"يساريات الأممية الاشتراكية" يقاربن الإنصاف ويستحضرن معاناة الفلسطينيات

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عشرات المسؤولات السياسيات بالأحزاب ذات المرجعية الديمقراطية الاجتماعية التأمن بمقر حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية بالرباط، لتدارس ومقاربة أسئلة التمكين الاقتصادي والسياسي والاجتماعي والإنصاف في كافة أصقاع العالم مع جعل المنطقة العربية في بؤرة الضوء، والتفكير “بصوت مرتفع” حول سبل تكريس “تحالف قوي” بينهن وبين الهيئات النسائية الحزبية التي يمثلنها، من أجل تذليل “العقبات” التي تعترض تحقيق هذه الأهداف.

هؤلاء اليساريات اللواتي جمعهن “اجتماع الأممية الاشتراكية للنساء”، في إطار لقاءات هذه الهيئة التي يستضيفها رفاق لشكر، تحت شعار “حلول متقدمة لعالم متغير”، شددوا خلال الجلسة الافتتاحية وجلسات النقاش التي أعقبتها على أن “أوضاع العربيات في لبنان واليمن وإيران، وكذا الأفغانيات، لا تسر؛ فالاضطهاد وهضم الحقوق بلغا حدا لا يوصف”، مؤكدات أن “الفلسطينيات منهن في الوقت الحالي في وضع أكثر تعقيدا، حيث يستمررن منذ أكثر من سنة في دفع ضريبة الصمود والتشبث بالأرض، موتا وإعاقة وجوعا”.

“أسئلة التمكين والإنصاف”

حنان رحاب، الكاتبة الوطنية للنساء الاتحاديات، قالت إن “الحديث عن مستقبل العالم في ظل التغيرات الراهنة يستوجب من الحركة الاشتراكية استحضار الدور الحيوي الذي تضطلع به النساء، ليس فقط داخل إطار الأممية الاشتراكية، بل في مجتمعاتنا كافة”، مشددة على أن العالم “اليوم أمام تحديات جديدة، من قبيل مواجهة التفاوتات بين الشمال والجنوب، والتصدي لتداعيات التغير المناخي وآثاره السلبية التي غالبًا ما تتحمل النساء في الجنوب العالمي النصيب الأكبر منها”.

وأضافت رحاب في كلمتها الافتتاحية لأشغال الأممية الاشتراكية للنساء، أن “تمكينهن وتوسيع مشاركتهن في صنع القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي بات ضرورة ملحة لا مجرد خيار بين خيارات كثيرة”، ملحة على أنه في ظل ما يعتمل بالعالم من “تزايد التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية، وصعود قوى اليمين المتطرف التي تهدد القيم الإنسانية والديمقراطية، تبرز مسؤوليتنا كقوى يسارية واشتراكية في تقديم حلول تقدمية وجريئة لمواجهة هذه التحديات”.

ونبّهت الكاتبة الوطنية لمنظمة النساء الاتحاديات إلى أن استثمار الإمكانيات التي توفرها التكنولوجيا الحديثة للغاية الأخيرة، “يجب أن يكون موجهاً نحو تقليص الفجوة الرقمية بين الشمال والجنوب، وبين الفئات الاجتماعية، وليس لتعميق التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية”، حاثة على “العمل معًا من أجل ضمان أن تكون التكنولوجيا في خدمة الإنسان، لا أن يصبح الإنسان، والنساء خاصة، رهينة لتكنولوجيا تخدم القلة على حساب الأغلبية”.

وعزت رحاب “موجات الهجرة غير النظامية التي يشهدها العالم اليوم”، إلى “التفاوتات الاقتصادية، والحروب، وتغير المناخ”، مقرة بأنه “يتعيّن على الحركات الاشتراكية الوقوف إلى جانب الفئات المهمشة والمستضعفة، وأن تطالب بسياسات دولية أكثر عدلاً وإنسانية لمعالجة الأسباب الجذرية لهذه الظاهرة”، مستحضرة في هذا الصدد “معاناة الشعب الفلسطيني القابع تحت الاحتلال والناشد دولة مستقلة عاصمتها القدس”.

في هذا الصدد، ثمّنت المتحدثة التضامن مع الشعب الفلسطيني، داعية “كافة القوى المحبة للسلام إلى إحياء مسلسل السلام على قاعدة حل الدولتين الذي يضمن الأمن والاستقرار للجميع”، مهنئّة بالمناسبة “الشعب السوري على تخلصه من حكم عسكري قمعي وهمجي، على أمل انتقال سلمي وهادئ للسلطة يضمن حقوق جميع الأقليات، ويفضي لديمقراطية مستدامة وعادلة”.

مراجعة التفكير

من جهته، أكد الكاتب الأول لحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، إدريس لشكر، أن “النساء قدمن في معارك تحرر الشعوب واستقلالها نماذج رائعة فاقت ما يقدمه الرجال أحيانا”، مستحضرا “آخر نموذج ما تعرفه المرأة الفلسطينية من صمود ومقاومة، وحجم الضحايا في غزة والضفة الغربية وجنوب لبنان”، فعندما نحصي الضحايا “فإن الذين سقطوا من النساء والأطفال أكثر بكثير ممن سقط من الرجال، مما يدل على أن المرأة الفلسطينية الصامدة لم تهرب بأبنائها لتغادر الأرض، وذلك عربون تشبثها بالأرض من أجل الدفاع عنها”.

وأشار لشكر إلى أن ما يعتمل بالعالم من “هجمة شرسة للشعبوية” و”انتصار اليمين في كل الأركان”، يسائل الاشتراكيين “ما العمل؟ ألا يحتاج الاشتراكيون اليوم إلى زخم جديد للتطور في فكرهم؟ إلى تطور في تناول تعقيدات المجتمعات اليوم واقتراح الحلول التي يمكن أن تكون جاذبة لقواعد شعبية جديدة ورأي عام جديد؟”.

وشددّ على أن “ما تعرفه المرأة من اعتداء على حقها في المساواة يفرض الاحتكام إلى نداء بكين الذي مرت عليه 30 سنة، للتساؤل: هل حققت المرأة المساواة التي تم الاتفاق عليها فيه؟”، موردا أن “المساواة السياسية تعني أن يكون للمرأة خمسون بالمائة في سلطة القرار السياسي، موازاةً مع المساواة في الحق في العمل والتعليم”.

وخاطب لشكر يساريات الأممية الاشتراكية بأن قضايا المساواة “ستكون موضوع مداولاتكن”، مبرزا “الحاجة إلى توصيات ومواقف قوية تمكن من لعبنا جميعا (الاشتراكيون)، أساسا القيادات السياسية، وبصحية الرجال المتنورين المؤمنين بأولوية القضية النسائية بالعصر الحالي، دورا في هذا الجانب”.

معاناة الفلسطينيات

صابرين عبيد الله، عضو حركة المبادرة الوطنية الفلسطينية، قالت إن “التئام النساء اليساريات هذا اليوم، غرضه التطرق لمناقشة قضايا المرأة العالمية والعربية والفلسطينية لتسليط الضوء على أهمية إدماج المرأة وإشراكها في صنع القرارات في كافة دول العالم، مع التركيز على الوضع بالدول العربية”. مؤكدة أن “القضايا التي ستطرح على مائدة النقاش، جوهرية وأساسية، تتعلق بدور المرأة في مكافحة التغير المناخي، ومناهضة العنف”.

وأفادت عبيد الله جريدة هسبريس الإلكترونية بأن “اللقاء سيشهد رفع الصوت من قبل اليساريات الفلسطينيات حول معاناة نساء أرض فلسطين من تبعات الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة والاعتداءات بالضفة الغربية وأثرها بشكل عام”، مؤكدة “أهمية هذا اللقاء في وضع الأصبع على أهم القضايا المتصلة بالمرأة العربية والفلسطينية التي تعاني كثيرا جراء حرب غزة”.

وتفاعلا مع سؤال لهسبريس حول كيفية تحرك الأممية الاشتراكية لكف الاعتداءات على النساء الغزاويات، قالت كريستين موريال، نائبة رئيسة الأممية الاشتراكية للنساء، إن “الفلسطينيات حيثما كنّ، غزة أو الضفة، يواجهن معاناة مضاعفة جراء ما يحصل في الحرب”، مبرزة أن “مسؤولي بلجيكا ودول الاتحاد الأوروبي، وعلى رأسهم بيدروا سانشيز (زعيم الأممية الاشتراكية)، قدموا دعما قويا للوقوف إلى جانب المرأة الفلسطينية ومع كافة شعبها، ودعوا لتطبيق واحترام القوانين الدولية، في أفق العودة إلى التفاوض ومواصلة مسار السلام”.

“تعقيدات تفرض التحالف”

وأفادت المتحدثة ذاتها، وهي نائبة بلجيكية زعيمة المعارضة بالبرلمان البلجيكي، بأن “التجمع في هذا اللقاء اليوم يبتغي مناقشة مواضيع عدة، على رأسها مستوى تقدم مسار تحقيق التطور المستدام لحقوق النساء في العالم”، مشددة على أن “الوضعية معقدة بالنسبة للنساء في فلسطين ولبنان وإيران واليمن وأفغانستان، ومازالت تزداد تعقيدا يوما بعض يوم”.

وأضافت موريال، في تصريح لهسبريس على هامش أشغال اللقاء، أن “يساريات الأممية الاشتراكية سوف يتدارسن خلق تحالف قوي للدفع بمسار تثمين حقوق النساء وصونها في كافة مناطق العالم، وخاصة في المنطقة العربية حيث العربيات تهضم حقوقهن وتتعرض لاعتداءات متواصلة”.

وأكدت ياسمين الجاي، عضو الحزب الاشتراكي الفرنسي، “أهمية هذا اللقاء الدولي؛ نظرا لأن النساء في العالم هن ضحايا للعنف المنزلي، وضحايا في الفضاء العمومي للعنف في العالم، فضلا عن صعوبة ولوجهن إلى العمل أساسا وإلى العلاج”، مشددة على أنه “كيفما كان مستوى تقدم أي بلد في العالم، فإن نساءه يأتين في مقدمة المتضررات من أي أزمة، والأمثلة رائجة في هذا الشأن في سوريا وغزة وإيران…”، خالصة إلى “الحاجة لإثمار اللقاء تعبئة حقيقية لمواجهة هذه الإشكاليات”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق