التعليم نشاط إنساني بالغ التعقيد ومتشعب بشكل كبير جدا فهو نشاط ذو صلة بالطالب وولي الأمر والمعلم وله صلة بكل مؤسسات المجتمع الثقافية والتجارية والصناعية وغيرها. ومنذ بدأت رحلة التطوير فقد تكفلت وزارة التربية والتعليم وحدها بهذه المهمة وأخذت على عاتقها مهمة التطوير في كل جوانب المنظومة ولم تلتفت مطلقا لآراء وأفكار المعنيين بالأمر من طلاب وأولياء أمور وحتى الخبراء التربويين وانغلقت الوزارة على نفسها واكتفت بمسؤوليها.
ثم جاءت فترة الدكتور رضا حجازي ففتح الباب للحوار مع التربويين واستمع لمطالب الطلاب وأولياء الأمور ووعد بحوار مجتمعي موسع لتطوير الثانوية العامة وهو ما يعني عدم انفراد الوزارة بقرارات تخص الثانوية العامة، ثم بعد ذلك تمت تغييرات جذرية في الثانوية العامة وبدون أي حوار أو استطلاع لآراء التربويين أو حتى أخذ الوقت الكافي لدراسة هذه القرارات.
والحقيقة أنه يمكن إرجاع ذلك لعدة أمور منها مثلا:
- الضغوط التي يتسبب فيها عدد كبير من أولياء الأمور وإلقاء المسؤولية الكاملة على وزارة التربية والتعليم وحدها والتنصل من تحمل أي مسؤولية.
- عدم وعي بعض الطلاب وأولياء الأمور بطبيعة التغيرات التي يمكن أن يحدثها التطوير وأنها تتطلب وقتا لكي تظهر آثارها وهو ما يبدو في استعجال النتائج.
- غياب المناقشة الموضوعية الهادئة المبنية على أسس علمية وسيادة لغة العواطف والانفعالات المبالغ فيها.
- وفيما يخص الوزارة فإنها غير منفتحة على المجتمع بشكل كاف ولم تنجح في الإنصات بشكل كاف لآراء ذوي الصلة من الطلاب وأولياء الأمور والتربويين.
غير أن هناك بادرة أمل سوف تكون آثارها كبيرة جدا على تسريع خطى التطوير وهي إنشاء المجلس الأعلى للتعليم والبحث العلمي والابتكار وهو المجلس الذي سوف يتولى مسؤولية التخطيط ورسم السياسة العامة للتعليم والبحث العلمي والابتكار وهو مكون بطبيعته من عدد كبير من المعنيين والمتخصصين وذوي الصلة بالتعليم أو بمخرجات النظام التعليمي وسوف يدعم المجلس بهذه الصورة فكرة الحوار المجتمعي الموضوعي المبني على أسس علمية وواقعية وسوف يحد من انفراد وزارة التربية والتعليم باتخاذ قرارات مهمة تتعلق بالتخطيط أو القيام بتغييرات كبيرة لا تحظى بقبول المجتمع.
0 تعليق