عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم لعب مع مارادونا.. بابلو إسكوبار بين بناء إمبراطورية كرة القدم الكولومبية وتجارة المخدرات - في المدرج
كتب - محمد القرش:
كان بابلو واحدًا من سبعة أطفال ولدوا لمزارع ومعلمة، ولم تكن طفولته صعبة على الإطلاق، لكن النزعة الإجرامية كانت عنده منذ الصغر، وبينما كان يرتكب جرائم تافهة مع شقيقه روبرتو، خططا لكيفية تمكنهما من جني الكثير من المال.
وكان الاختطاف أول عملية كبيرة يقوم بها، وحصل على 100 ألف دولار من الفدية، حيث كان يتمتع بالشجاعة منذ صغره، وفي منتصف سبعينيات القرن العشرين، أدرك الأخوان أن التهريب هو أفضل عمل لهما.
وأدرك إسكوبار الشعبية المتزايدة للكوكايين والسهولة النسبية لنقله جواً إلى فلوريدا، لتكوين ثروة تقدر في نهاية المطاف بنحو 50 مليار دولار.
وكان يحب كرة القدم بشدة وهو ما ظهر مع ارتدائه أحذية رياضية دائما، ومات وهو يرتدي حذاء كرة قدم (وفقًا لأخته لوز ماريا في الفيلم الوثائقي لشبكة ESPN).
بناء ملاعب وغسيل أموال
استثمر إسكوبار أمواله في كرة القدم وكانت هذه الاستثمارات طريقة جديدة لغسل أموال المخدرات، حتى الملاعب التي بناها للفقراء في ميديلين، كان يعرف كيف يستفيد منها، لكنه كان عاشقا لكرة القدم لدرجة أنه كان يستمع إلى المباريات على الراديو، بينما كان مطاردًا من قبل أجهزة الأمن وإدارة مكافحة المخدرات.
شغف إسكوبار بكرة القدم قاده إلى اختراع لعبة يستخدمها معظم متابعي كرة القدم حاليًا بطريقة أكثر تطورًا "فانتازي".
وانتشرت اللعبة بين رجال إسكوبار على شكل رهانات، حيث اقترح إسكوبار على كل واحد أن يختار فريق الأحلام الخاص به من لاعبي الدوري الكولومبي، على سبيل المثال، كان إسكوبار يختار 11 لاعبًا من جميع أندية الدوري بالإضافة إلى زميله جاتشا، والفريق الذي يتألق منه أكثر عدد لاعبين في الحياة الواقعية يكون الفريق الفائز في اللعبة (وفقا لموقع Off The Ball).
ورغم إنه لم يكن رياضيا لكنه دائما يلعب كرة القدم مع لاعبين محترفين، حيث أدت مشاريعه الرياضية إلى صداقة مع العديد من اللاعبين الذين أصبحوا محترفين فيما بعد، مثل، شونتو هيريرا، الذي لعب 61 مباراة مع كولومبيا والذي قال: "كانت هناك بطولات في الأحياء الفقيرة، لقد نسيت مجتمعات بأكملها همومها، كنت فقيراً للغاية، ولكن في الملعب كنا مهمين، وكنا نعيش في عالم مثالي".
كان أليكسيس جارسيا، وتشيتشو سيرنا، ورينيه هيجيتا، وباتشو ماتورانا من بين اللاعبين الدوليين الذين تطوروا على ملاعب بابلو، ويقول ليونيل ألفاريز، الذي خاض 101 مباراة مع كافيتيروس: "كان الجميع يتحدثون عن من تبرعه بالملعب، وكانوا ينتقدونه باعتباره تاجر مخدرات، لكننا شعرنا بالحظ لأننا امتلكنا ملاعب كرة قدم".
دعم نادي مدينته سرا
كانت هذه فرصة لإسكوبار أيضاً للعب دور الإله في أندية مدينته، ففي الوقت الذي بدأ فيه إمبراطوريته عام 1973، كان فريق أتليتيكو ناسيونال في ميديلين يفوز بالدوري الكولومبي الممتاز للمرة الثانية فقط في تاريخه، وبحلول الثمانينيات، ومع تدفق الملايين، قرر بابلو أن يقوم بتمويل الفريق بشكل أكبر، وتحويله إلى واحد من أفضل فرق أمريكا الجنوبية.
لم يكن غبيًا لتعيين نفسه مديرا أو مالكا، لكن تمويله للفريق أصبح سرًا مكشوفًا، ويقول ماتورانا، رئيس ناسيونال من عام 1987 إلى عام 1990، في فيلم The Two Escobars: "سمح لنا إدخال أموال المخدرات في كرة القدم بجلب لاعبين أجانب عظماء، كما منع أفضل لاعبينا من المغادرة، ارتفع مستوى فريقنا".
كما استثمر إسكوبار في نادي ديبورتيفو إنديبندينتي ميديلين، المنافس لنادي ناسيونال في المدينة، وكان يحضر بانتظام مباريات الفريق في ملعب أتاناسيو جيراردوت المشترك.
وانعكست الثروات الطائلة في أماكن أخرى أيضًا، حيث أدرك تجار المخدرات الآخرون قيمة هذه الاستثمارات، فقد استثمر شريك بابلو خوسيه جاتشا الأموال في نادي ميلوناريوس.
وضع كرة القدم الكولومبية على سُلم التاريخ
وقاد بابلو فريق ناسيونال إلى تحقيق إنجازا كبيرا وأصبح أول فريق كولومبي يرفع كأس ليبرتادوريس، ففي عام 1989، وقع في نفس المجموعة مع ميلوناريوس.
وتصدر الفريق المجموعة بعد فوزه 2-0 على ناسيونال، لكن كلا الفريقين تأهلا إلى الأدوار الإقصائية، ثم تغلب ناسيونال على راسينج كلوب الأرجنتيني وتغلب ميلوناريوس على بوليفار البوليفي، لكن الفريقين الكولومبيين وقعا في مواجهة بعضهما البعض في ربع النهائي.
وهذه المرة كانت لناسيونال اليد العليا، وتأهل بصعوبة 2-1 في مجموع المباراتين، وحقق فوزًا ساحقًا 6-0 على دانوبيو من أوروجواي ليواجه أوليمبيا من باراجواي في النهائي.
وبعد الهزيمة 2-0 في أسونسيون، جلس بابلو في المدرجات لخوض مباراة الإياب، وبفضل تألق أندريس إسكوبار في الدفاع وتألق حارس المرمى رينيه هيجيتا في أداء بطولي، نجح الفريق الكولومبي في تسجيل هدف ثم الثاني من ألبيرو أوسورياجا لمعادلة النتيجة في مجموع المباراتين، ليلجأ الفريقان إلى ركلات الترجيح.
وسجل أندريس إسكوبار الهدف الأول لناسيونال، وتصدى هيجيتا ببراعة لركلة الترجيح وسجل ركلة الترجيح الخاصة به، لكن زملائهم أهدروا الفرص لحسم اللقب، وبعد ثلاث فرص ضائعة لفريقه، نجح ليونيل ألفاريز في تسجيل ركلة الترجيح الحاسمة.
ويقول جون جايرو فيلاسكيز فاسكيز، المعروف باسم بوباي، أحد أتباع إسكوبار والذي ارتكب أكثر من مائتي جريمة قتل: "كان بابلو يقفز ويصرخ مع كل هدف، لم أره قط في مثل هذه النشوة، عادة ما يكون كتلة من الجليد".
وتم استدعاء لاعبي ناسيونال إلى مزرعة إسكوبار لحضور حفل ضخم، ويقول خايمي جافيريا: "لقد جاءوا من أجل المكافآت؛ حتى أن بابلو قام بإجراء سحب على شاحنة، بالنسبة لبابلو، لم يكن اللاعبون مجرد سلع، بل كانوا أصدقاء، لقد كان الأمر يتجاوز المال، حيث أراد لهم السعادة".
بصفته مدربًا للمنتخب الوطني، بدأ ماتورانا في توجيه فريق يضم العديد من لاعبي ناسيونال نحو كأس العالم 1994 في الولايات المتحدة.
وأصبح لدى كولومبيا فجأة العديد من اللاعبين الجيدين، والتي كان الفضل في جزء كبير منها يعود إلى تجار المخدرات، ولكن الجانب السيء كان واضحاً.
قتل حكم وتفجير طائرة قبل الاستسلام
في مباراة بشهر نوفمبر 1989 بين فريق دي آي إم المدعوم من إسكوبار وفريق أميركا دي كالي، انتشرت شائعات رشوة الحكم وتسببه في خسارة فريق أسكوبار.
حكم المباراة "ألفارو أورتيجا" كان عائدا إلى غرفته بالفندق، ليجد 20 رصاصة نحوه بأمر من بابلو أسكوبار بسبب اتخاذ عدد من القرارات الجدلية في المباراة.
وبعيداً عن المجد الذي حققه إسكوبار في الفوز بالكأس، كان عام 1989 عاماً دموياً بشكل غير عادي بالنسبة له، وكان أعظم مخاوفه دوماً هو تسليمه إلى الولايات المتحدة، وللحصول على الحصانة، فاز بالانتخابات لمجلس النواب في عام 1982، بدعم من الطبقة العاملة، لكن مكانته تأثرت بالحملة التي شنتها ضده وزيرة العدل لارا بونيلا، فأمر إسكوبار باغتيالها.
ولقد أعقب ذلك موجة من الغضب، واكتسب مرشح الحزب الليبرالي لويس كارلوس جالان شعبية كبيرة بفضل برنامجه المناهض لبابلو، ولكن في عام 1989 قتل رجال إسكوبار جالان، كما فجروا طائرة نفاثة تحمل أكثر من 100 راكب (ظنوا خطأً أنها حليفة لجالان)، وفجروا مقر جهاز الأمن الكولومبي بشاحنة، وفي نهاية، انتُخِب جافيريا رئيساً لكولومبيا، متعهداً بتفكيك عصابة الجريمة التي يرأسها "زعيم مختل عقلياً".
وفي حين انحدرت شوارع كولومبيا إلى فوضى بين الحكومة والكارتلات (عصابات المخدرات)، خسر المنتخب الوطني مباراة واحدة فقط من أصل 34 مواجهة في السنوات التي سبقت كأس العالم 1994.
وفي عام 1991 سلم بابلو نفسه، بشرط أن يتمكن من بناء سجنه الخاص مع ملعب كرة قدم، وكان لاعبو كولومبيا الدوليين من بين زواره، ولعبوا مباريات ضد السجين و"حراسه"، حتى في منتصف الموسم.
مارادونا ضيف شرف
في عام 1991، اقترب وسيط من دييجو مارادونا، وقال له إن شخصًا مهمًا للغاية في كولومبيا يريد أن يدفع له "رسومًا ضخمة" للعب مباراة ودية إلى جانب أمثال رينيه هيجيتا.
وقال مارادونا مؤخرًا: "لقد تم نقلي إلى سجن محاط بآلاف الحراس، قلت: "ما الذي يحدث؟ هل يتم اعتقالي؟!' كان المكان أشبه بفندق فاخر".
وأضاف: "لقد لعبنا واستمتع الجميع، وفي وقت لاحق من ذلك المساء، أقمنا حفلة مع أفضل الفتيات التي رأيتها في حياتي، وكان ذلك في سجن!، لم أصدق ذلك، وفي صباح اليوم التالي، دفع لي المال وودعني".
هروب ووفاة بحذاء معشوقته
استطاع اسكوبار الهروب من السجن، بعدما علم أن الحكومة الكولومبية قررت تسليمة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بتهديد من جورج بوش الأب.
أحرج هروب إسكوبار الرئيس الكولومبي الذي كان يظهر على شاشة التلفزيون يوميا لتبرير الموقف، واكد للسفير الأمريكي أنه لا مانع من وجود القوات الأمريكية في الأراضي الكولومبية.
وفي 2 ديسمبر 1993، وجد بابلو اسكوبار متوفيا إثر رصاص الشرطة الكولومبية على سطح مبنى في ميديلين، وكان يرتدي حذاء معشوقته (كرة القدم).
0 تعليق