رقمنة الإدارة المغربية.. أزمات التأخير والإصلاحات المأمولة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم رقمنة الإدارة المغربية.. أزمات التأخير والإصلاحات المأمولة

- في المدرج هبة بريس- عبد اللطيف بركة 

على الرغم من الآمال الكبيرة التي رافقت إطلاق مشروع رقمنة الإدارة في المغرب، إلا أن الواقع يشير إلى وجود تأخير ملحوظ في تنفيذ القانون رقم 55.19 المتعلق بتبسيط المساطر والإجراءات الإدارية.

هذا المشروع كان يُفترض أن يحدث نقلة نوعية في العلاقة بين المواطن والإدارة المغربية، ولكن التقارير الأخيرة تكشف عن بطء شديد في تنفيذه، مما يثير تساؤلات حول الأسباب والخطوات المستقبلية لتدارك التأخير.

1. القانون رقم 55.19: أهداف وطموحات لم تتحقق

قانون 55.19، الذي دخل حيز التنفيذ في عام 2020، كان يُنتظر منه أن يُحدث ثورة في التعاملات الإدارية من خلال رقمنة الإجراءات وتبسيطها. يُفترض أن يساهم هذا القانون في تسهيل الحصول على الخدمات الإدارية، وتحسين بيئة الأعمال من خلال تقليص البيروقراطية.

وعلى الرغم من وجود أكثر من 600 خدمة إلكترونية مُقرَّة، إلا أن التنفيذ الفعلي لم يتجاوز 23% من الخدمات المتوقعة حتى نهاية 2023.

هذا التأخير يهدد بتحقيق الأهداف المرسومة للمشروع.

2. أسباب تأخر الرقمنة: تشخيص الأزمات

التقرير الصادر عن المجلس الأعلى للحسابات يشير إلى عدة عوامل أساسية تساهم في تأخير تقدم مشروع الرقمنة:

أ. التأخر في إصدار النصوص التطبيقية

أحد أكبر العوائق أمام تقدم المشروع هو تأخر إصدار النصوص التطبيقية الأساسية التي تحدد كيفية قياس الأداء وتدبير البوابة الوطنية للمساطر.

هذه النصوص ضرورية لتنظيم العمل الإداري وتحديد آليات التنفيذ بشكل واضح.

ب. نقص التنسيق بين القطاعات الحكومية

ضعف التنسيق بين الوزارات والمصالح الإدارية يشكل حاجزًا كبيرًا في سبيل توحيد الإجراءات وتكامل العمل بين الجهات المختلفة.

هذا الضعف في التنسيق يساهم في تعقيد العمليات الإدارية بدل تبسيطها.

ج. مواصلة العمل بالمساطر التقليدية

رغم التحول الرقمي، تستمر بعض الإدارات في استخدام الأساليب التقليدية في توثيق وتدوين القرارات الإدارية، ما يؤخر عملية رقمنة النظام الإداري.

د. ضعف نشر القرارات الإدارية

التقرير أشار إلى أن 85% من القرارات الإدارية تم تدوينها بحلول نهاية 2023، إلا أن نشر هذه القرارات لم يتجاوز 70%.

هذا التأخير يعطل عمليات الإصلاح ويعزز استمرار العمل بالمساطر القديمة.

هـ. القصور في تحليل الواقع الفعلي للإجراءات

الدراسة الأولية للمساطر لم تَستند إلى تحليل دقيق وشامل للواقع الفعلي للإجراءات في كافة القطاعات الحكومية، ما أدى إلى تخطيط غير كافٍ ونتائج غير مرضية في تنفيذ المشروع.

3. التحديات المرتبطة بتأخر الرقمنة

التقرير يبرز أن التحديات التي تواجه الرقمنة تتجاوز مجرد التأخير الزمني. التأخير في التنفيذ ينعكس سلبًا على مجموعة من الجوانب:

أ. تأثير البطء على المواطنين

تأخر الرقمنة يؤدي إلى استمرار المواطنين في التعامل مع الإجراءات المعقدة والبطيئة، مما يعوق قدرتهم على الحصول على الخدمات بسرعة وفعالية. هذا يتسبب في زيادة التكاليف والوقت الضائع للمواطنين في الإجراءات الإدارية.

ب. تأثير البطء على مناخ الاستثمار

البطء في رقمنة الإجراءات يؤدي إلى بيئة عمل غير ملائمة للمستثمرين. الإجراءات المعقدة وغير المرقمنة تُشكل عائقًا أمام جذب الاستثمارات وتطوير الأعمال، مما يؤثر سلبًا على الاقتصاد الوطني.

4. الحلول والتوصيات لتدارك التأخير

من أجل تدارك التأخير وتسريع عملية الرقمنة، قدم المجلس الأعلى للحسابات مجموعة من التوصيات التي يجب أن تُؤخذ بعين الاعتبار:

أ. تسريع إصدار النصوص التطبيقية

يجب أن تُعطى الأولوية لإصدار النصوص التطبيقية التي تحدد مؤشرات الأداء وطريقة تدبير البوابة الوطنية للمساطر، بالإضافة إلى إنشاء لائحة للوثائق التي يمكن للإدارات الحصول عليها من مصادر أخرى.

ب. تعزيز التنسيق بين القطاعات الحكومية

من الضروري تحسين التنسيق بين مختلف الوزارات والمصالح الحكومية لتجنب التكرار في الإجراءات وضمان توحيد المعايير في كافة القطاعات. على الحكومة أن تضع آلية للتنسيق الفعّال بين الإدارات المختلفة.

ج. تعزيز الربط البيني بين الإدارات

ينبغي تعزيز الربط بين الأنظمة الإلكترونية المختلفة للإدارات العامة، بما يتيح تبادل الوثائق والبيانات بسهولة، وبالتالي تسريع الإجراءات وتقليل الروتين.

د. تبني إطار استراتيجي شامل قائم على النتائج

من المهم أن يتم تبني إطار استراتيجي يتضمن أهدافًا واضحة وقابلة للقياس، مثل تقليص حجم الإجراءات الإدارية وتقليل تكلفتها، مع متابعة دقيقة لمدى تحقيق هذه الأهداف.

هـ. توسيع نطاق دراسة التشخيص

يجب أن تشمل دراسة تشخيص المساطر جميع القطاعات الوزارية والمؤسسات العمومية وليس الاقتصار على قطاعات معينة فقط.

هذا سيسمح بتحديد الثغرات بشكل أكثر دقة وتقديم حلول شاملة.

من الواضح أن تأخر مشروع الرقمنة في المغرب يعود إلى مجموعة من العوامل المرتبطة بالتخطيط والتنفيذ، بالإضافة إلى ضعف التنسيق بين مختلف الجهات الحكومية.

ومع ذلك، فإن هناك العديد من الحلول الممكنة التي يمكن أن تُسهم في تسريع العملية وتحقيق الأهداف المرسومة.

إن رقمنة الإدارة ليست مجرد مسألة تقنية، بل هي عملية إصلاحية شاملة تتطلب التزامًا قويًا من الحكومة وتعاونًا فاعلًا بين جميع الأطراف المعنية.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق