خبير أمن معلومات: مصر وضعت استراتيجيات وطنية للأمن السيبراني لحماية منشآتها الحيوية (حوار)

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

قال وليد حجاج، خبير أمن المعلومات، عضو الهيئة العليا الاستشارية للأمن السيبراني، إن الحروب النفسية تعتمد على تقنيات رقمية متطورة وأساليب نفسية متقنة لإقناع الجمهور بصدق الأكاذيب في وقت قياسي، ما يؤدي إلى تأثيرات هائلة على المجتمع والاقتصاد.

وأضاف «حجاج»، في حوار لـ«الوطن»، إن صناعة الأكذوبة الرقمية تبدأ من فكرة بسيطة، والفضاء الرقمي أصبح ميدانًا للصراعات السياسية والاقتصادية، ما دفع مصر إلى وضع استراتيجيات وطنية للأمن السيبراني لحماية منشآتها الحيوية من تهديدات الفضاء الإلكتروني.

دور منصات التواصل الاجتماعي في الحروب النفسية

* ما دور منصات التواصل الاجتماعي في الحروب النفسية؟

- استراتيجية الانتشار السريع، تعتمد الشائعات على منصات التواصل الاجتماعي «فيس بوك، إكس، وإنستجرام»، بالإضافة إلى تطبيقات الرسائل الفورية مثل «واتساب» و«تيليجرام» لنشر الأكاذيب بسرعة كبيرة. وبفضل الخوارزميات التي تعزز التفاعل، تنتشر الأكاذيب بشكل أسرع من الحقائق، وكلما زاد التفاعل «إعجابات، مشاركات، تعليقات» زادت فرصة وصول الأكذوبة إلى جمهور أوسع. كما أن العنصر الرابع هو الاعتماد على «البوتات» الرقمية، حيث تستخدم الروبوتات الآلية لتنفيذ هجمات رقمية منسقة تنشر الأكاذيب على نطاق واسع. وتنشر تلك الروبوتات التعليقات والتفاعلات المزيفة لزيادة الثقة في الأكذوبة، ويمكن للآلاف من الروبوتات الترويج لمحتوى زائف في وقت قصير، مما يعزز انتشار الأكذوبة.

* ماذا عن كتائب الإخوان الإلكترونية ونشرها للأكاذيب؟

- «السوشيال ميديا»، تمثل أرضاً خصبة لنشر الشائعات مجهولة المصدر وهي غير مكلفة، فهناك العديد من الحسابات المسروقة التي تصل لمئات الآلاف وتُستخدم في ترويج الشائعات، وهناك نوعان من الشائعات، إحداهما استباقية لجس نبض الشارع، والأخرى هدامة تستهدف النيل من أي إنجاز يتحقق على أرض الواقع، وعادة ما يكون بطل حرب الأكاذيب وهمياً، غير موجود في الحقيقة، فهناك برامج حديثة تُستخدم في صناعة حسابات مزيفة، فتجد شخصاً واحداً قادراً على التحكم في 10,000 حساب مزيف، ويصدر منها تعليقات مختلفة في نفس التوقيت للترويج للشائعات ونشر الفوضى.

كما أن التنظيم الإرهابي يقوم بصناعة رأي عام مزيف، ويحشد لأمور غير موجودة على أرض الواقع، فهناك تريندات على تويتر يتحكم فيها هاكر، فتجد تعليقات لـ100 ألف حساب تحمل هاشتاجاً واحداً، لتصديره للعالم. كذلك يتم استخدام فيديوهات قديمة بعد تغيير الصوت لإظهار أمور غير حقيقية، وأنصح المواطن بعدم تصديق أي فيديو ينشره تنظيم الإخوان الإرهابي وأعوانه.

* كيف يتم إقناع الناس بالأكاذيب؟

- يعتمد ذلك على تقنيات نفسية لإقناع الناس بتصديق الأكاذيب، من خلال استغلال عدة عوامل نفسية من بينها التكرار، وهو أحد أقوى أساليب الإقناع. عندما يرى الشخص نفس المعلومة أو الفكرة مراراً وتكراراً عبر منصات مختلفة، يبدأ في تقبلها كحقيقة، وهذا يتم استغلاله على نطاق واسع في نشر الشائعات عبر «التناغم الرقمي»، وأحد الأساليب لإقناع الناس أيضاً هو التأكيد الزائف، حيث يزعم صانع الشائعة أن الأكذوبة مصدرها «موثوق»، أو أنها مدعومة بأدلة علمية، ما يزيد من مصداقيتها من وجهة نظر الجمهور. وكذلك التلاعب بالعواطف.

تأُير الحروب السيبرانية الاقتصادية والسياسية

* ما التأثير الاقتصادي والسياسي للحروب السيبرانية على الدولة؟

- تُظهر الحروب السيبرانية أن الفضاء الرقمي أصبح ميداناً جديداً للصراعات السياسية والاقتصادية، ويمكن أن تؤدي الهجمات السيبرانية إلى خسائر مالية ضخمة، كما يمكن أن تسبب اضطرابات واسعة في القطاعات الحيوية مثل المصارف، الطاقة، النقل، والتجارة الإلكترونية. وهذه الهجمات لا تقتصر على الإضرار بالاقتصاد الوطني فقط، بل تتجاوز ذلك إلى التأثير على القرارات السياسية والتحالفات الدولية. وعلى المستوى القومي، يمكن أن يؤدي نجاح هجوم سيبراني إلى زعزعة ثقة المواطنين في قدرة الحكومة على حماية الدولة والبنية التحتية، مما يولد شعوراً بعدم الأمان. وفي حالات أخرى، قد تستغل بعض الدول الحروب السيبرانية للضغط على خصومها السياسيين، حيث تقوم بزرع معلومات مضللة أو تسريب وثائق سرية لتعزيز نفوذها السياسي على الساحة الدولية.

وأصبح الاقتصاد الرقمي جزءاً لا يتجزأ من حياة الدول الحديثة، ما يجعله هدفاً مغرياً للهجمات السيبرانية، ويمكن لهذه الهجمات أن تؤدي إلى خسائر في الإيرادات، ووقف العمليات، وحتى تراجع أسهم الشركات الكبرى في الأسواق المالية. وعلى الصعيد السياسي، تسهم الهجمات السيبرانية في إضعاف الدولة وزعزعة استقرارها، مما يعرضها للتدخلات الأجنبية والتبعية السياسية.

* ما آليات المواجهة المجتمعية للحروب النفسية؟

- لمواجهة الحروب النفسية يجب تعزيز الوعي المجتمعي من خلال التعليم والتثقيف الإعلامي، وتعليم الأفراد كيفية التمييز بين المعلومات الصحيحة والمغلوطة. كما يجب تعزيز الوحدة الوطنية من خلال ترسيخ قيم التضامن والحوار المفتوح بين مختلف فئات المجتمع. ويجب مكافحة الشائعات والأخبار الزائفة عبر منصات موثوقة للتحقق من المعلومات، وتنظيم حملات توعية عبر وسائل الإعلام المحلية، ودعم المجتمع من خلال تقديم خدمات الدعم النفسي والاجتماعي وتدريب الأفراد على التعامل مع القلق والخوف.

ويمكن للمؤسسات المجتمعية، مثل المنظمات غير الحكومية، أن تلعب دوراً حيوياً في نشر التوعية. كما يجب أن تكون هناك آليات تواصل فعالة بين الحكومة والمجتمع لتوضيح الحقائق سريعاً. ويجب الاستفادة من وسائل التواصل الاجتماعي لمكافحة التضليل ونشر الحقائق بشكل فعال، مما يعزز قدرة المجتمع على التصدي لحروب المعلومات النفسية.

مصر تواجه تحديات الأمن السيبراني

* كيف واجهت مصر تحديات الأمن السيبراني الأخيرة؟

- واجهت مصر خلال العقد الأخير تحديات كبيرة فيما يتعلق بالأمن السيبراني، خاصة مع التطور السريع الذي شهدته البلاد في مجال الرقمنة والتحول الرقمي في جميع القطاعات. وتعد الهجمات السيبرانية واحدة من أخطر التهديدات التي تواجه البنية التحتية الرقمية المصرية، في ظل الاعتماد المتزايد على التكنولوجيا في المجالات الحكومية والاقتصادية. وخلال السنوات الأخيرة، وضعت مصر استراتيجيات وطنية للأمن السيبراني، تستهدف حماية منشآتها الحيوية من التهديدات السيبرانية، وأطلقت الدولة عدة مبادرات لتعزيز القدرات السيبرانية وتعزيز التعاون مع الدول الأخرى في هذا المجال، بهدف الحد من المخاطر والتعامل مع التهديدات المتزايدة. كما تم تعزيز القدرات الأمنية للمؤسسات الحكومية والخاصة من خلال برامج التدريب وتطوير البنية التحتية التكنولوجية.

* هل تلجأ مصر إلى تطوير أنظمة متقدمة للتصدي للتحديات السيبرانية؟

- لا تزال التحديات قائمة، فمع تزايد الهجمات السيبرانية العالمية، تواجه مصر تحديات جديدة تتمثل في تطوير أنظمة متقدمة للتصدي لهذه الهجمات، وكذلك تعزيز التشريعات والقوانين التي تدير الفضاء السيبراني. كما أن التنسيق بين مختلف القطاعات والمؤسسات يعد أمراً حاسماً لتعزيز الأمن السيبراني على مستوى الدولة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق