يُعد الحديث عن الأم وظلمها للأبناء من الموضوعات الحساسة التي تستحق الدراسة العميقة،تمثل الأم رمزًا للأمان والمحبة، ولكن في بعض الأحيان تظهر سلوكيات ظالمة قد تؤثر سلبًا على الأبناء،كيف يمكن التعامل مع هذه الحالة هذا السؤال يطرح الكثير من التساؤلات حول قواعد الشرع وأخلاقيات التعامل،سنتناول في هذا البحث موضوع هجر الأم الظالمة، أنواع الظلم التي تلحقها بأبنائها، والعقوبات التي تتعرض لها في إطار الشريعة الإسلامية،كما سنبحث في دعاء الأم الظالمة وحكم ذلك من الناحية الدينية.
هل يجوز هجر الأم الظالمة
تعتبر الأم من أعظم النعم التي أنعم الله بها على أبنائها، حيث تلعب دورًا أساسيًا في بناء شخصيتهم وتشكيل انطباعاتهم عن الحياة،ومع ذلك، عندما تظلم الأم أبناءها، يصبح التأثير جسيمًا،ولكن في الشريعة الإسلامية، ليست العقوق خيارًا، إذ أمر الله سبحانه وتعالى بضرورة معاملة الوالدين بالمعروف حتى في الأوقات الصعبة،جاء في كتابه العزيز، في سورة الإسراء
{وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِندَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلاَهُمَا فَلاَ تَقُل لَّهُمَآ أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيمًا، وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُل رَّبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا} (23-24 سورة الإسراء).
أنواع الظلم التي تلحقه الأم بالأبناء
- إظهار تفرقة بين الأبناء في المعاملة، مما يسبب كرهًا واضطرابًا نفسيًا لأبنائها.
- القسوة على الأطفال، حيث تُظهر الأم مشاعر جافة ضدهم، مما يحرمهم من حاجة عاطفية هامة.
- ممارسة اللوم المتواصل على الأبناء، وتحميلهم مسؤولية مشاكلها الحياتية.
- التقليل من قيمة الأبناء، من خلال المقارنات بالآخرين مما يضعف ثقتهم بأنفسهم.
- استخدام العقاب الجسدي وما ينتج عنه من آثار سلبية في مسار حياة الأبناء.
- عدم فهم احتياجات الأبناء وعدم مشاركتهم في مشاعرهم.
- التقصير في تعليهم دينهم وفهمهم لطريق الحياة.
- اقتحام خصوصيات الأبناء وعدم احترامها.
- السخرية من مشاعرهم وحزنهم مما يؤدي إلى اضطراب نفسي.
عقاب الأم الظالمة في الإسلام
إن سلوك الأم الظالمة يعد محرمًا في الإسلام، حيث أن الظلم لا يتماشى مع قيم الدين،الأم مسئولة عن رعاية أبنائها بشكل سليم وأي تقصير أو ظلم يُعَد خيانة للأمانة التي منحها الله إياها،يجب على الأم أن تسعى إلى مصلحة أبنائها ورفع معنوياتهم بدلاً من تدميرها.
هل يستجاب لدعاء الأم الظالمة على أبنائها
يشير علماء الدين إلى أن دعاء الظالم مردود عليه، لكون الدعاء مرتبطًا بالطاعة لله سبحانه وتعالى،يجب أن يتم السير في طريق الإحسان وترك الظلم، حيث أن دعوات الأم الظالمة تعتبر دعوات بالإثم ولا تُقبل في الشريعة الإسلامية.
حكم دعوة الأبناء على أمهم الظالمة
- في حالة ظلم الأم، يُفضل أن يقول الأبناء “حسبي الله ونعم الوكيل”، وهذا نظرًا لطبيعة العبادة وما يترتب عليها من حسنات عند الله.
- الأفضل الدعاء لها بالهداية والإصلاح، والدعاء لله أن يهديها للطريق الصحيح.
- يجب الاطلاع على ما ورد بالبند قرآنيًا حول واجب الإحسان للوالدين، مثل قوله
- «وَوَصَّيْنَا الْإِنسَانَ بِوَالِدَيْهِ إِحْسَانًا ۖ حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا ۖ وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا ۚ حَتَّىٰ إِذَا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَىٰ وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ وَأَصْلِحْ لِي فِي ذُرِّيَّتِي ۖ إِنِّي تُبْتُ إِلَيْكَ وَإِنِّي مِنَ الْمُسْلِمِينَ»، [الأحقاف:15].
يجب على الأبناء أن يتذكروا دائمًا فضل الأم ومكانتها، مهما كانت الظروف، وأن يسعوا لأداء حقوقها بالمعروف والصبر، لأن الصبر والإحسان يُعتبران من أعظم القيم في الدين الإسلامي، والله يهدي من يشاء.
0 تعليق