في قاعة محكمة الأسرة، جلس الحاج مصطفى، رجل في العقد الخامس من عمره، وبدت على ملامحه علامات التعب والشيب، وبدأ يتحدث لـ «تحيا مصر» بصوتٍ مليء بالأسى والخيبة، مسترجعًا تفاصيل حياته التي امتدت لعشرين عامًا من الزواج، انتهت فجأة بإصرار زوجته على طلب الخلع، وكان يشعر أن ما حدث له أشبه بكابوس، فلا يستطيع تصديق أن كل ما بناه على مدى سنوات قد انهار بهذه السرعة.
قال الحاج مصطفى: "تزوجت منذ أكثر من 20 عامًا، وكانت حياتنا بسيطة وهادئة. لدينا طفلان، أحدهما في الجامعة والآخر في المعهد، ونسكن في حي هادئ. عملت لسنوات في مصنع، ولم أتوانَ عن العمل في وظيفتين يوميًا لتأمين حياة كريمة لأسرتي. كنت دائمًا أضع راحة زوجتي وأبنائي في المقام الأول، لم أكن أرغب سوى في تأمين مستقبلهم وتوفير الاستقرار لهم."
لكن الأمور بدأت تتغير عندما شعر بأن السنين قد أثرت عليه، وأضاف بأسى: "زوجتي شابة بفضل جهدي وتضحياتي. بينما أخذ العمر مني الكثير، وأصبحت أشعر بالتعب والإنهاك. حاولت مرارًا الذهاب إلى الأطباء لتحسين صحتي لممارسة العلاقة الزوجية بشكل سليم، لكن العمر لا ينتظر أحدًا".
وفي تلك اللحظة، اختنق صوته وهو يتذكر كيف انقلبت الأمور رأسًا على عقب: "بدأت زوجتي تتذمر من تقدمي في السن، وكان هناك الكثير من الشجار حول أمور صغيرة وبسبب العلاقة الزوجية، ثم في يومٍ وليلة، تركت المنزل، وعندما سألتُ والدتها، قالت لي: ‘بنتي ما زالت صغيرة وتستحق أن تعيش حياتها مع شخص يستطيع تلبية طلباتها.’"
محاولة إصلاح الأمور
رغم ذلك، لم يفقد الأمل، فحاول مرارًا وتكرارًا إصلاح الأمور وبالفعل، نجح في إقناع زوجته بالعودة إلى المنزل بعد جهد كبير في المصالحة لكنه لم يتوقع ما حدث بعد ذلك وتابع قائلاً: "فوجئت بعد عودتها بأسابيع قليلة بأنها رفعت دعوى خلع ضدي وفي الدعوى، ادعت أنني لم أعد أنفق عليها، وأنني أساء معاملتها، رغم أنني قضيت عمري أعمل بلا كلل لتوفير كل ما تحتاجه أسرتي."
انكسار على الرجل الخمسيني
وأوضح الحاج مصطفى، وقد بدت عليه ملامح الانكسار: "كيف لي أن أسيء إليها وأنا بالكاد أجد وقتًا لأقضيه في المنزل؟ أنا أعمل طول اليوم، وفي النهاية، أصبح الرجل في بيته مثل المعلم حنفي، بلا قيمة ولا اعتبار."
واستطرد وهو يتساءل بمرارة: "بعد 20 عامًا من التضحية والعمل الجاد، طردتني زوجتي من المنزل، وأخذت الأولاد، ورفعت قضايا ضدي وأين القانون الذي يعطي الحق للرجل في الحفاظ على بيته؟ لقد أصبح القانون يقف في صف المرأة بشكل مُطلق، وكأن الرجل لا وجود له."
اختتم الحاج مصطفى حديثه وهو يكاد يبكي: "فقدت بيتي وأسرتي لمجرد أنني لم أعد شابًا، ورغم كل ما فعلته، وجدت نفسي مُهانًا في نهاية المطاف. لقد ذهب الدين والأخلاق في البيوت، وأصبحت الزوجة قادرة على تدمير أسرتها بدعوى خلع."
كان الحاج مصطفى يروي قصته، وليس فقط بصوت مسموع، بل أيضًا بدموعٍ لم يستطع إخفاءها، وكأنما كان يسرد قصة رجلٍ تخلى عنه الزمان والقانون، ليجد نفسه وحيدًا بعد رحلة طويلة من العطاء.
0 تعليق