تلعب مراكز تجميع الألبان دورًا محوريًا في تعزيز منظومة الأمن الغذائي ودعم قطاع الثروة الحيوانية في مصر، مع التزايد المستمر في عدد السكان وارتفاع الطلب على منتجات الألبان، تسعى الدولة إلى تطوير هذه المراكز لتحسين جودة الإنتاج وزيادة الكفاءة بما يواكب احتياجات السوق المحلي.
يمثل هذا القطاع شبكة واسعة تضم مئات المراكز الموزعة على مختلف المحافظات، مع تركيز خاص على المناطق الريفية وصعيد مصر التي شهدت تطورًا ملحوظًا في هذا المجال خلال السنوات الأخيرة.
تسعى هذه المراكز لتحقيق أهداف استراتيجية تتضمن تحسين السلالات الحيوانية، تعزيز الممارسات الصحية في إنتاج الألبان، وتطبيق تقنيات حديثة لضمان جودة المنتجات.
وقال الدكتور عبدالرشيد غانم، منسق مراكز تجميع الألبان بوزارة الزراعة، إن مراكز تجميع الألبان تلعب دورًا محوريًا في تعزيز الأمن الغذائي ودعم قطاع الثروة الحيوانية في مصر، مع النمو السكاني المستمر وزيادة الطلب على منتجات الألبان، تسعى وزارة الزراعة إلى تطوير هذه المراكز لتواكب الاحتياجات المتنامية، مع التركيز على تحسين الجودة وزيادة الإنتاج المحلي بما يحقق التوازن بين العرض والطلب، ويعزز الاقتصاد الوطني.
وأوضح غانم، في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أنه يوجد في مصر 399 مركزًا لتجميع الألبان، تمثل شبكة واسعة تمتد عبر مختلف المحافظات، ومن بين هذه المراكز، تم إنشاء 41 مركزًا ضمن مبادرة "حياة كريمة"، التي تهدف إلى دعم المناطق الريفية والمحرومة، توزيع المراكز يأخذ في الاعتبار الكثافة الحيوانية واحتياجات السكان في كل منطقة ومن بينهم محافظة البحيرة تضم 77 مركزًا، منها مركزان ضمن مشروع "حياة كريمة" ومحافظة الغربية يوجد بها 50 مركزًا، لكنها لا تشمل أي مراكز من المبادرة، ومحافظة سوهاج تحتوي على 17 مركزًا، منها 7 مراكز ضمن مبادرة "حياة كريمة"، محافظات صعيد مصر، مثل المنيا وأسوان والفيوم، شهدت تطورًا كبيرًا مع إنشاء مراكز حديثة لتحسين الخدمات المحلية.
أهمية تعزيز المراكز في صعيد مصر
وأشار إلى أنه على مدار التاريخ، عانت محافظات الصعيد من نقص حاد في عدد مراكز تجميع الألبان، ما أثر على جودة الإنتاج وخدمات المزارعين، منذ عام 2020، تبنت وزارة الزراعة خطة شاملة لتوسيع شبكة المراكز في الصعيد، مع التركيز على تجهيزها بأحدث التقنيات والمعدات المتطورة وفقًا للمعايير العالمية، وهذه الجهود لم تقتصر على تحسين البنية التحتية، بل شملت أيضًا زيادة الوعي لدى سكان هذه المناطق بأهمية دور المراكز في تنمية قطاع الثروة الحيوانية وتحقيق التنمية المستدامة.
وأوضح أنه مع زيادة السكان بمعدل 2.5 مليون نسمة سنويًا، تستهدف وزارة الزراعة إنشاء المزيد من مراكز تجميع الألبان في السنوات القادمة، مشيرًا إلى أنه يتم اختيار مواقع هذه المراكز بناءً على دراسات علمية لتحديد المناطق ذات الكثافة الحيوانية المرتفعة والاحتياجات المحلية. كما تسعى الوزارة لتطبيق معايير عالمية في تصميم وتجهيز المراكز لضمان تحسين كفاءة الإنتاج وتوفير منتجات ألبان عالية الجودة.
وأكد أن مراكز تجميع الألبان تمثل ركيزة أساسية لقطاع الثروة الحيوانية، حيث تساهم في تحسين جودة الألبان وزيادة الإنتاجية. من خلال سياسات الوزارة لتحسين السلالات الحيوانية، والتوسع في برامج التلقيح الاصطناعي، يمكن للمزارعين تحقيق إنتاج أفضل من حيث الكمية والجودة كما تبذل وزارة الزراعة ومديريات الطب البيطري جهودًا لضمان سلامة وجودة الألبان، ومنها، فحص الحيوانات للكشف عن الأمراض المشتركة مثل البروسيلا والسل، تنظيم ورش عمل توعوية لتحسين ممارسات الحلب ونقل الألبان، تطبيق اختبارات معملية لضمان خلو الألبان من الملوثات مثل المضادات الحيوية.
وأضاف أن وزارة الزراعة تحرص على تطوير البنية التحتية لمراكز التجميع، خاصة تلك التي أُنشئت ضمن مشروع "حياة كريمة". تم تجهيز هذه المراكز بأنظمة إلكترونية متقدمة لتحليل جودة الألبان وتتبع عملية الإنتاج. يساعد ذلك في تحسين كفاءة العمل وضمان تقديم خدمات متميزة للمزارعين.
وأشار إلى أنه رغم الجهود المبذولة، تواجه مراكز تجميع الألبان تحديات تتعلق بارتفاع تكاليف الأعلاف، التي تمثل نسبة كبيرة من تكلفة الإنتاج. وعلى الرغم من استقرار أسعار الأعلاف المستوردة، إلا أن الأعلاف المحلية مثل البرسيم والسيلاج تواجه ارتفاعًا في التكلفة.
وأوصت وزارة الزراعة بتخفيف العبء على المنتجين من خلال استثناء مشاريع الأمن الغذائي من الزيادات في تكاليف الطاقة، ما يساعد في استقرار أسعار الألبان ومنتجاتها.
ومن جانبه قال سعيد بدر، نائب رئيس شعبة الألبان بغرفة الصناعات الغذائية باتحاد الصناعات، إن قطاع الألبان يواجه تحديات كبيرة نتيجة التغيرات في السوق المحلي والدولي، مشيرًا إلى أن الأسعار المفترضة لمنتجات الألبان تعتمد بشكل أساسي على مبدأ العرض والطلب، حيث إن هناك تراجع بنسبة تقارب 15% في أسعار الألبان.
وأشار إلى أن جزء كبير من صناعة منتجات الألبان يعتمد على مواد خام مستوردة، مثل الزيوت واللبن المجفف، والتي تتأثر بشكل مباشر بالتغيرات في البورصات العالمية مشيرًا إلي أن "الزيادات في أسعار هذه المواد الخام وصلت إلى حوالي 20%، ما يشكل ضغطًا إضافيًا على المنتجين، خاصة مع الاعتماد الكبير على الاستيراد لتلبية احتياجات السوق المحلي".
ورغم هذه التحديات، أكد بدر أن المنتجين لم يقدموا على رفع أسعار منتجات الألبان حتى الآن، في محاولة للحفاظ على استقرار السوق وقال: "ضعف القوة الشرائية لدى المستهلك المصري أجبر المنتجين على تأجيل أي زيادات في الأسعار، رغم الارتفاع الكبير في التكاليف، وهذا الوضع يضع المنتجين في معادلة صعبة بين مواجهة ارتفاع التكاليف والحفاظ على قدرة المستهلكين على شراء المنتجات".
وأضاف أنه يحدث انخفاض في أسعار الألبان خلال فصل الشتاء في العديد من المناطق، ويرجع ذلك إلى عوامل عدة تؤثر على العرض والطلب. إليك الأسباب الرئيسية زيادة إنتاج الحليب في فصل الشتاء، حيث يكون فصل الشتاء، يكون إنتاج الحليب أعلى نتيجة لتحسن صحة الحيوانات بسبب اعتدال درجات الحرارة، حيث تستهلك الحيوانات طعامًا مغذيًا أكثر (مثل البرسيم الأخضر المتوفر بكثرة) الذي يرفع من إنتاجية الحليب.
وأضاف أن انخفاض الطلب على الحليب يقل استهلاك المشروبات الباردة التي تعتمد على الحليب، مثل العصائر والمثلجات، بسبب برودة الطقس، عادةً ما يزيد الطلب على الحليب في الصيف لصناعة المثلجات أو المشروبات الباردة، مما يؤدي إلى انخفاض الطلب النسبي في الشتاء، ومع زيادة الإنتاج في الشتاء وانخفاض الطلب، يتوفر الحليب بكميات كبيرة في الأسواق، مما يؤدي إلى انخفاض الأسعار بسبب وفرة العرض.
بعض المصانع تستغل فترة زيادة الإنتاج في الشتاء لتخزين الألبان وتحويلها إلى منتجات ذات فترة صلاحية أطول، مثل الجبن والزبدة، مما يقلل الحاجة إلى شراء كميات كبيرة من الحليب الطازج، هناك تأثير للعوامل الاقتصادية المحلية والعالمية، مثل تكاليف الإنتاج والنقل والأسعار العالمية، ولكن الموسم يظل عاملًا أساسيًا في تحديد الأسعار.
0 تعليق