بإمكان الصفقة الصناعية النظيفة في الاتحاد الأوروبي الاستفادة من الدور المهم الذي تؤديه الكهربة في إزالة الكربون من الصناعة، كل ذلك مع إنشاء قاعدة صناعية أوروبية متينة قادرة على المنافسة.
وقد أصدر تحالف الكهربة الأوروبي Electrification Alliance، مؤخرًا، توصيات بهذا الصدد، حسب تقرير اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).
وتتناسب الصفقة الصناعية النظيفة مع "الخطة الجديدة للمفوضية الأوروبية للازدهار المستدام والقدرة التنافسية لأوروبا"، التي تهدف في المقام الأول إلى دعم إزالة الكربون من دول الاتحاد الأوروبي، مع خفض أسعار الطاقة.
وترى رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، ضرورة أن تعمل الصفقة الصناعية النظيفة على تعزيز الصناعات التنافسية والوظائف الجيدة من خلال تبسيط الإجراءات، وتوجيه الاستثمارات إلى القطاعات كثيفة الطاقة والتقنيات النظيفة، وضمان الوصول إلى إمدادات الطاقة والمواد الخام بأسعار معقولة.
أهمية كهربة الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة
تمثّل كهربة الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة ركيزة أساسية لقطاع صناعي تنافسي محايد كربونيًا في أوروبا، ويعود ذلك للأسباب التالية:
أولًا: الكهربة ضرورية وممكنة
يمكن كهربة العديد من العمليات الصناعية، حاليًا، لتلبية أجزاء كبيرة من الطلب على الحرارة الصناعية والعمليات، وحتى 200 درجة مئوية بواسطة مضخات حرارية كبيرة، حيث أصبحت التقنيات ناضجة واقتصادية ومتاحة على نطاق واسع.
ومن المرجّح أن تصبح الحلول الكهربائية الأخرى قابلة للتطبيق تجاريًا في الأمد القريب إلى المتوسط، إذا نُفِّذَت وفق المتطلبات الاقتصادية الصحيحة.
ثانيًا: تعمل الكهربة على تحسين مرونة الاتحاد الأوروبي
تعتمد الصناعات كثيفة استهلاك الطاقة بشكل كبير، حاليًا، على الموارد التي لا توجد في أوروبا.
ومن خلال التحول نحو الكهربة القائمة على توليد الطاقة النظيفة والمتجددة، يمكن للصناعات الأوروبية تأمين إمدادات طاقة مستقرة من مصادر محلية من التقنيات النظيفة، المصنّعة في أوروبا، حيثما أمكن ذلك.
ثالثًا: الكهربة تفتح المجال أمام المرونة وتوفير التكاليف
على الرغم من أن الكهربة الصناعية تتطلب أسعارًا تنافسية للكهرباء، فإن "الكهربة الذكية" للصناعات، التي تمكّن الاستهلاك المرن للكهرباء النظيفة ردًا على الإشارات الخارجية، ستساعد في دمج مصادر الطاقة المتجددة في الشبكة، وخفض تكاليف الطاقة وحتى توفير مصادر دخل جديدة للصناعة.
تقدّم الكهربة
أشارت دراسة حديثة صادرة عن تحالف الكهربة الأوروبي إلى أنّ تقدُّم الكهربة كان متوقفًا، حيث بلغت حصتها ما بين 22% و23% على مدى السنوات الـ5 الماضية.
لذلك، يجب على الصفقة الصناعية النظيفة أن تسلّط الضوء على الدور الحاسم للكهربة المباشرة في إزالة الكربون من القطاعات الصناعية، وتوفير الظروف المناسبة لجعل الكهربة تنافسية ودعم قاعدة صناعية قوية في أوروبا.
وينبغي لها أن تركّز تحديدًا على عمليات التدفئة والتبريد التي ما تزال تعتمد إلى حدّ كبير على الوقود الأحفوري، وتمثّل أكثر من نصف (50.5%) من استهلاك الطاقة النهائي في الصناعة في عام 2022، وسلسلة التوريد لديها.
متطلبات الكهربة الصناعية
أولًا: تتطلب الكهربة الصناعية إمدادات كهرباء تنافسية مقارنة بالمناطق الأخرى، وتنافسية مقارنة بموارد الطاقة الأخرى مثل الغاز والنفط.
حاليًا، تعدّ الكهرباء واحدة من أكثر مصادر الطاقة خضوعا للضرائب، حيث تكون الضرائب على الصناعات أعلى بمقدار 3.5 مرة من الغاز.
وتُعدّ هذه القضية واضحة خصوصًا في الاتحاد الأوروبي، حيث تكون ضرائب الكهرباء أعلى بكثير مقارنة بالمناطق العالمية الأخرى.
ثانيًا: تتطلب الكهربة المتنامية الاستثمار السريع وتوسيع نطاق التقنيات/الحلول القائمة على الكهرباء المناسبة، مثل تلك الخاصة بعمليات الحرارة العالية، وهذا يستلزم إنشاء خطط دعم مخصصة لتقليل مخاطر الاستثمارات ودعم تكاليف التشغيل المرتبطة بها.
توصيات بشأن الصفقة الصناعية النظيفة
طلب أعضاء تحالف الكهربة الأوروبي من المفوضية الأوروبية والدول الأعضاء اتخاذ التدابير التالية بصفتها مكونًا أساسًا للصفقة الصناعية النظيفة:
أولًا: تقديم مؤشر وطني ذكي للكهرباء للصناعة لضمان مراقبة عالية المستوى لاتجاهات الكهربة في الصناعة، ومراقبة تطورات السياسات على مستوى الاتحاد الأوروبي.
وينبغي أن يكون مثل هذا المؤشر غير ملزِم، وأن يُبلَّغ عنه في خطط الطاقة والمناخ الوطنية في حالة المراجعة المستقبلية للوائح الحوكمة.
ثانيًا: توفير الدعم المالي الكافي لنشر المعدّات الكهربائية وتقنيات التدفئة والتبريد الكهربائية، مثل بنك الكهربة.
بالإضافة إلى ذلك، هناك حاجة إلى الدعم المالي الكافي لتمكين البنية الأساسية مثل شبكات الكهرباء على جميع مستويات الجهد.
وينبغي تحقيق ذلك من خلال الإطار المالي متعدد السنوات المقبل 2028-2034، مثل صندوق القدرة التنافسية أو أدوات التمويل للبنك الأوروبي للاستثمار.
ثالثًا: ضمان سياسات ضريبية عادلة ورسوم لتعزيز القدرة التنافسية الصناعية وتسريع التحول إلى الكهرباء في الاتحاد الأوروبي، وتوجد حاجة ماسّة إلى نهج واضح وإستراتيجي للضرائب، سواء للكهرباء أو الضرائب غير المرتبطة بالكهرباء، لتقليل تكاليف الكهرباء الإجمالية للصناعات التي تسعى إلى التحول إلى الكهربة.
رابعًا: ضمان الوصول إلى الشبكة في الوقت المناسب للعمليات الصناعية الكهربائية، وذلك بفضل مزيج من التخطيط القوي لنظام الطاقة، والتنفيذ الصارم لأحكام تصميم السوق على إجراءات توصيل الشبكة والجداول الزمنية.
خامسًا: معالجة العوائق التي تحول دون إطلاق العنان للمرونة في الصناعة، ويجب الاعتراف بأنواع مختلفة من المشاركة في الطلب لتلبية السمات المحددة لقطاعات الصناعة المختلفة.
لذلك، يجب تحفيز استجابة جانب الطلب من خلال المكافآت، مع عدم معاقبة اللاعبين الصناعيين ذوي إمكانات المرونة المحدودة.
ولتحقيق هذه الغاية، فإن تطوير إشارات أسعار السوق المناسبة وتقديم أدوات قوية لتقليل المخاطر لتحفيز الاستثمارات في المرونة أمر بالغ الأهمية.
سادسًا: تيسير توفير قوة عاملة ماهرة بما يكفي لتمكين النشر السلس للتقنيات الكهربائية في الصناعات كثيفة الطاقة، وتجنُّب الاختناقات في مرحلة النشر. وهناك حاجة إلى حوافز مستقرة ودوافع تنظيمية لتمكين الشركات الأوروبية من تبنّي إستراتيجيات التدريب والتوظيف المناسبة.
موضوعات متعلقة..
اقرأ أيضًا..
المصادر..
- "الصفقة الصناعية النظيفة".. من الموقع الإلكتروني لتحالف الكهربة الأوروبي.
0 تعليق