنه الـ103، فإنه ما زال ناشطاً في الحقول الفكرية والاجتماعية بل السياسية أيضاً.

وفي الكتيب الذي أعد لهذه الغاية، كتب موران أن «القمة تفتح نافذة على غنى وتشابك وعمق الفكر العربي بعيداً عن الفكر الأحادي التبسيطي والمختزل، الذي قاومته طيلة حياتي». وبنظره، فإن القمة تشكل «فرصة لاكتشاف هذا الفكر ومناقشته ومشاركته من خلال لقاءات متميزة تجمع كبار المثقفين من العالم العربي»، واللافت أن ما يقوله موران عن الفكر «الأحادي» برز من خلال عنوان القمة، إذ يشير إليها بصيغة المفرد (الفكر العربي)، وبصيغة الجمع باللغة الفرنسية (الفكر العربي المتعدد).

في حديثه لـ«الشرق الأوسط» قال جاك لانغ، رئيس معهد العالم العربي، إن «القمة تتوج عملاً يقوم به المعهد، وهو في صلب مهمته أن يكون قطباً فكرياً ومكاناً للتفكير والإبداع، وباختصار أن يكون مختبراً فكرياً، وخصوصاً أنه حيز لتقديم العالم العربي وفكره بصورة تختلف عن الصورة السلبية والكاريكاتيرية لهذا العالم التي نراها في الصحافة الغربية».

ويضيف لانغ: «مهمتنا أن نبرز حقيقة العالم العربي الذي له مشكلاته وصعوباته لكنه أيضاً يتحلى بالإبداع الفني والفكري»، مضيفاً أن «قليلاً من المفكرين العرب يحظون بترجمة آثارهم إلى اللغات الأخرى، بما فيها الفرنسية، حيث هناك ما يشبه التجاهل لهم، وهذا ما نسعى إلى معالجته»، ومؤخراً، شرع المعهد في نشر سلسلة كتب مكثفة تعرّف بأهم الفلاسفة والمفكرين العرب القدماء والمعاصرين، بالإضافة إلى اللقاءات الدورية التي ينظمها للمثقفين والمفكرين العرب حتى يتعرّف عليهم الجمهور الفرنسي والأوروبي. وبنظره، فإن من أولويات المعهد الإعلاء من شأن المفكرين والكتاب والثقافة العربية، فضلاً عن تعريفه بقيمة اللغة العربية وجمالها وثرائها بوصفها لغة مركزية في العلوم والأفكار الخلاقة والفن والثقافة على مر العصور.

ومن جانبها، قالت الباحثة الفرنسية، ليلى سورا، إن الغرض من القمة «ليس سد النقص في معرفة الفكر العربي في فرنسا، ولكن الصور النمطية التي تروج لها الوسائل الإعلامية والثقافة المهيمنة التي تربط بين العرب والتعصب والديكتاتورية»، ومن أهداف القمة «إبراز تعددية الفكر العربي وتقديمه للفرنسيين من خلال المفكرين العرب أنفسهم الذين تعود إليهم مهمة تبيان هذه التعددية، وما يعتمل المجتمعات العربية من نقاشات».

في أي حال، جاءت القمة التي شهدت اليوم الأول حضوراً مدهشاً، لم تتسع القاعة الكبرى في الطابق التاسع لمعهد العالم العربي لاستيعابه جلوساً، فكان أن افترش جيل الشباب من الجنسين الأرض للاستماع للمداخلات والمناقشات. وفي اليوم الأول، إضافة إلى الافتتاح، كانت هناك خمس جلسات: (الفكر العربي في ثورة، الإعلام المستقل، التفكير في النسوية العربية، كيفية التموضع إزاء التراث العربي والإسلامي، وأخيراً تحرير الفكر من الاستعمار).

وفي اليوم الثاني، كانت هناك أربع جلسات (الاستشراق والاستغراب والخروج من التناقض، العلوم الإنسانية العربية، الفكر العربي وشبكاته من مراكز البحث ومجموعات التفكير، وأخيراً البودكاست في العالم العربي)، واتبع ذلك بجلسة نهائية تحت مسمى «المنبر الختامي».

لا شك أن الجهتين المنظمتين للقمة نجحتا في توفير حضور متنوع وواسع، وأن المناقشات التي جرت ليومين جاء بعضها معمقاً وثرياً، لكن رغم ذلك، هناك عدة ملاحظات لا يمكن تجاهلها؛ وأولها الكثافة الاستثنائية للموضوعات والملفات المتطرق إليها في يومين، فيما كان من الأفضل، ربما، التركيز على ثلاثة أو أربعة موضوعات وإشباعها بحثاً، خصوصاً أن كلاً من الموضوعات المذكورة سابقاً يحتاج بنفسه إلى جلسات ومناقشات متلاحقة ومعمقة، والملاحظة الثانية وجود خلط بين موضوعات لا قرابة فيما بينها، والثالثة أن هناك موضوعات مثل «تحرير الفكر من الاستعمار» أشبعت خلال عقود بحثاً ودراسات، والحال عينها فيما خص «الاستشراق والاستغراب»، والملاحظة الأخيرة بشأن الجلسة الأولى التي جاءت تحت عنوان «الفكر العربي في ثورة» في الإشارة إلى ما عرفه العالم العربي في العشرية الثانية أو سمّي «الربيع العربي»؛ حيث السياسة تتداخل بالفكر، وحيث الحكم على مرحلة كهذه من التاريخ العربي المعاصر تحتاج إلى انقضاء سنوات لتبيان إفرازاتها وتأثيرها من خلال وضعها في السياق التاريخي.

يبقى أن معهد العالم العربي والمركز العربي للبحوث والدراسات السياسية أحسنا في تنظيم هذه القمة في دورتها الأولى، والأمل أن تكون سنوية، وأن تتحول إلى موعد قائم ليس فقط في باريس، ولكن أن تجول أيضاً إلى مدن أخرى، ومنها بالطبع في العالم العربي.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق