«لقد بلغنا أنك ترى الخضر عليه السلام»

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف
google news

أصبح الإمام أبو حامد الغزالي هو الضيف العزيز  فى منزلى، بعد أن فزت بمؤلفاته من ضمن مكتبة كبيرة اشتريتها، وكانت زاخرة بالكتب المتميزة، في مختلف المجالات  الأدبية والثقافية، وأمهات الكتب التراثية.

وبدأت فورًا  بقراءة أول جزء من  من موسوعة الإمام الغزالي إحياء علوم الدين، كما بدأت مع القراءة البحث والاهتمام  بالإمام الغزالى نفسه، وماذا   كتب عنه فعرفت جوانب من حياته من خلال كتابات كثيرة تناولت فكره وفلسفته وصوفيته خاصة وأنه قد وصف بأنه أحد أعلام عصره وأحد أشهر علماء المسلمين في القرن الخامس الهجري، وكان فقيهًا وأصوليًا وفيلسوفًا، ولُقّب  بألقاب كثيرة في حياته، أشهرها لقب "حجّة الإسلام"، وله أيضًا ألقاب مثل: زين الدين، ومحجّة الدين، والعالم الأوحد، ومفتي الأمّة، وبركة الأنام، وإمام أئمة الدين، وشرف الأئمة.

لكن الغريب أن الكثير مما كتب بمجلدات إحياء علوم الدين أصابتنى بحيرة شديدة  والأشد غرابة ما كتبه الكثير من  الفقهاء عنها فقد وجدت  الكثير منهم  قد مدحها بل  وبالغوا في مدحها بقولهم: من لم يقرأ الإحياء فليس من الأحياء، ومنهم من ذمها  حتى أفتى بحرقها ومنعها.

وأيضا من خلال القراءة فى مجلدات إحياء علوم الدين توقفت مندهشا من بعض الحكايات الكثيرة التي لا يقبلها العقل،  وتملأنى الدهشة أكثر من أن مفكر  بحجم الإمام الغزالى وفكره الثاقب ينقلها كما هى دون تمحيص واليك مثال واحد  من حكايات كثيرة لا يمكن  أن يقبلها أى فكر أو عقل مثل قوله  (قيل لأحد العارفين بلغنا أنك ترى الخضر عليه السلام؟ فتبسم وقال: ليس العجب ممن يرى الخضر، ولكن العجب ممن يريد الخضر أن يراه فيحتجب عنه)!

 وأرى أن مؤلف إحياء علوم الدين به حكايات كثيرة واقوال عديدة جمعها الإمام الغزالي من عدد كبير من  مشايخ الصوفية دون إنكارها أو الاعتراض عليها أو حتى إبداء رأيه الشخصى فيها وتركها دون تعليق!

لكنى قررت أن أمضى فى القراءة خاصة أن الإمام الذهبي فى كتابه سير أعلام النبلاء قال عن كتاب إحياء علوم الدين: أما "الإحياء" ففيه من الأحاديث الباطلة جملة، وفيه خير كثير..  وختم ما كتبه عن الإمام الغزالي قوله (فرحم أبا حامد، فأين مثله في علومه وفضائله ولكن لا ندعي عصمته من الغلط والخطأ، ولا تقليد في الأصول)

ثم كانت المفاجأة التى أكدت الشك فى داخلى عندما ذهبت إلى مكتبة مشهورة وسألت عن كتب تناولت الإمام الغزالي فقدم لى كتابا للدكتور عبد الرحمن بدوي وهو أحد أبرز أساتذة الفلسفة العرب في القرن العشرين وأغزرهم إنتاجا، بعنوان "مؤلفات الغزالي" وقد كتب فى أول تصدير لهذا الكتاب:

"الغزالي - كأرسطو - من أعلام الفكر الإنساني الذين بلغوا في حياتهم وبعد وفاتهم أرفع مكانة بين الناس؛ فكان طبيعيًا أن تتعاون الحقيقة والأسطورة معًا على إيجاد هذه المكانة،  لما فطر عليه الناس من نسبة جلائل الأعمال إلى من يظفرون بالشهرة والمجد ولو لم يكن من أصحابها.

 لهذا نسب إلى الغزالي - كما نسب إلى أرسطو - حشد هائل من المؤلفات،  ما ألقي على المؤرخين والباحثين مئونة شاقة ألا وهي التمييز بين الصحيح منها والمنحول،  وهو أمر تعوزه المعاير الدقيقة الحاسمة،  لما في استخدام بعض المناهج التحليل الباطن لمضمون الكتاب - من مزالق خطر وما يحتاجه ذلك من مهارة قد تكون تحت رحمة أي أثر كتاب وثيق.

وصدق الدكتور الفيلسوف عبد الرحمن بدوى عندما أشار إلى تعاون الاسطورة مع الحقيقة فى كثير من مؤلفات الإمام الغزالي!

أما أجمل اللحظات بعدئذ كانت  عندما وجدت  رواية صدرت فى سبتمبر الماضى تتناول مسيرة حياة الإمام الغزالي بعنوان "الغواص" للروائية الدكتورة ريم بسيوني  فلم اتركها حتى أنهيت  السطر الأخير فيها.

الأسبوع المقبل بإذن الله نعيش سويا فى قراءة لهذه الرواية.

 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق