الدكتور تامر شوقي يكتب: «التقييمات المدرسية.. أهميتها والاشكاليات المرتبطة بها»

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

تمثل التقييمات جزءًا أصيلًا من العملية التعليمية، ولا يوجد تعليم بدون تقييم، الذي يمثل الوسيلة التي من خلالها يمكن الحكم على مدى تحقق الأهداف التعليمية، وكذلك التعرف على نواحي القوة والضعف لدى الطالب في تحصيله وإتقانه للمواد الدراسية المختلفة، ومن ثم معالجة نواحي ضعفه في أي درس، سواء من خلال إعادة استذكاره من جديد أو تغيير طريقة استذكاره له، كما يمكن للمعلم، من خلال تقييم طلابه، التعرف على مدى كفاءته في شرح المادة التي يقوم بتدريسها، وما إذا كان يستخدم طرقًا مناسبة لمستوى طلابه أم لا؟، وغيرها من الفوائد لجميع عناصر العملية التعليمية.

وتتنوع التقييمات المستخدمة في العملية التعليمية ما بين تقييمات مبدئية، يتم تطبيقها في بداية العام الدراسي أو حتى بداية الحصة للتعرف على مستوى الطالب المبدئي في المادة أو الدرس، ومن ثم بدء التدريس في ضوء هذا المستوى. وتأتي التقييمات المستمرة أو التكوينية، التي تلازم عملية التعلم طوال الفصل الدراسي، وتتنوع صورها ما بين تقييمات يومية أو أسبوعية أو نصف شهرية أو شهرية، وتفيد في تعرف الطالب على مستواه التحصيلي أولًا بأول، وتمكنه من الإلمام بجميع أجزاء أي مادة، كما تفيد في تدريب الطالب على الامتحانات وتعوده عليها، وإزالة الرهبة منها. 

وأخيرًا، تأتي التقييمات النهائية أو التجميعية التي يتم تطبيقها مرة واحدة فقط في نهاية الفصل أو العام الدراسي، وتفيد في إصدار الأحكام بنجاح الطالب أو رسوبه في المواد الدراسية المختلفة. 

ورغم حرص المدارس على تطبيق الأشكال الثلاثة من التقييمات، إلا أن منظومة التقييم تعاني من بعض المشكلات التي تقلل من قدرتها على القيام بوظيفتها بشكل فعال.

ومن أمثلة تلك الإشكاليات ضعف الاهتمام بالتقييم المبدئي، الذي يمكن المعلم من التعرف على الفروق الفردية بين طلابه داخل الفصل الواحد، ومن ثم التعامل معهم في ضوء هذه الفروق. بينما في الواقع، يفترض غالبية المعلمين أن كافة الطلاب داخل الفصل يمتلكون نفس المستوى التحصيلي ونفس القدرات العقلية، وبالتالي يشرح لهم بنفس الطريقة التي قد لا تناسب البعض منهم من ذوي المستوى الضعيف، ويزداد عدم فهمهم للمادة. 

كما تتضمن الإشكاليات أيضًا توحيد شكل التقييم على جميع الطلاب في صورة أسئلة لفظية مكتوبة فقط، في حين يجب أن يشمل التقييم أشكالًا أخرى مثل الأداءات العملية التي تقدم دليلًا على مدى إتقان الطالب للمعلومات وقدرته على تطبيقها في الواقع، فهناك فرق كبير بين سؤال الطالب نظريًا عن خطوات إنتاج المربى، وبين أن يطلب منه عمليًا إنتاج مربى بالفعل من خلال إتاحة مكونات إنتاجها. 

ويمثل اكتفاء المعلم بتعريف الطالب على درجته في التقييم سواء الأسبوعي أو الشهري دون إعطائه ورقة إجابته للتعرف على أخطائه، وبالتالي تجنبها فيما بعد، إحدى مشكلات التقييم التي تتنافى مع الهدف الأساسي له.

ومن الأخطاء الشائعة أيضًا في التقييمات توحيد الدرجة المخصصة للتقييمات المستمرة (٤٠٪) وللتقييم النهائي (٦٠٪) في صفوف المرحلة الابتدائية، على سبيل المثال، في جميع المواد الدراسية، إذ من الأصح من المنظور التربوي تغيير تلك النسب في ضوء طبيعة كل مادة، فمثلًا قد تتطلب مادة العلوم تكليف الطالب بإجراء تجارب متعددة طوال الفصل الدراسي، الأمر الذي يقتضي تخصيص درجة أكبر للتقييمات المستمرة أو أعمال السنة (٦٠٪) ودرجة أقل للامتحان النهائي (٤٠٪)، والعكس صحيح في مادة نظرية مثل الدراسات الاجتماعية، كذلك من الأخطاء الشائعة في التقييمات استخدامها للمقارنة فقط بين الطلاب، بينما الوظيفة الحقيقية للتقييم هي مقارنة الطالب لدرجاته ومستواه خلال التقييمات المتتابعة، والتعرف على مدى تقدمه أو تراجعه في التعلم.

وفي كل الأحوال، لابد أن يحرص المعلمون والموجهون على تلافي تلك الأخطاء حتى يؤتي التقييم ثماره المرجوة ويصبح تقييمًا من أجل التعلم، وليس فقط تقييمًا للتعلم.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق