عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم رهان الجزائر على انفصال الريف بين الحقيقة والتوظيف السياسي
- في المدرج هبة بريس – محمد زريوح
في الآونة الأخيرة، عادت الجزائر لتثير الجدل بمحاولتها الرهان على ورقة انفصال الريف في المغرب، وهو موضوع يحمل الكثير من المغالطات ويعتمد على قراءة سطحية للتاريخ.
لفهم هذا الملف بعمق، لا بد من تسليط الضوء على حقائق تاريخية تُظهر زيف هذه الادعاءات وتكشف الخلفيات السياسية التي تقف وراءها.
ما لا يعلمه كثير من المغاربة هو أن من بين الشخصيات التي ساهمت في تمهيد الطريق لنظام الحماية الفرنسية بالمغرب، كان هناك جزائري يُدعى سي قدور بن غبريط، الذي وُلد في مدينة سيدي بلعباس بالجزائر عام 1868.
عمل بن غبريط مترجمًا للسلطان مولاي عبد الحفيظ، وتم اختياره من قبل فرنسا نظرًا لما رأته فيه من ولاء لمصالحها. أُرسل إلى المغرب عام 1893 كمترجم في البعثة الفرنسية بطنجة، ثم أصبح عضوًا في لجنة ترسيم الحدود بين الجزائر والمغرب عام 1902.
هذه المعلومات تسلط الضوء على دور جزائريين في دعم فرنسا أثناء استعمارها للمغرب، مما يجعل من التناقض الحديث عن “الهيمنة المغربية” أو التشكيك في وحدة أراضيه.
عند إعلان المغرب استقلاله عام 1956، لم يكن استقلاله كاملاً، حيث بقيت أجزاء من أراضيه تحت الاحتلال.
آنذاك، برزت أصوات وطنية اعتبرت الاستقلال غير مكتمل، كان من أبرزها صوت المجاهد عبد الكريم الخطابي، زعيم المقاومة الريفية.
في نداء مؤثر للأمة، أكد الخطابي أن الاستقلال الحقيقي لا يتحقق إلا بخروج كل القوات الأجنبية وتعريب الإدارة المغربية. وشدد على أن الصحراء المغربية جزء لا يتجزأ من الوطن، ولا يمكن للمغرب أن يعيش بدونها.
كما دعا إلى تكامل الجهود بين المغرب والجزائر لمواجهة الاستعمار الفرنسي، معتبرًا أن نضال الجزائر يمثل دعمًا مباشرًا لاستقلال المغرب.
هذا النداء التاريخي يعكس وحدة الهدف والمصير بين المغرب والجزائر في ذلك الوقت، ويؤكد أن الخطابي كان رمزًا لوحدة التراب المغربي، ولم ينظر أبدًا إلى الريف ككيان منفصل عن باقي الوطن.
بدلاً من ذلك، كانت دعوته موجهة نحو تعزيز النضال المشترك ضد الاستعمار.
إن استغلال الجزائر لقضية الريف ومحاولتها تقديمها كحركة انفصالية هو مجرد محاولة يائسة لتوظيف التاريخ لتحقيق أهداف سياسية.
هذه المحاولات تتجاهل الحقائق التاريخية التي تثبت أن الريف كان دائمًا جزءًا من المملكة المغربية، وأن رموزه الوطنية، وعلى رأسهم عبد الكريم الخطابي، كانوا من دعاة الوحدة.
في هذا السياق، يجب التأكيد على أن مثل هذه المناورات السياسية لن تؤدي إلا إلى تعميق التوترات في المنطقة. بدلًا من ذلك، ينبغي على الجزائر أن تعمل على تعزيز التعاون بين الدول المغاربية بما يخدم مصالح شعوبها.
فالتاريخ أثبت أن محاولات التفريق والرهان على الانقسامات لم تجلب إلا الفشل، بينما الوحدة هي السبيل الوحيد نحو مستقبل مشترك أكثر استقرارًا وازدهارًا.
0 تعليق