عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم "أوروبا أولاً".. جرس إنذار يحذر من مخاطر تجارية محتملة لعودة ترمب - في المدرج
بدأ قادة الأعمال الأوروبيين في ممارسة ضغوط قوية على صانعي السياسات في بروكسل لتبني سياسة "أوروبا أولاً"، وذلك على غرار رؤية "أميركا أولاً" الاقتصادية، التي طرحها الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب وتركز على تعزيز الحماية التجارية وطرح وعود ضريبية وتنظيمية تخدم مصالح الأعمال الأميركية.
ووفقاً لصحيفة "نيويورك تايمز"، بدأ القادة الأوروبيون، مع اقتراب موعد تنصيب ترمب رئيساً للولايات المتحدة في 20 يناير المقبل، في ممارسة ضغط قوي خلال المرحلة المقبلة.
وتزامن الترقب مع تحذيرات أوروبية من إمكانية اندلاع حرب تجارية عبر الأطلسي في ظل السياسات الاقتصادية الحمائية لترمب، التي قد تقابل برد مماثل.
ويُتوقع أن يقدم ترمب وعوداً اقتصادية أكثر جرأة، ما قد يفضي إلى تغييرات جذرية في النظام الاقتصادي العالمي، وهو ما يزيد من خطر تفاقم التباطؤ الاقتصادي في أوروبا.
"جرس إنذار"
وفي مؤتمر أعمال عُقد بالعاصمة الفرنسية باريس هذا الأسبوع، اجتمع مئات من المديرين التنفيذيين ومنظمات الضغط من فرنسا وألمانيا وإيطاليا لمناقشة هذا الموضوع، فيما وصفوا انتخاب ترمب بأنه "جرس إنذار" لأوروبا، داعين إياها إلى ترتيب أوضاعها الاقتصادية، تلافياً لمواجهة تداعيات اقتصادية مؤلمة.
وجزء من استراتيجيتهم هو زيادة الاستثمار عبر الاتحاد الأوروبي في مجالات مثل الدفاع والتكنولوجيا والطاقة الخضراء، بالإضافة إلى تخفيف اللوائح وربط التكتل التجاري بديون مشتركة وسوق رأس مال موحدة.
وقال المسؤولون التنفيذيون إنه إذا كان هناك أي جانب إيجابي لأوروبا من عودة ترمب، فهو أن رئاسته قد تدفع الاتحاد الأوروبي إلى تعزيز تنافسيته من خلال إنشاء سوق موحدة لرأس المال، وهي خطوة لم يتمكن أعضاؤه من الاتفاق عليها حتى الآن.
وفي المؤتمر، اجتمع المشاركون حول تقرير قدمه ماريو دراجي، الرئيس السابق للبنك المركزي الأوروبي، والذي حث أوروبا على زيادة الاستثمارات العامة بنحو 900 مليار دولار سنوياً في قطاعات مثل التكنولوجيا والدفاع.
وحضر الفعالية كبار المسؤولين السياسيين والاقتصاديين من أكبر اقتصادات منطقة اليورو، لإخبار الشركات أنهم سمعوا مخاوفهم وتعهدوا بالضغط على صانعي السياسات في بروكسل للاستجابة لهذا النداء.
"يقظة أوروبية"
وفي الإطار، قال باتريك مارتين، رئيس "ميديف"، أكبر منظمة تجارية في فرنسا، في خطاب قرب "برج إيفل": "هناك رئيس أميركي جديد سيتولى السلطة وهو متشكك ومتحفظ تجاه أوروبا. أمام أوروبا شهرين للاستعداد. بعد ذلك، ستكون هناك صدمة".
بدوره، قال رئيس الوزراء الفرنسي ميشيل بارنييه، الجمعة: "نحتاج إلى يقظة أوروبية. لقد كنا ساذجين إلى حد ما. اليوم، يجب أن نبدأ في قول أوروبا أولاً".
أما وزير الخارجية الإيطالي، أنطونيو تاجاني، فقد أشار إلى أن العديد من نظرائه الأوروبيين "قد اتفقوا مؤخراً على أن الوقت حان للتقدم في فكرة إصدار سندات جديدة للاتحاد الأوروبي لتمويل هذه الاستثمارات"، التي أكد دراجي أنها ضرورية لمنح أوروبا ميزة جديدة في الابتكار في صناعات حيوية مثل الذكاء الاصطناعي.
تكاليف الطاقة
وتواجه أوروبا وضعاً اقتصادياً أضعف بكثير مما كان عليه الحال في 2016، عندما تم انتخاب ترمب لأول مرة. فقد كانت الدول بدأت في التعافي من أزمة الديون التي استمرت عقداً من الزمن، بسبب جائحة فيروس كورونا، ثم جاء الغزو الروسي لأوكرانيا، ما رفع تكاليف الطاقة وأدى إلى انهيار مئات الشركات التي تعتمد على الطاقة عبر القارة العجوز.
وأبقت هذه التكاليف العالية للطاقة الشركات الأوروبية في وضع تنافسي ضعيف مقارنة بالولايات المتحدة، حيث تعد الطاقة أقل كلفة بنسبة تتراوح بين النصف والثُلث، ومن المتوقع أن تنخفض أكثر مع وعد ترمب بالسماح بمزيد من التنقيب عن النفط واستكشاف فرص توسيع الطاقة النووية.
وأكد المشاركون في المؤتمر على تأثير اللوائح المتعلقة بـ"الاتفاقية الأوروبية الخضراء"، التي تهدف إلى جعل أوروبا محايدة كربونياً بحلول عام 2035.
وتشمل هذه اللوائح فرض متطلبات على الشركات لاستخدام مصادر الطاقة المتجددة المكلفة، وجعل هذا الأمر من الصعب على الشركات الأوروبية المنافسة مع الشركات الآسيوية والهندية التي لا تزال تستخدم الوقود الأحفوري الأرخص.
وقال إيمانويل أورسيني، رئيس "كوفيندستريا"، أكبر منظمة تجارية في إيطاليا، إن ارتفاع تكاليف الطاقة يعرض صناعة السيراميك الإيطالية لخطر الانهيار، موضحاً أن شركات إنتاج البلاط الإيطالي المستخدم في الأسطح والأرضيات، بالإضافة إلى مجموعة من المنتجات الأخرى مثل الطوب والأواني السيراميكية الفاخرة، فقدت قدرتها التنافسية أمام الشركات الأجنبية.
ومنذ عام 2019، تم إقرار 13 ألف لائحة جديدة على الشركات الأوروبية، مقارنة بـ3 آلاف لائحة في الولايات المتحدة، حسب تقرير دراجي.
الرسوم الجمركية
أما بشأن موقف ترمب من أوروبا في ما يتعلق بالرسوم الجمركية، فإنه لا يزال غير واضح. ويشير الاقتصاديون والمديرون التنفيذيون إلى أن ترمب يميل إلى تفضيل الاتفاقات التجارية الثنائية، وقد يسعى لإبرام صفقات فردية مع عدة دول أوروبية.
وفي هذا السياق، أعلن وزير الخارجية الإيطالي، عن خطط لزيارة واشنطن بعد تنصيب ترمب، على أمل إقناع الإدارة بتجنب حرب تجارية قد تكون ضارة للشركات الإيطالية، التي تعتمد على السوق الأميركية بشكل كبير، حيث تذهب أكثر من 10% من صادرات إيطاليا، من الآلات إلى الحقائب الفاخرة، إلى المشترين الأميركيين.
وأوضح أنه يجب على أوروبا أن تركز في محادثاتها مع الأميركيين على التجارة. وأضاف: "نحتاج للحديث مع الأميركيين عن التجارة ثم التجارة ثم التجارة".
حرب تجارية
أما روبرتا ميتسولا، رئيسة البرلمان الأوروبي، فقد حذّرت من خطر نشوب حرب تجارية عبر الأطلسي، وقالت: "هناك غريزة للتوجه نحو الحماية التجارية، لكن خوفي هو أن يكون ذلك سباقاً نحو القاع".
وأضاف بعض قادة الأعمال أنه من المبكر إصدار تحذيرات، مشيرين إلى أن السياسات الأكثر إثارة للقلق من ترمب، خاصة تهديده بفرض رسوم جمركية على البضائع القادمة من الصين وأوروبا والمكسيك، قد تحتوي على عوامل قد تمنعه من تطبيقها بشكل كامل، خاصة إذا تسببت في زيادة التضخم في الولايات المتحدة.
كما ذكروا أنه من المرجح أن يظل الدولار الأميركي قوياً مقابل اليورو، ما سيعزز نمو الصادرات الأوروبية. واليورو الضعيف سيكون بمثابة فرصة للمصدرين الأوروبيين، حيث سيجعل سلعهم أرخص في الولايات المتحدة، ما يعوض بعض الآلام المحتملة من الرسوم الأعلى.
وقال كريستيان دييمر، أحد كبار المسؤولين في مجموعة التجارة الألمانية BDI: "أنا أكثر قلقاً بشأن الرسوم الكبيرة التي يريد الأميركيون فرضها على الصين". وأضاف أن السلع الصينية الموجهة إلى الولايات المتحدة ستجد طريقها إلى الأسواق الأوروبية.
وأوضح وزير الاقتصاد الفرنسي، أنطوان أرمان، إن أوروبا تستعد لقيود حماية تجارية أقوى ومزيد من عدم الاستقرار.
وأشار إلى أن أوروبا يجب أن تتحرك بشكل أسرع وأكثر كفاءة لحماية مصالحها، وأضاف: "نحتاج إلى تغيير وتيرة عملنا أو ستختفي الصناعات".
0 تعليق