مفارقة الازدهار في إيران: خيارات طهران بعد سقوط الأسد واغتيال نصر الله - في المدرج

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم مفارقة الازدهار في إيران: خيارات طهران بعد سقوط الأسد واغتيال نصر الله - في المدرج

تبدو إيران على أعتاب متغيرات وتحديات لا تقل عما يجتاح المنطقة من تغييرات، وقدَر كريس دويل، مدير مجلس التفاهم العربي البريطاني، في مقابلة مع موقع "إيران إنترناشيونال"، أن موقع إيران في سوريا قد انهار وانهارت معه مكانة إيران الإقليمية إلى حد بعيد". واعتبر دويل أن هذه الأحداث تؤدي إلى قلب الاستراتيجية العسكرية الإيرانية في الخارج بشكل كامل لدرجة أنه قد يلهم المعارضين في الداخل للإطاحة بالجمهورية الإسلامية التي تبلغ من العمر 45 عاماً.

وتكرر  المعارضة الإيرانية التنويه إلى أن سقوط نظام الأسد يسلط الضوء على ما تعتبره فشلاً لسياسات النظام الإيراني في المنطقة، داعية إلى إعادة النظر في التحالفات الإقليمية وتوجيه الموارد الاقتصادية في البلاد نحو تحسين الأوضاع الداخلية في إيران.

هذا بالتزامن مع تشديد طهران لإجراءاتها الضاغطة على وسائل الاعلام والصحافيين كي لا "يروجوا ما يعتبره المرشد "ارباكاً للرأي العام".

قال القضاء الإيراني إنه تم توجيه اتهامات لصحافي بسبب حديثه عن دعم إيران الاقتصادي لحكومة بشار الأسد. جاء ذلك بعد ساعات من تصريح خامنئي: "إذا تحدث أحدهم بطريقة تقوض الروح المعنوية للشعب، فهذه جريمة".

توقعات المعارضة والخبراء جاءت عكس الاتجاه الذي عبره عنه المرشد. إذ قال خامنئي في كلمته 10 ديسمبر في طهران، إن "محور المقاومة" الذي تقوده إيران "سيكتسب قوة في أنحاء المنطقة بأكملها"، وأضاف: "كلما زاد الضغط... تصبح المقاومة أقوى. كلما زادت الجرائم التي يرتكبونها، تأتي بمزيد من التصميم. كلما قاتلت ضدها زاد توسعها"، وأردف قائلاً: "إيران قوية ومقتدرة، وستصبح أقوى".

هذا بينما يراهن الإيرانيون على أن تكون خسارة طهران لسوريا ولبنان، فرصة لتكثيف الاستثمار في الشأن الداخلي والإفادة من مقدرات البلاد الغنية، في تجاوز ما يعتبرونه محنة تدهور الأوضاع المعيشية في ايران. 

وهكذا تقف إيران، الدولة الغنية بالموارد الطبيعية، عند مفترق طرق فريد من نوعه. فعلى الرغم من تصنيفها بين الدول الأولى عالمياً من حيث الثروات الطبيعية، فإن واقع مواطنيها يتناقض مع صورة الدولة الغنية.

وبينما تتمتع البلاد بإمكانات، فإن سنوات سوء الإدارة والعقوبات السياسية الإقليمية تركت شعبها في أزمات اقتصادية، تضخم متسارع، وعملة متدهورة. أدت بـ35% من شعبها ليكون تحت خط الفقر.

ثروة طبيعية هائلة

وتحتل ايران المرتبة الخامسة عالمياً في مؤشر الموارد الطبيعية، وتملك احتياطيات ضخمة من النفط والغاز والمعادن. وتُعد إيران رابع أكبر دولة في العالم من حيث احتياطيات الغاز الطبيعي، وتحتل موقعاً متقدماً في إنتاج النفط الخام مع أكثر من 27 مليار برميل من الاحتياطيات المؤكدة. أما ثرواتها المعدنية فتشمل رواسب ضخمة من النحاس والذهب واليورانيوم والمعادن الأرضية النادرة، ما يمثل 7% من إجمالي الموارد المعدنية العالمية.

حال الشعب!

يروي الواقع الاقتصادي قصة مختلفة. تستمر العملة الإيرانية، الريال، في التدهور، فيما وصل التضخم إلى مستوى مذهل بلغ 34.5% بنهاية عام 2024. كما أن أكثر من 35% من الأسر تعيش تحت خط الفقر، مما يدفع بالملايين إلى أوضاع اقتصادية بائسة. 

ورغم هذه الثروات الهائلة، يعاني الشعب الإيراني من تحديات اقتصادية كبيرة. فقد أشار تقرير صادر عن مركز أبحاث غرفة التجارة الإيرانية إلى أن أكثر من 32 مليون إيراني، أي ما يزيد على ثلث السكان، كانوا يعيشون تحت خط الفقر بحلول مارس 2022. كما ارتفع معدل التضخم إلى أكثر من 40%، مما أدى إلى تدهور القوة الشرائية للمواطنين.

بالإضافة إلى ذلك، تواجه إيران تحديات في زيادة إنتاجها النفطي. فعلى الرغم من خططها لزيادة الإنتاج إلى 4 ملايين برميل يومياً بحلول مارس 2024، إلا أن العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها حالت دون تحقيق هذا الهدف.

تُظهِر هذه الأرقام التناقض الواضح بين الثروة الطبيعية الهائلة لإيران والمعاناة الاقتصادية لشعبها، مما يستدعي ضرورة إجراء إصلاحات اقتصادية جذرية واستغلال أفضل لموارد البلاد لتحسين مستوى معيشة المواطنين.

عبء العقوبات وسوء الإدارة

يُثقل كاهل الاقتصاد الإيراني بالعقوبات الدولية التي تحد من قدرته على التجارة بحرية والاستثمار في البنية التحتية. وقد أدت هذه العقوبات، إلى الفساد الذي يسعى الرئيس الجديد الى مجابهته وفق برنامجه الانتخابي، و"خنق" النمو الاقتصادي وتثبيط الاستثمارات الأجنبية.

وعلى الرغم من أن معدل نمو الناتج المحلي الإجمالي بلغ 4.6% في عام 2024، إلا أن مسار الاقتصاد الإيراني يظل متقلباً، مدفوعاً إلى حد كبير بالاعتماد على صادرات النفط.

ويعزو نقاد السياسة الإيرانية إلى أن تركيز الحكومة على الصراعات الإقليمية ودعم الجماعات المسلحة من استنزاف الموارد التي كان يمكن استخدامها لتحسين مستوى معيشة المواطنين. هذه التشابكات الجيوسياسية، على الرغم من أنها تهدف إلى تعزيز النفوذ، عزّزت أزمة الاقتصاد الإيراني، وزاد من السخط الداخلي.

فرص التحول

لا تزال إمكانات إيران الاقتصادية هائلة. ويرى الخبراء أن الإصلاحات الاستراتيجية، بما في ذلك تحسين إدارة الموارد، والاستثمار في التعليم والتكنولوجيا، وتعزيز التعاون الدولي، يمكن أن تحول البلاد إلى قوة اقتصادية إقليمية. ومن خلال تنويع اقتصادها بعيداً عن النفط، والاستفادة من إمكاناتها الزراعية والصناعية، وتحديث بنيتها التحتية، يمكن لإيران تمهيد الطريق نحو نمو مستدام.

تعد الجهود الدبلوماسية لتخفيف التوترات وإعادة بناء الثقة مع القوى العالمية أمراً حاسماً. ويمكن للعلاقات الطبيعية مع المجتمع الدولي أن تفتح الأبواب أمام الاستثمارات الأجنبية، وتحقق استقراراً للعملة، وتوفر الأساس لتوزيع أكثر إنصافاً للثروة.

أمة على مفترق طرق

تظل إيران مثالاً بارزاً للتناقض—دولة غنية بالموارد، لكن يعاني سكانها من الفقر. هذه المفارقة هي عامل رئيس يحذر من عواقب سوء الإدارة والعزلة.

التحديات كبيرة، يبقى المسار الذي ستختاره الحكومة الإيرانية في سياساتها الإقليمية حاسماً في المسار الذي قد يؤدي إلى الازدهار أو الى المزيد من التوتر الداخلي والعقوبات الاقتصادية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق