أثار وزير الداخلية في حكومة الوحدة الليبية، عماد الطرابلسي، موجة غضب واسعة بين الليبيين، بعدما أعلن في مؤتمر صحفي نهاية الأسبوع الماضي، عودة شرطة الأخلاق إلى الشوارع، وفرض الحجاب في ليبيا.
وقال الوزير الليبي، إن دوريات شرطة الأخلاق ستعود للعمل الشهر المقبل، مؤكدًا أنها ستمنع "صيحات" الشعر غير المناسبة وملابس الشباب التي لا تتماشى مع ثقافة المجتمع وخصوصياته.
منع الاختلاط في ليبيا
وشدد على ضرورة ارتداء المرأة لباسا محترما في الأماكن العامة، داعيا وزارة التعليم إلى فرض ارتداء الحجاب على الطالبات.
ونبّه الطرابلسي من سفر المرأة بدون محرم، ومنع الاختلاط بالرجال في المقاهي والأماكن العامة، فضلا عن حظر استيراد الملابس غير المحتشمة.
وتوعد الوزير الليبي باعتقال كل من يخالف ذلك، وقال إن "من يريد العيش بحرية فليذهب للعيش في أوروبا".
غضب واسع في ليبيا
أثار إعلان الطرابلسي جدلا واسعا في ليبيا وانتقادات الكثيرين على منصات التواصل الاجتماعي، لدرجة أن البعض شبهها بـ"قوانين داعش" خلال فترة سيطرة التنظيم الإرهابي على أجزاء من سوريا والعراق.
ولم تعلق حكومة الوحدة الليبية رسميًّا على تصريحات الوزير حتى الآن.
ويرى ناشطون أن فرض قواعد الأخلاق على الناس تقييد لحرياتهم الشخصية وعودة إلى الوراء.
واعتبرت الناشطة الليبية أميرة يوسف، أن "هناك فرقا بين الحفاظ على الآداب العامة وبين فرض قوانين داعش".
قوانين داعش
ووجهت كلامها إلى وزير الداخلية قائلة: "نحن ضد التعري والابتذال والمخدرات والخمور والفساد بكل أنواعه وأي شيء يمس بالآداب العامة، لكن أن تفرض لباسا معينا على الصغيرات وتمنع المرأة من السفر إلا بمحرم وتمنعنا من الأكل في الأماكن العامة، وتقول إن من يبحث عن الحرية الشخصية يجب أن يذهب لأوروبا، بقي أن تعلن أن ليبيا امتداد لداعش حتى يتدخل المجتمع الدولي ومنظمات حقوق الإنسان لإبداء مواقفهم".
وأصدرت منظمة العفو الدولية بيانا نددت فيه بإعلان وزير الداخلية في حكومة الوحدة الليبية، بفرض الحجاب ونشر شرطة الأخلاق في الشوارع.
التمييز ضد النساء في ليبيا
وقال بسام القنطار، الباحث المعني بالشأن الليبي في منظمة العفو الدولية، إن هذه الإجراءات من شأنها أن ترسّخ التمييز ضد النساء والفتيات وتنتقص من حقوقهن في حرية التعبير والدين والمعتقد والخصوصية الجسدية، بما في ذلك خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لفرض الحجاب الإلزامي.
وأضاف القنطار، أن تهديدات وزير الداخلية بقمع الحريات الأساسية باسم الأخلاق تُعد تصعيدًا خطيرًا في مستويات القمع الخانقة أصلًا في ليبيا بوجه الذين لا يمتثلون للمعايير الاجتماعية السائدة.
وتابع أن اقتراحات فرض الحجاب الإلزامي على النساء والفتيات من عمر تسع سنوات، وتقييد الاختلاط بين الرجال والنساء، ومراقبة اختيارات الشباب الشخصية فيما يتعلق بقصات الشعر والملابس، ليست فقط مثيرة للقلق، بل تشكل أيضًا انتهاكًا لالتزامات ليبيا بموجب القانون الدولي.
انتهاك حقوق المرأة في ليبيا
وأوضح القنطار أنه في خطوة أخرى تستهدف انتهاك حقوق المرأة والمساواة، اقترح وزير الداخلية في حكومة الوحدة الوطنية إجبار النساء على الحصول على إذن من أولياء أمورهن الذكور (المَحارم) قبل السفر إلى الخارج، وتفاخر بإعادة امرأتين ليبيتين قسرًا من تونس بعدما سافرتا من دون أولياء، كما أعلن عن خطط لإنشاء شرطة الأخلاق لمراقبة الأماكن العامة وأماكن العمل والتفاعلات الشخصية، في انتهاك صارخ لخصوصية الأفراد واستقلاليتهم وحرية تعبيرهم.
وشدد على أنه يجب على حكومة الوحدة إلغاء هذه الإجراءات القمعية المقترحة، وبدلًا من ذلك، التركيز على معالجة أزمة حقوق الإنسان المتفاقمة في البلاد، والتي تتسم بالاعتقال التعسفي الجماعي، والاختفاء القسري، والتعذيب والمحاكمات الجائرة، كما يجب حماية حقوق حرية التعبير والتجمع السلمي، واتخاذ تدابير لمكافحة جميع أشكال العنف الجنسي وغيره من أشكال العنف القائم على النوع الاجتماعي والتمييز.
0 تعليق