أصبح سجن صيدنايا يتربع على عرش الصحف العالمية وحديث وسائل الإعلام العربية والأجنبية ومنصات التواصل الاجتماعي، فداخل هذا المبني حدثت داخله أبشع الجرائم السادية، وكما أطلقت عليه منظمة العفو الدولية فهو حقاً (مسلخ بشري) وذلك تعبيراً عن حجم المأسي التى تمت به والتعامل مع المعتقلين كما لو أنهم (جماد) كائنات لا تشعر يتم معهم ممارسة أفظع أساليب التعذيب ومنهم لم يتحمل هذه البشاعة ومات بينما كتب لبعضهم النجاة لكن فقد حياته داخل هذا المعتقل وخرج لم يعرف من هو أو ماذا حدث؟ ولعل المشاهد والمقاطع الفيديو التي انتشرت خلال الساعات الماضية كالنار في الهشيم خير دليل على حجم الإجرام الذي كان يتم داخل سجن صيدنايا.
سجن صيدنايا مسلخ بشري
صحيفة "نيويورك تايمز" نشرت تقرير تكشف فيه ما كان يحدث داخل هذا المعتقل الوحشي، ونشرت عدد من المآسي التى كانت تتم به سواء من عمل حفلات تعذيب وتنويع في آليات تنفيذ القتل إلى جانب استخدام أدوات لممارسة هذه البشاعة ومن لا يكتب له النجاة كانت تقوم بالتخلص منه بطريقة أبشع.
30 ألف معتقل قتلوا داخل سجن صيدنايا
وبعد انهيار نظام الأسد و(هروبه) إلى روسيا، قامت الفصائل المسلحة بإطلاق سراح العديد من المعتقلين من سجن صيدنايا العسكري في دمشق، وذكرت جماعات حقوق الإنسان إن عشرات الآلاف من الناس اعتقلوا في صيدنايا وتعرضوا للتعذيب والضرب والحرمان من الطعام والماء والدواء . وأعدم الآلاف في عمليات شنق جماعية بعد محاكمات صورية وقدرت إحدى الجماعات أن أكثر من 30 ألف معتقل قتلوا هناك.
سجن صيدنايا سلاح الأسد لإسكات المعارضة
وكان السجن، الذي بُني في عام 1987 على تلة شمال دمشق، سجناً عسكرياً يضم سجناء سياسيين، كما كان محميًا بمئات الحراس والجنود، ومحاطًا بحلقة من حقول الألغام.
وفي عام 2007، كان السجن يضم نحو 1500 سجين، لكن عدد سكانه ارتفع إلى 20 ألف شخص دفعة واحدة بعد بدء الحرب الأهلية في سوريا، وفقا لتقرير أصدرته منظمة العفو الدولية عام 2017.
محرقة جثث لإخفاء جرائم القتل الجماعي
وخلص تقرير منظمة العفو الدولية وتحقيق منفصل أجرته الأمم المتحدة إلى أن كان يتم إبادة المعتقلين في صيدنايا بعد تعذيبهم وإيوائهم في ظروف مروعة. وقرر محققو الأمم المتحدة أن مثل هذه الأفعال قد ترقى إلى مستوى الجرائم ضد الإنسانية.
ووفقًا لجماعات حقوقية وتحقيق أجرته صحيفة نيويورك تايمز ففي عام 2017، اتهمت الولايات المتحدة الحكومة السورية باستخدام محرقة جثث لإخفاء جرائم القتل الجماعية في صيدنايا ، وسردت أساليب التعذيب الجسدي مثل الضرب والطعن والاعتداء الجنسي والصدمات الكهربائية.
وقد وصف القليل من الذين نالوا الإفراج، غالباً من خلال علاقات عائلية أو رشاوى، كيف تُرِك المعتقلون ليموتوا متأثرين بجروحهم وأمراضهم غير المعالجة في زنازين قذرة مكتظة. ولم يكن يُسمَح للسجناء سوى بثوانٍ معدودة لاستخدام المراحيض، لذا كانوا كثيراً ما يُجبَرون على قضاء حاجتهم في الزنازين التي تفتقر إلى المراحيض. وكانت الوجبات تتألف عادة من بضع لقيمات من الطعام الفاسد. وأصيب العديد من الناس بعدوى خطيرة وأمراض واضطرابات عقلية.
ولم يكن يُسمح للسجناء بالنظر إلى الحراس أو التحدث أو إصدار أي ضوضاء، حتى أثناء التعذيب. وكان من الممكن معاقبتهم بحرمانهم من الماء أو إجبارهم على النوم عراة، دون أغطية، في البرد القارس.
وفي كل صباح، كان الحراس يجمعون جثث القتلى أثناء الليل وينقلونها إلى مستشفى عسكري، حيث يتم تسجيل وفاتهم كحالات فشل في القلب أو الجهاز التنفسي، وفقاً لتقرير منظمة العفو الدولية. ثم يتم نقلهم بشاحنات إلى مقابر جماعية خارج دمشق.
وبحسب مسؤولين سابقين وردت أسماؤهم في تقرير منظمة العفو الدولية، كان المعتقلون في صيدنايا يتعرضون للتعذيب بشكل روتيني لإجبارهم على الإدلاء باعترافات. ثم يتم نقلهم إلى محاكم ميدانية عسكرية، حيث تتم إدانتهم بعد محاكمات تستغرق دقيقتين أو ثلاث دقائق.
حفلة إعدام جماعي
وبحسب التقرير، كان الحراس يسحبون مجموعات يصل عدد أفرادها إلى خمسين شخصاً من زنازينهم كل أسبوع، وأحياناً مرتين في الأسبوع، ويخبرونهم بأنهم سينقلون إلى سجون مدنية. وبدلاً من ذلك، كانوا يعصبون أعينهم ويضربونهم بشدة في قبو السجن ثم ينقلونهم إلى مبنى آخر، حيث كانوا يُشنقون في منتصف الليل. وأطلق مسؤولو السجن على عمليات الإعدام الجماعية اسم "الحفلة".
وفي الفترة من عام 2011 إلى عام 2015، وجدت منظمة العفو الدولية أن ما بين 5000 إلى 13000 شخص، معظمهم من المدنيين، أعدموا بهذه الطريقة. ولم يكن لدى المنظمة أدلة مباشرة على عمليات الإعدام بعد عام 2015، ولكن لأن المعتقلين ما زالوا يُنقلون إلى صيدنايا والمحاكمات الصورية لا تزال قائمة، فمن المرجح أن عمليات الإعدام استمرت.
وقال فضل عبد الغني، مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، التي راقبت بدقة السجون التي يديرها الأسد، إن نحو 2000 سجين خرجوا من سجن صيدنايا يوم الأحد. لكن بقية المعتقلين البالغ عددهم نحو 11 ألف سجين، والذين قال إنهم كانوا محتجزين هناك عندما أطاحت الحكومة، لم يتم العثور عليهم في أي مكان!!
ورغم هذا الارتباك، كانت تقديرات المجموعات المختلفة لأعداد المفقودين متباينة، وكان العديد من السوريين يأملون في العثور على أقاربهم المختفين. وتجول الصحافيون والمقاتلون المسلحون والمدنيون، بما في ذلك الأطفال، في السجن بحثاً عن أي أثر لهم.
وقالت منظمة الخوذ البيضاء، وهي منظمة دفاع مدني تطوعية في سوريا، إنها ساعدت في إطلاق سراح ما بين 20 و25 ألف شخص من صيدنايا، لكنها أشارت إلى أن آلاف السجناء الآخرين ما زالوا في عداد المفقودين.
0 تعليق