من يفوز بسباق المعادن الحيوية في الشرق الأوسط؟ (تقرير)

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

أصبحت سوق المعادن الحيوية مجالًا جديدًا للتنافس بين مختلف دول العالم؛ نظرًا إلى الحاجة الملحة إلى توفير الإمدادات اللازمة لتحول الطاقة في مواجهة أزمة تغير المناخ.

وتطرّق مقال حديث اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن)، إلى المنافسة الأخيرة بين السعودية والإمارات العربية المتحدة، من أجل الاستحواذ على حصة من قطاع المعادن الحيوية في الشرق الأوسط.

وتُعرف المعادن الحيوية بأنها المواد المطلوبة للصناعات الإستراتيجية في أي بلد حيث يوجد خطر انقطاع الإمدادات.

وهي تشمل: الليثيوم لصنع البطاريات، والبلاتين المستعمل في خلايا الوقود، والنحاس، والبوكسيت الذي يُعد المادة الخام للألومنيوم.

المنافسة في سوق المعادن الحيوية

أشارت كاتبة المقال فالاتينا باسكالي، إلى أن جهود السعودية لتعزيز المعالجة المحلية للمعادن الحيوية يُمكن أن تعيد رسم سلاسل التوريد الإقليمية والعالمية لصناعة التعدين، مع تصاعد المنافسة الإستراتيجية بين الولايات المتحدة والصين.

ونقلت "باسكالي" عن الخبير الإستراتيجي في مجال التعدين لدى شركة هالغارتن آند كومباني (Hallgarten & Company) كريستوفر إكليستون، قوله إن امتلاك السعودية الأموال، ومصادر الطاقة الوفيرة والرخيصة، وموقع البلاد عند مفترق طرق التجارة العالمية؛ كلها عوامل ستكون حاسمة لنجاح المملكة في الاستحواذ على حصة من سوق معالجة المعادن الحيوية.

إلا أن السعودية ستتنافس مع جارتها ومنافستها الإقليمية، الإمارات العربية المتحدة، التي لديها -أيضًا- طموحات في هذا المجال، بحسب المقال الذي نشرته منصة "أرابيان غلف بيزنس إنسايت" (Arabian Gulf Business Insight).

ويعتقد إكليستون أن المنافسة بين الجارتين الخليجيتين ستستمر على مدى العامين المقبلين، وستتجلى في ما من المرجح أن يكون صراعًا "جبارًا" للحصول على حصة غير مباشرة في شركة ألفامين (Alphamin)، وهي شركة كندية لديها مصالح حاسمة في مجال القصدير في جمهورية الكونغو الديمقراطية.

وبحسب ما ورد، دخلت شركة إنترناشيونال ريسورس هولدينغ (International Resource Holding)، وهي شركة تابعة لشركة أبوظبي القابضة الدولية، التي يرأسها الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، شقيق رئيس دولة الإمارات، في محادثات هذا الشهر للحصول على مثل هذه الحصة.

لكن منارة المعادن -وهي مشروع مشترك بين شركة التعدين المملوكة للدولة السعودية معادن وصندوق الاستثمارات العامة- يُعتقد أنها من بين العديد من المنافسين، كما يقول إكليستون.

وتقود منارة المعادن الجهود السعودية في إطار مبادرة مرونة سلسلة التوريد العالمية التي بدأت منذ عامين.

توقيع شراكات لتعزيز المعادن الحيوية

في الأسبوع الماضي وحده، وقّعت المملكة العربية السعودية شراكات بقيمة تزيد على 9 مليارات دولار مع شركة التعدين الهندية فيدانتا (Vedanta)، ومجموعة زيجين الصينية للتعدين (Zijin Mining)، ومجموعة بلاتينيوم للمعادن في كندا (Platinum Group Metals)، لتطوير مصاهر ومصافي النحاس والزنك والبلاتين والبلاديوم، بحسب المقال الذي اطّلعت عليه منصة الطاقة المتخصصة.

وتتمتع المملكة بموارد محلية يمكنها الاستفادة منها، وتتكون إلى حدٍ كبير من معادن مثل النحاس والذهب والزنك، لكنها ليست "مذهلة"، وفق ما صرّح به المستشار الرئيس في شركة الاستشارات البريطانية سي آر يو (CRU)، المتخصصة في صناعات المعادن والتعدين والأسمدة العالمية، أيونوت لازار.

إن اللعبة الحقيقية للرياض تكمن في معالجة المعادن الحيوية؛ ولأن مثل هذه المعالجة تتطلّب عادةً الطاقة والعمالة المكثفة، فهي مكلفة للغاية في معظم الأماكن خارج الصين، كما يقول لازار؛ كما أن لها بصمة كربونية كبيرة.

وأضاف لازار: "يعمل كل من السعودية والإمارات على تطوير الكثير من الطاقة المتجددة، ما يعني أنه إذا كنت تريد نسخة أكثر اخضرارًا من المادة، فهي ليست موجودة بعد، ولكنها ستكون موجودة، على مدى فترة من الزمن".

من جانبها، كانت الإمارات في جولة تسوق للمعادن الحيوية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي؛ إذ استخرجت النحاس في بيرو، والليثيوم في زيمبابوي، والتنتالوم في كينيا، والبوكسيت في باكستان.

دور الصين في سوق المعادن الحيوية

سلّطت كاتبة المقال فالاتينا باسكالي، الضوء على الصين، التي تُعد اللاعب الأكثر رسوخًا في صناعة المعادن الحيوية -مع نحو 85% من القدرة على المعالجة في جميع أنحاء العالم-؛ وتُعد علاقتها بالسعودية معقدة.

ورأت "باسكالي" أنه من المرجح أن تظل هذه العلاقة تعاونية في الأمد القريب، إذ تسعى الصين إلى تصدير تكنولوجياتها وخبرتها إلى عملاء جدد.

لكنها قد تتحول إلى علاقة تنافسية مع ارتفاع الطلب على المنتجات النهائية مثل بطاريات السيارات الكهربائية، جنبًا إلى جنب مع الجهود التي تقودها الولايات المتحدة لفصل العالم الغربي عن الصين، ما يخلق فرصة.

وأشار الخبير كريستوفر إكليستون إلى أن الخطوة الأولى للمملكة العربية السعودية هي بناء مصاهر، وهو ما يعرفه السعوديون بالفعل في ضوء خبرتهم في الألومنيوم؛ ثم يتعلّق الأمر باتباع خطى الصين وتصنيع المنتجات النهائية.

ويقول رئيس أبحاث المعادن الأساسية في وكالة تقارير الأسعار فاستماركتس (Fastmarkets)، ويل آدامز: "نحن في وضع فائض في البطاريات في الوقت الحالي، لأنها سوق صغيرة.. ولكن مع تزايد حجمها على أساس الوزن، ستحتاج فجأة إلى منجمين أو 3 مناجم جديدة سنويًا لتعويض الوزن الإضافي".

ويقول آدامز إنه من أجل وضع نفسها في تلك اللحظة، يجب على السعودية دعم المشروعات التي ليست مجدية اقتصاديًا الآن، ولكنها قد تصبح كذلك في غضون بضع سنوات، تمامًا كما فعلت الصين عندما كانت توسع صناعة التعدين.

الصراع بين أميركا والصين في التعدين

في الوقت نفسه، أصبح المسؤولون الأميركيون متخوفين بشأن تفوق الصين في مجال المعادن الحيوية، وهم يفحصون نفوذ بكين في الصناعات من الرقائق الإلكترونية إلى الهيدروجين الأخضر.

وقالت وزيرة الطاقة الأميركية التي ستغادر قريبًا، جينيفر غرانولم، لشبكة سي إن بي سي (CNBC) في فبراير/شباط: "إنها إحدى قطع سلسلة التوريد التي نشعر بقلق شديد بشأنها في الولايات المتحدة.. نحن لا نريد أن نعتمد بصورة مفرطة على البلدان التي قد لا نشاركها قيمها".

وتُعدّ الصين الدولة الرائدة في مجال معالجة المعادن الإستراتيجية عالميًا، إذ تعالج 65% من الليثيوم المستخرج عالميًا، و74% من الكوبالت، و100% من الغرافيت الطبيعي، و90% من المعادن الأرضية النادرة، وفق بيانات حديثة اطّلعت عليه وحدة أبحاث الطاقة.

كما تهيمن الصين على إنتاج الغرافيت الطبيعي 72%، وتليها في الترتيب موزمبيق (10%)، ومدغشقر (8%)، وبالمثل تستحوذ بكين على إنتاج المعادن الأرضية النادرة، إذ تمثّل 70% من الإمدادات العالمية، تليها الولايات المتحدة (14%)، وأستراليا (6%)، بحسب التقرير الذي نشره موقع فيجوال كابيتالست (visualcapitalist).

وحول الليثيوم، يوجد جزء كبير من احتياطيات هذا المعدن في أميركا الجنوبية، إذ تمتلك تشيلي والأرجنتين نحو نصف إجمالي الاحتياطيات العالمية من الليثيوم، بنسبة 34% و13%، على الترتيب.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

  1. المنافسة في قطاع المعادن الحيوية في الشرق الأوسط من منصة "أرابيان غلف بيزنس إنسايت".
  2. معلومات عن سلسلة إمدادات المعادن الحيوية من وحدة أبحاث الطاقة.
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق