عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم "مهمة ماسك المعقدة".. وزارة دون صلاحيات وهدف طموح لخفض الإنفاق - في المدرج
بالنسبة لأغنى رجل في العالم إيلون ماسك، فإن الطريقة المثلى لزيادة فعالية وكفاءة الحكومة الأميركية تكمن في تقليص حجم الحكومة، وموظفيها الفيدراليين وخفض نفقاتها بنحو تريليوني دولار، وهو ما يمثل نحو 30% من مجموع إنفاق الحكومة الأميركية في السنة المالية الأخيرة، والذي بلغ 6.75 تريليون دولار.
هذا الهدف الطموح أعلننه ماسك في أواخر أكتوبر الماضي، بعدما تعهد دونالد ترمب بمنحه منصباً في إدارته المقبلة لتحديث الحكومة وجعلها أكثر كفاءة.
ماسك قال أيضاً إنه يرى أنه يجب تقليص عدد الوكالات الفيدرالية من 428 إلى 99 وكالة فقط.
وأصبح دور ماسك في إدارة ترمب المقبلة يتنامى بشكل جلي، بعدما عينه ترمب رسمياً إلى جانب رجل الأعمال والمرشح الجمهوري السابق للرئاسة فيفيك رامسوامي على رأس "وزارة الكفاءة الحكومية"، التي كلفها ترمب بتحسين كفاءة العمل الحكومي وخفض الإنفاق الفيدرالي.
وعلى الرغم من اسمها الرسمي، فإن "وزارة كفاءة الحكومة" ليست وكالة حكومية فعلية، بل هي لجنة استشارية تعمل خارج الحكومة، وتهدف إلى تحديد مكامن الهدر واقتراح الإصلاحات. وفقاً لترمب، ستُركز اللجنة على "تفكيك البيروقراطية، وتقليص اللوائح التنظيمية، وخفض الإنفاق غير الضروري".
وفي مقال رأي مشترك نُشر في صحيفة "وول ستريت جورنال"، أوضح ماسك وراماسوامي رؤيتهما لتحقيق هذه الأهداف عبر ثلاث أنواع رئيسية من الإصلاحات: إلغاء اللوائح، وتقليص الإدارات، وتحقيق التوفير في التكاليف.
غير أن وعود ماسك الطموحة قوبلت بتشكيك من قبل الخبراء، الذين اعتبروا أن هذه الأهداف تفتقر للواقعية وغير قابلة للتطبيق سياسياً، نظراً لأن الدستور الأميركي يمنح الكونجرس فقط سلطة إدارة الإنفاق الحكومي، وسط تحذيرات من حصول صراع دستوري بشأن توازن القوى في واشنطن، في حال إقدام إدارة ترمب على استخدام السلطة التنفيذية لإحداث تغييرات تقع ضمن صلاحيات الكونجرس.
خفض تريليوني دولار
دان ماكميلان، وهو كاتب سياسي ومؤسس ومدير منظمة "أنقذ الديمقراطية في أميركا"، قال لـ"الشرق"، إنه "لا يمكن لأي جهة أن تخفض تريليوني دولار من الميزانية الفيدرالية دون تقليص كبير في الإنفاق الإلزامي على برامج مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية، ومدفوعات الفائدة على الدين الحكومي، وهو الإنفاق الذي يمثل في المجموع 70% من الميزانية".
وأوضح ماكميلان، أن العديد من الأميركيين يشعرون "أنهم قد حصلوا على مزايا الرعاية الصحية والضمان الاجتماعي من خلال مساهماتهم في تلك البرامج عبر الضرائب و الاقتطاعات من الرواتب. لذلك، فإن اقتراح خفض هذه الفوائد يُعتبر انتحاراً سياسياً. وليس من المستغرب أن ترمب يتعهد بعدم المساس بهذه الفوائد".
وتذهب نحو 1.46 تريليون دولار، أي ما يعادل نحو 22% من الانفاق الحكومي، إلى "نظام التقاعد" المعروف باسم social security، وهو ما جعل بعض التقارير ترجح أن يكون ضمن أهداف مراجعة "وزارة الكفاءة الحكومية". غير أن ذلك يتعارض مع تعهدات الرئيس المنتخب خلال حملته الانتخابية، إذ تعهد بعدم قطع تمويل برنامج "التقاعد"، كما تعهد برفع قيمة "التقاعد" الذي يحصل عليه الأميركيون عن طريق إلغاء الضريبة على شيكات "التقاعد".
أشار ماكميلان، إلى أن الإنفاق التقديري، الذي قد تطاله إجراءات خفض الإنفاق، والذي يشمل وزارتي الدفاع والتعليم وبرامج حكومية أخرى، يشكل جزءاً صغيراً من الميزانية، وحتى إلغاء وكالات حكومية بأكملها مثل وزارة التعليم لن يمكّن من خفض الإنفاق بنحو تريليوني دولار، دون معالجة الإنفاق الإلزامي الذي وعد ترمب بحمايته.
في السياق ذاته، ترى جيمي إي. رايت، محللة سياسية ومؤسسة "رايت لو للمحاماة"، أنه "لن يكون مفاجئاً إذا ركز ماسك وراماسوامي على الوكالات التي يُنظر إليها على أنها بيروقراطية زائدة، مثل وكالة حماية البيئة ووزارة التعليم".
ومع ذلك، قالت رايت لـ"الشرق"، إن "الفوائد الاستحقاقية مثل الضمان الاجتماعي والرعاية الطبية من المرجح أن تبقى محمية سياسياً من قبل ترمب، مما يجعل التغييرات الكبيرة في الإنفاق غير ممكنة فعلياً".
ولم يشر ماسك إلى تعهده السابق بخفض الإنفاق بتريليوني دولار في المقال المشترك الذي كتبه مؤخراً مع رامسوامي، والذي جاء فيه أن وزارة الكفاءة الحكومية ستساعد في إنهاء الإنفاق الفيدرالي الزائد من خلال استهداف أكثر من 500 مليار دولار من النفقات الفيدرالية السنوية التي لم يصرح بها الكونجرس، أو التي يتم استخدامها بطرق لم يقصدها الكونجرس، و535 مليون دولار سنوياً لمؤسسة البث العام و1.5 مليار دولار لمنح المنظمات الدولية، بالإضافة إلى ما يقرب من 300 مليون للمجموعات التقدمية مثل تنظيم الأسرة".
من جهة أخرى، يرى داستن سيجينز، وهو كاتب وصحافي ومؤسس شبكة "بروفن ميديا سوليوشنز"، أنه " لا أحد يعلم على وجه اليقين كيف يمكن أن يؤثر إلغاء بعض اللوائح التنظيمية والوكالات الفدرالية، على كفاءة وفعالية الخدمات العامة".
وأوضح في حديثه لـ"الشرق"، أن ذلك " قد ينتج مزايا مثل خفض الدين الوطني، ولكن ستكون هناك تغييرات، وبعضها قد يكون غير مريح. ومع ذلك، فإن تقليص البرامج السيئة هو أمر جيد على المدى البعيد، حتى لو كان غير مرضٍ للبعض على المدى القصير".
تسريح جماعي للبيروقراطيين
وقال ماسك ورامسوامي، إنها ينويان صياغة خطة لإلغاء آلاف اللوائح التنظيمية، مما سيؤدي إلى تسريح جماعي للموظفين البيروقراطيين في الوكالات الفيدرالية. وأشارا إلى أنهما سيقترحان الإبقاء على الحد الأدنى من عدد الموظفين اللازمين لتنفيذ وظائف الوكالات الفيدرالية المسموح بها دستورياً والمطلوبة بموجب القانون.
وتقترح الخطة، تحفيزات لتشجيع الموظفين المستهدفين بالتسريح على الاستقالة الطوعية، فيما تضم أيضاً إجراءات أخرى لدفعهم نحو الاستقالة، ومن ضمنها إنهاء العمل عن بعد.
وكتب ماسك ورامسوامي، أن ""إلزام الموظفين الفيدراليين بالحضور إلى المكتب خمسة أيام في الأسبوع سيؤدي إلى موجة من الاستقالات الطوعية التي نرحب بها: إذا كان الموظفون الفيدراليون لا يرغبون في الحضور، فلا ينبغي لدافعي الضرائب الأميركيين دفع رواتبهم مقابل امتياز العمل من المنزل الذي أتاحته جائحة فيروس كورونا".
وتُعد الحكومة الفيدرالية، أكبر جهة توظيف في الولايات المتحدة، حيث تضم قوتها العاملة أكثر من مليوني أميركي. لذلك، فإن توصيات وزارة الكفاءة الحكومية قد تكون لها تداعيات واسعة النطاق.
ولا يُطلب حالياً من جميع الموظفين الفيدراليين العمل من المكتب خمسة أيام في الأسبوع. إذ تحدد كل وكالة حكومية سياسة العمل عن بُعد الخاصة بها بناءً على طبيعة مهامها. ووفقًا لبيانات مكتب إدارة شؤون الموظفين، هناك 1.3 مليون موظف فيدرالي معتمد للعمل عن بُعد، حيث تُظهر البيانات الحكومية أن الموظفين الذين يعملون عن بُعد يقضون 60% من وقتهم في أداء العمل حضورياً.
دان ماكميلان، اعتبر أن "إيلون ماسك هو المبتكر الأكثر جرأة وإبداعاً في عصرنا. ومن المرجح أن يجد طرقاً مهمة لجعل الحكومة أكثر كفاءة. وكما حدث مع إطلاق الأقمار الاصطناعية، فقد يجد طرقاً لجعل بعض وظائف الحكومة زائدة عن الحاجة من خلال تأدية مهامها بشكل أفضل وبتكلفة أقل. والأفضل من ذلك، قد يعمل ماسك على تعزيز نهج ريادي ناشئ في مجال شراء الأسلحة. فبفضل وحدة الابتكار الدفاعي الصغيرة ولكن المتواضعة في وادي السليكون، يستطيع رواد الأعمال أن يتغلبوا على بيروقراطيي البنتاجون ونظام الشراء البطيء والمبذر للأسلحة الذي يعتمد على التكلفة، والذي يعود تاريخه إلى الحرب العالمية الثانية".
أما داستن سيجينز، كاتب وصحافي ومؤسس شبكة "بروفن ميديا سوليوشنز"، فيرى أن خطة التسريحات الجماعية ستساعد الجمهوريين على كسب نقاط سياسة وسط الناخبين، "خاصة القاعدة التي دعمت انتخاب ترمب. إذ يشعر ما لا يقل عن نصف الأميركيين، بأن الوكالات الفيدرالية في واشنطن تفرط في التوظيف وتنعدم الكفاءة لدى موظفيها، ولا تحل مشاكل الأميركيين".
غير أنه أوضح في حديثه لـ"الشرق"، أن تنفيذ عملية التسريح الجماعي "سيكون صعباً للغاية، لأن وزارة الكفاءة الحكومية ليس لها سلطة تنفيذية، ونظراً لأن جزء كبير من القوى العاملة الفيدرالية هم أعضاء في النقابات، ولأن العديد من الإدارات والبرامج تم إقرارها من قبل الكونجرس، وتحتاج إلى موافقة الكونجرس لإجراء التغييرات".
وأفاد تقرير نشرته "رويترز"، بأن موظفي الحكومة بدأوا في التحرك استجابةً لاحتمالية حدوث تقليصات جماعية، حيث قاموا بتوظيف محامين والتحضير لحملات عامة، مع أملهم في أن يتدخل الكونجرس.
وقال سيجنز، إن التسريح الجماعي قد يواجه تحديات قضائية "قد تأخذ سنوات، وسياسات التوظيف الفيدرالية تميل بشدة لدعم العاملين. لذا فإن تنفيذ هذه التخفيضات سيكون مليئاً بالتحديات".
واستبعد سيجنز، أن تشجع تحفيزات نهاية الخدمة على الاستقالة الطواعية، قائلاً إن "العديد من الموظفين الفيدراليين يتقاضون رواتب أعلى ويحصلون على حزم تقاعد أفضل من نظرائهم في القطاع الخاص، بالإضافة إلى أن الوظائف الفدرالية توفر مستويات أعلى من الأمان الوظيفي مقارنة مع القطاع الخاص".
من جانبها، ترى جيمي إي. رايت، أنه "إذا كان الهدف هو تقليص حجم القوى العاملة الفيدرالية أو إعادة هيكلة تشكيل الإدارات، فقد تكون توصيات وزارة الكفاءة الحكومية ذات تأثير كبير. هناك من يدعي أن حكومة أصغر مع قوة عاملة أقل قد تكون أفضل أداءً، لكن المشكلة تكمن في التغيرات السياسية المفاجئة التي قد تترك الخدمات المهمة أقل قدرة على الوفاء باحتياجاتها، وقد تجعل الناس أقل رضى. فالعمليات في البرامج الفيدرالية تعتمد بشكل كبير على المسؤولين التنفيذيين ذوي الخبرات طويلة الأمد، وإذا تم تسريح مثل هؤلاء الخبراء، فقد تظهر فجوات في مجالات مثل الصحة العامة، الأمن القومي، أو فجوات تنظيمية أخرى".
وزارة دون صلاحيات تنفيذية
عقبة أخرى تبرز أمام طموحات "وزارة الكفاءة الحكومية" هي الدستور الأميركي، الذي يمنح الكونجرس السلطة الكاملة لإدارة الأموال العامة. فالكونجرس هو الجهة المسؤولة عن إنشاء الوكالات الفيدرالية، وتحديد مهامها، والموافقة على تمويلها.
فعلى الرغم من أن اسمها الرسمي هو "وزارة الكفاءة الحكومية"، إلا أن هذه الهيئة لن تكون وزارة فعلية تعمل ضمن السلطة التفيذية، إذ يحتاج خلق وزارة جديدة إلى موافقة الكونجرس.
وأوضح الرئيس المنتخب، أن هذه اللجنة ستعمل كـ"هيئة استشارية خارج الحكومة التنفيذية". هذا يعني أن الهيئة الجديدة لن تكون لديها سلطة قانونية لاتخاذ قرارات بطرد موظفين فيدراليين أو خفض إنفاق بعض الوكالات الفيدرالية، بل سيقتصر دورها على تقديم توصيات إلى البيت الأبيض الذي قد يضعها في ميزانية الرئيس السنوية، التي تحدد رؤيته للإنفاق الحكومي. ولكن الكونجرس ليس مطالباً باتباعها، أما سلطة اتخاذ القرار بشأن خفض الوظائف الحكومية فتعود للكونجرس كونه الجهة المسؤولة عن نفقات الحكومة.
ترى المحللة سياسية ومؤسسة "رايت لو للمحاماة"، جيمي إي. رايت، أنه "ما لم يحدد الكونجرس ويعبر عن صلاحيات تشريعية معينة لوزارة الكفاءة الحكومة، فإنها ستبدو أقل فعالية من هيئة تقدم توصيات"، مشيرة إلى أن كون الهيئة تعمل خارج الحكومة وليست لديها سلطات تنفيذية، "يثير تساؤلاً بشأن كيفية تفاعلها مع جميع الوكالات الفيدرالية، التي من المتوقع أن تدقق في إنفاقها، أو كيف ستكون قادرة على تنفيذ جميع واجباتها المتوقعة دون أي سلطة قانونية".
ولفتت رايت إلى أنه "حتى إذا افترضنا أن لدى ماسك وراماسوامي أفكاراً تركز على الجوانب الوظيفية والعملية، فإن أفكارهم ستكون مفيدة فقط إذا توفرت السلطة لتنفيذها. الوكالات الفيدرالية لها طريقة محددة في العمل، وأي تغييرات هيكلية ستحتاج إلى تغيير تشريعي أو أمر رئاسي لتجاوز التحيز للحالة الراهنة".
من جانبه، يرى الدكتور دان ماكميلان، أن التحدي الأكبر أمام ماسك ورامسوامي، يكمن في "إلغاء وكالات فيدرالية كاملة، تم إنشاؤها بموجب القانون. فإلغاؤها يتطلب موافقة الكونجرس، وهو ما يحتاج إلى 60 صوتاً في مجلس الشيوخ، بينما يمتلك الجمهوريون 53 فقط. مالك شركة خاصة مثل ماسك قد يتمتع بسلطة غير محدودة داخل شركته، لكن الحكومة أكثر تعقيداً، كما ينبغي أن تكون".
وأفادت شبكة "فوكس نيوز"، أن رئيس لجنة الرقابة بمجلس النواب، الجمهوري جيمس كومر، يخطط لخلق لجنة فرعية تابعة للجنة الرقابة بمجلس النواب، بهدف التعاون مع "وزارة كفاءة الحكومة" التي يقودها إيلون ماسك وفيفيك راماسوامي. ومن غير الواضح حتى الآن كيف قد تساعد هذه اللجنة الفرعية وزارة الكفاءة الحكومية على تنفيذ مقترحاتها.
وقال جيمس كومر لـ"فوكس نيوز"، إن اللجنة الفرعية الجديدة "ستتوافق مع أولويات إدارة ترمب في القضاء على الهدر الحكومي، وتبسيط عمليات الحكومة الفيدرالية، وإزالة التعقيدات البيروقراطية التي تعيق الوظائف وتزيد من التكاليف على الشعب الأميركي"، مضيفاً "أتطلع للعمل مع إيلون ماسك، وفيفيك راماسوامي لتحقيق هذه الأهداف وجعل أميركا عظيمة مجدداً".
نزاع دستوري محتمل
وفيما لا يزال من غير المعروف كيف قد تساعد اللجنة الفرعية التي ينوي الجمهوريون خلقها في مجلس النواب، وزارة الكفاءة الحكومية على تنفيذ خططها، قال ماسك وراماسوامي إنهما سيشجعان ترمب على تنفيذ تلك الخطط عبر السلطة التنفيذية دون موافقة الكونجرس، وذلك من خلال رفض إنفاق الأموال المخصصة من قبل الكونجرس، رفض إنفاق الأموال التي خصصها الكونجرس، وهو إجراء يُعرف باسم "حجز الأموال".
هذا الاقتراح يتعارض مع قانون صدر عام 1974 بهدف منع الرؤساء المستقبليين من اتباع نهج ريتشارد نيكسون، الذي حجز على تمويل خصصه الكونجرس، ولم يكن يوافق عليه.
وكتب ماسك ورامسوامي في مقال رأي بصحيفة "وول ستريت جورنال": "نحن جاهزون لتلقي هجمات من الكيانات القوية ذات المصالح في واشنطن. نتوقع أن ننتصر. إن الوقت المناسب لاتخاذ إجراءات حاسمة هو الآن".
وكان ترمب قد اقترح فعلاً اتخاذ خطوة كبيرة كهذه، وقال العام الماضي، إنه "سيستخدم سلطة الحجز المعترف بها منذ فترة طويلة للرئيس من أجل الضغط على البيروقراطية الفيدرالية المتضخمة لتحقيق مدخرات هائلة".
إذا تم تنفيذ هذا الاقتراح، فسيكون محاولة جريئة من قبل ترمب لتوسيع سلطاته، خاصة مع استفادته من كونجرس يسيطر عليه الجمهوريون وأغلبية محافظة في المحكمة العليا الأميركية. ولكن قد يصبح هذا الأمر سريعاً، أحد أكثر المعارك القانونية التي قد تشهدها ولايته الثانية.
نيكولاس هيجنز، أستاذ مشارك ورئيس قسم العلوم السياسية بجامعة نورث جرينفيل، قال لـ"الشرق"، إن هذا الاقتراح "يثير تساؤلات دستورية بشأن قدرة الرئيس على رفض إرسال الأموال إلى الوكالات التي أقر الكونجرس تمويلها. فعل نيكسون هذا في سبعينيات القرن الماضي، وأقر الكونجرس قانوناً في ميزانية عام 1974 يحظر ذلك".
وأضاف: "يجادل البعض بأن سلطة الحجب مشابهة لقانون حق النقض الجزئي لعام 1996، الذي منح الرئيس بيل كلينتون سلطة إلغاء بنود إنفاق معينة وفوائد ضريبية محددة بعد إقرار الكونجرس لمشروع القانون. ولكن في يونيو 1998، قضت المحكمة العليا بأن هذا القانون غير دستوري، حيث أتاح للرئيس تعديل التشريعات بعد إقرارها من الكونجرس، وهو ما اعتبرته المحكمة تجاوزاً للصلاحيات الدستورية".
وكان قانون الفيتو الجزئي، الذي أقره الكونجرس في عام 1996 بهدف تقليل الإنفاق الحكومي، يسمح للرئيس باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد بند إنفاق أو فائدة ضريبية معينة داخل مشروع قانون ضخم دون الحاجة إلى رفض مشروع القانون بأكمله.
غير أن المحكمة العليا ألغت القانون عام 1998، بعدما قضت بعدم دستوريته لأنه انتهك بند التقديم (Presentment Clause) في الدستور، الذي ينص على أن يتم تمرير التشريعات بالكامل من كلا المجلسين في الكونجرس قبل أن يتم توقيعها أو رفضها بالكامل من قبل الرئيس. ومن خلال منح الرئيس سلطة قبول أو رفض أجزاء من مشروع القانون، كان القانون سيمنح الرئيس صلاحية تعديل القوانين بطريقة تتعارض مع الهدف التشريعي الذي وضعه الكونجرس.
وقال ماسك وراماسوامي، إن وزارتهما لديها فرصة لإجراء تقليص هيكلي كبير في الحكومة الفيدرالية عبر إجراءات الحجز، بفضل أغلبية القضاة المحافظين في المحكمة العليا. غير أن نيكولاس هيجنز، يرى أنه "من المستبعد أن تصدر المحكمة العليا قراراً يتنافى مع حكمها عام 1998، والذي أقر بأن ذلك قد يكون تجاوزاً لصلاحيات الرئيس الدستورية".
0 تعليق