إدارة ترمب الجديدة تترقب سياسة "هيمنة الطاقة".. هل تخدم مصالح أميركا؟ (تقرير)

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اقرأ في هذا المقال

  • • سياسات الطاقة الأميركية والأوروبية تجاه روسيا تتّسم بتناقضات صارخة
  • • أوروبا تتخبط في سعيها لكبح اعتمادها على الطاقة الروسية
  • • المصافي الهندية تحوّل النفط الروسي إلى ديزل ومشتقات أخرى، ثم تعيد تصديرها إلى أوروبا
  • • مشروع خط أنابيب "كيستون إكس إل" شريان حيوي لتوصيل الطاقة في أميركا الشمالية

تهدف سياسة "هيمنة الطاقة" لدى إدارة الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب المقبلة إلى خدمة مصالح الولايات المتحدة داخليًا وخارجيًا.

يأتي ذلك على الرغم من أن سياسات الطاقة الأميركية والأوروبية تجاه روسيا تتّسم بتناقضات صارخة، حسب مقال طالعته منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن).

فمن ناحية، ترسل إدارة بايدن -بدعم من نظيراتها في حلف شمال الأطلسي- مئات مليارات الدولارات في شكل مساعدات عسكرية لأوكرانيا، وتروّج للعقوبات التي تهدف إلى شلّ الاقتصاد الروسي.

ومن ناحية أخرى، تواصل هذه الدول نفسها شراء النفط والغاز والغاز المسال من روسيا، ومن ثم تجديد الخزائن التي تدّعي أنها تفرّغها.

ويتفاقم هذا النفاق بسبب سياسات الطاقة المحلية للرئيس بايدن، التي تحدّ من الإنتاج الأميركي في الوقت الذي تتخبط فيه أوروبا بسعيها لكبح اعتمادها على الطاقة الروسية.

توسيع إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة

من خلال توسيع إنتاج النفط والغاز في الولايات المتحدة، يقترح ترمب إستراتيجية تتماشى مع ضرورات سياسة الطاقة الأميركية.

ويعمل مثل هذا الإطار على تعزيز أمن الطاقة عبر الأطلسي، ويضع ترمب في موقف يسمح له بالتفاوض من موقع قوة في سعيه الجادّ إلى التوصل إلى اتفاق سلام مع روسيا، حسب مقال نشرته منصة "ريل كلير إنرجي" للخبير في قطاع الطاقة وإدارة الشركات والإستراتيجية، ماثيو روي.

الخبير في قطاع الطاقة وإدارة الشركات والإستراتيجية، ماثيو روي
الخبير في قطاع الطاقة وإدارة الشركات والإستراتيجية، ماثيو روي – الصورة من مؤسسة هانغاري فاونديشن

وأشار ماثيو روي إلى أن هذه الخطة، على الرغم من كونها طموحة وعملية، تستحق اهتمامًا أولويًا، سواء لفائدتها الفورية أو لإمكاناتها في إعادة إدخال التماسك إلى عالم كان يفتقر إليه بشدة.

وقال: "إن المرء ليدهش، حين يراقب توزيع المليارات من قِبَل دول حلف شمال الأطلسي على أوكرانيا، في حين تدعم هذه الدول آلة الحرب التابعة للكرملين من خلال مشتريات الطاقة، من عبثية هذا التعامل المزدوج".

وأوضح أن "العقوبات التي صُممت ظاهريًا لإعاقة الاقتصاد الروسي تصبح عاجزة عندما تستدير أوروبا وتعيد ملء خزائن موسكو من خلال تجارة الطاقة المباشرة والخفيّة".

النفط الروسي محظور ظاهريًا

على الرغم من أن النفط الروسي محظور ظاهريًا من الأسواق الأوروبية، فإنه يجد ملاذًا في دول الطرف الثالث -خصوصًا في وسط وشرق آسيا- حيث يجري خلطه وتكريره، ثم بيعه مرة أخرى إلى أوروبا بسعر مقبول، في جو من الإنكار المعقول.

وقال الخبير في قطاع الطاقة وإدارة الشركات والإستراتيجية، ماثيو روي: "لنتأمل الهند: التي كانت سابقًا لاعبًا مهملًا في واردات النفط الروسية، والآن أصبحت فجأة المستفيد من نحو 40% من صادرات موسكو".

وأشار إلى أن "مصافي التكرير الهندية تحول هذا النفط إلى ديزل ومشتقات أخرى، ثم تعيد تصديرها إلى أوروبا".

النفط الروسي

نفور بايدن من تطوير الطاقة الموثوقة

اتّسمت مدة ولاية الرئيس الأميركي، جو بايدن، بنفور من تطوير الطاقة الموثوقة في الولايات المتحدة، بحسب متابعة منصة الطاقة المتخصصة (مقرّها واشنطن) لتحديثات القطاع.

وكانت توجهات بايدن واضحة في وقت مبكر من عام 2020، عندما خاض حملته تحت شعار "حظر التكسير المائي (الهيدروليكي)".

وفي أول يوم له في منصبه، ألغى بايدن على الفور المرحلة الأخيرة من مشروع خط أنابيب "كيستون إكس إل"، وهو شريان حيوي لتوصيل الطاقة في أميركا الشمالية.

وبحلول نهاية أسبوعه الأول، جمَّد جميع طلبات إيجار الأراضي العامة للنفط والغاز وعرقل عقود الإيجار القائمة بمزيد من الإجراءات البيروقراطية.

الرئيس الأميركي جو بايدن
الرئيس الأميركي جو بايدن– الصورة من وكالة فرانس برس

تنظيم انبعاثات الميثان

أشار الخبير في قطاع الطاقة وإدارة الشركات والإستراتيجية، ماثيو روي، إلى أن بايدن دافع عن تشريع جديد للمناخ يهدف إلى تنظيم انبعاثات الميثان، تجسيدًا لطموح الرئيس الأميركي الأسبق، باراك أوباما، الصريح لخنق إنتاج الوقود الأحفوري من خلال الجهاز التنظيمي.

ولعل الأمر الأكثر إثارة للغضب بالنسبة للحلفاء الأوروبيين الذين يسعون إلى إيجاد بدائل للطاقة الروسية هو أن بايدن أوقف ترخيص أنشطة تصدير الغاز المسال في يناير/كانون الثاني 2024.

وفي الوقت الذي كان من الممكن أن توفر فيه موارد الطاقة الأميركية حصنًا ضد الاضطراب الاقتصادي والضعف الجيوسياسي، اختار بايدن بدلًا من ذلك الاستسلام للضرورات الإيديولوجية لقاعدته السياسية.

وبسبب ارتفاع صادرات الغاز المسال الأميركية إلى أوروبا ارتفعت إلى مستويات تاريخية منذ بدء الحرب في عام 2022، يجب أن نفهم أن هذا كان استجابة للسوق، وحدث على الرغم من سياسات بايدن في مجال الطاقة، وليس بسببها.

وتركزت أولوية بايدن دائمًا على استعمال الحكومة لعرقلة تطوير الغاز الطبيعي، حتى حين واجه الحلفاء الأوروبيون أزمة خفض الإمدادات والضبابية.

ترمب يعتزم زيادة إنتاج الوقود الأحفوري

يجسّد شعار ترمب الداعي إلى زيادة إنتاج الوقود الأحفوري رؤية "هيمنة الطاقة" التي تتّسم بالطموح الشديد، والتأييد الواضح للتنمية، والطابع الأميركي الواضح.

في ولايته الأولى، سارع ترمب إلى الموافقة على خطَّي أنابيب كيستون إكس إل وداكوتا أكسس، وتجاوز البيروقراطية لتسريع إيجارات النفط والغاز، وأشرف على مضاعفة صادرات الغاز المسال بشكل ملحوظ.

وأدى تراكم التراخيص -وهو عبء ثقيل من صنع إدارة بايدن- إلى توقُّف المشروعات لأشهر، بل وحتى لسنوات، مع تردًّد واشنطن.

ومع اختيار ترمبل كريس رايت ودوج بورغوم لمنصبَي وزيري الطاقة والداخلية على التوالي، يمكن للمرء أن يفترض بأمان أن الإدارة الجديدة ستطلق العنان مرة أخرى للقوى الحرة والإبداعية التي تدفع الصناعة الأميركية.

وألمح الخبير في قطاع الطاقة وإدارة الشركات والإستراتيجية، ماثيو روي، إلى أن بعضهم في أوروبا يتطلعون إلى قيادة ترمب في اتجاه جديد فيما يتعلق بالطاقة والسياسة الخارجية.

فقد وقف صديق ترمب رئيس وزراء المجر، فيكتور أوربان، ضد الوضع الراهن الأوروبي، سعيًا إلى إنهاء العنف في أوكرانيا عن طريق التفاوض.

وتستورد المجر بقيادة أوربان ما يقرب من 100% من الغاز الطبيعي، المستعمَل في التدفئة المنزلية وتوليد الكهرباء والإنتاج الصناعي، من روسيا.

لذلك، يتعرض أوربان لانتقادات شديدة في مختلف أنحاء الغرب بسبب هذا النهج الواقعي في الحفاظ على العلاقات الطبيعية مع المزود الوحيد لمورد لا غنى عنه، الذي لا يوجد لبلاده غير الساحلية أيّ بديل له في الوقت الحالي.

جانب من عملية بناء خط أنابيب كيستون إكس إل لنقل النفط الخام من كندا إلى ساحل الخليج الأمريكي
جانب من عملية بناء خط أنابيب كيستون إكس إل لنقل النفط الخام من كندا إلى ساحل الخليج الأميركي – الصورة من بلومبرغ

اقتراح توسيع صادرات الغاز المسال الأميركي إلى أوروبا

في أعقاب انتصار دونالد ترمب في الانتخابات، تحوّل الحوار بين ترمب و رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بسرعة إلى مسائل ذات أهمية إستراتيجية، بما في ذلك اقتراح توسيع صادرات الغاز المسال الأميركي إلى أوروبا.

وقالت فون دير لاين: "الغاز المسال هو أحد المواضيع التي تطرّقنا إليها، حيث ما زلنا نحصل على الكثير من هذا الوقود عبر روسيا".

وخلص تحليل مجلة بوليتيكو إلى أن هذا مجرد إعلان لمفاوضات التعرفات الجمركية المقبلة، وهو اقتراح لإنقاذ ماء الوجه لاستيراد المزيد من الغاز المسال لإعادة التوازن إلى العجز التجاري الذي لا تستطيع فون دير لاين فرضه فعليًا.

وقال الخبير في قطاع الطاقة وإدارة الشركات والإستراتيجية، ماثيو روي: إن "الطاقة ليست مجرد مسألة اقتصادية جزئية، تقتصر على اهتمامات خاصة، وإنما شرط أساس للاقتصاد الحديث".

وأضاف ماثيو روي "من خلال إعادة ضبط اعتماد أوروبا على الغاز المسال الأميركي في مجال الطاقة، يستعمل ترمب أداة ليس فقط للضغط الاقتصادي، بل للمواءمة الجيوسياسية، وهي الأداة التي قد تثبت أنها لا غنى عنها في تشكيل معالم السلام".

وأوضح أن "مناقشة موضوع الغاز المسال تتعدى كونها مجرد عملية تجارية، بل ترمز إلى إستراتيجية أكبر وأكثر أهمية".

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر..

إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق