رغم إنجازات "عام الصدمة".. الأرجنتين تواجه تحديات اقتصادية صعبة في 2025 - في المدرج

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم رغم إنجازات "عام الصدمة".. الأرجنتين تواجه تحديات اقتصادية صعبة في 2025 - في المدرج

على الرغم من أن الرئيس اليميني خافيير ميلي، حقّق بعض الإنجازات خلال عام من ولايته الرئاسية في الأرجنتين، إلّا أنه ينتظر عاماً صعباً مليئاً بالتحديات في 2025، بعدما تحملت البلاد عقدين من الانهيار الاقتصادي، ما أفقر نصف الشعب تقريباً.

وتعهد ميلي بتطبيق العلاج بالصدمة على اقتصاد البلاد، بهدف تحقيق التوازن في ميزانية عام 2024، في محاولة لتجنب انفلات معدل التضخم.

ونجح ميلي في تخفيض معدل التضخم من 25.5% في ديسمبر 2023، إلى 2.4% في نوفمبر 2024، إلى جانب الحفاظ على معدل شعبية يبلغ حوالي 50%، إضافة إلى نجاحة في خفض معدل الفقر بشكل نِسبي، على الرغم من تطبيق سياسات مالية "تقشفية صارمة".

في المقابل، ينبه معارضون لسياساته، في تصريحات لـ"الشرق"، إلى القلق من تآكل القوة الشرائية للأجور بشدة، في ظل ارتفاع تكاليف السلع الأساسية، مثل اللحوم واللبن وفواتير الكهرباء والغاز، نتيجة لقرار ميلي بخفض الدعم الحكومي لعدد كبير من القطاعات التي يعتمد عليها عشرات ملايين الأرجنتينيين.

سياسة تخفيض الدعم

الاقتصادي الأرجنتيني، خاض حملته الانتخابية وهو يحمل منشاراً كهربائياً ليجعل من سباقه الرئاسي أشبه بـ"التهريج السياسي"، لكنه كان يَعِد من خلال هذا المنشار بالقيام بتخفيضات على عدد من قطاعات الدولة، وجوانب من الإنفاق العام. لكنه فاز، وحقق هذا الوعد، ما خلق نوعاً من التوازن المالي للبلاد، على الأقل من حيث الاقتصاد الكُلي.

إذ تُظهر الأرقام أن الأرجنتين تعيش حالياً شهرها العاشر، على التوالي، من الفائض المالي في ميزانيتها، على النقيض من التضخم، والعجز في الميزانية، الذي عرفته البلاد على مدى سنوات طويلة.

ولتحقيق ذلك، أوقفت الحكومة مشاريع البناء العامة، وخفضت الدعم للكهرباء والغاز والمياه، وخفضت الإنفاق العام على الإسكان بنسبة 84%، والنقل بنسبة 76%، والتعليم بنسبة 60%، وفقاً لحسابات المركز الأرجنتيني للسياسات الاقتصادية.

وفي الوقت نفسه، ارتفع معدل الفقر من 41.7%، في النصف الثاني من العام الماضي، إلى 52.9% في النصف الأول من العام الحالي، وهو أعلى معدل منذ عقدين، لكنه سرعان ما انخفض بشكل حاد، ليصل إلى 38.9% في الربع الثالث، وفق بيانات جديدة حكومية صدرت في  19 ديسمبر الجاري.

ومع خفض عدد الوزارات من 18 إلى 8 وزارات، وتسريح الموظفين، واستبدال ما يقارب من 100 مسؤول حكومي، بما في ذلك مسؤولين رفيعي المستوى مثل وزيرة الخارجية ديانا موندينو، واصل ميلي المضي قدماً في أجندته لتقليص حجم الدولة، ووعد بتخفيضات أعمق، في العام المقبل.

إجراءات قاسية

ووصف السيناتور خوان كارلوس باجوتو، من حزب "لا ليبرتاد" الحاكم، في حديثه لـ"الشرق"، التعديلات التي أقدم عليها الرئيس الأرجنتيني بأنها كانت "قاسية".

وأضاف: "لقد كان عاماً صعباً، لكن مع سلسلة من النجاحات التي حققت الاستقرار في الاقتصاد. وفي الآونة الأخيرة، بدأ الناتج المحلي الإجمالي في النمو، لذلك نحن متفائلون".

ويرى باجوتو، أن أحد الإجراءات الرئيسية التي اتخذها ميلي، ومكَّنته من تحقيق نتائج إيجابية على مستوى الاقتصاد الكلي هو "تحرير الاقتصاد من القيود التنظيمية"، فقد أصدر بعد وقت قصير من توليه منصبه، مرسوماً يُلغي العديد من الأنظمة، بما في ذلك قوانين الإيجار ومراقبة الأسعار على الخدمات الخاصة مثل الخطط الصحية.

وعلى الرغم من افتقاره إلى الغالبية في الكونجرس، إلا أن ميلي نجح في التفاوض وتمرير مشروع قانون شامل للإصلاح الاقتصادي، يسمح بحل كيانات الدولة، وخصخصة بعض الشركات القطاع العام.

الخصخصة مُستمرة

وفي حين أن مشروع القانون لم يشمل جميع الشركات المملوكة للدولة المستهدفة في البداية، فإن الحكومة تخطط لدفع المزيد من جهود الخصخصة، بما في ذلك شركة الطيران الوطنية التي تعاني من العجز، الخطوط الجوية الأرجنتينية.

وشدد باجوتو على أن التحدي الرئيسي لا يزال يتمثل في تعزيز النمو الاقتصادي، لا سيما من خلال زيادة الاستثمار في قطاع التعدين بسبب رفع القيود التنظيمية والحوافز الحكومية للاستثمارات واسعة النطاق.

ومع ذلك، فقد اعترف باجوتو بأن عام 2025 سيظل على الأرجح عاماً مليئاً بالتحديات بالنسبة للأرجنتين، مشيراً إلى أن البلاد "تحملت عقدين من الانهيار الاقتصادي، ما أدّى إلى إهدار ناتجها المحلي الإجمالي والفوائد المترتبة على ارتفاع أسعار فول الصويا، الذي تعد الأرجنتين من بين أكبر المنتجين له في العالم. ولكننا بدأنا في إعادة توجيه الاستثمارات وسداد الدين العام، وهو ما يعزز النشاط الاقتصادي".

وأضاف أن العام المقبل "سيكون صعباً"، لكنه أكد أن البلاد ستستعيد "القدرة التنافسية العالمية".

الانضباط المالي "مفتاح النجاح"

ويرى الخبير الاقتصادي كاميلو تيسكورنيا، مدير الشركة الاستشارية C&T Asesores Economías، أن المفتاح لتحقيق مؤشرات اقتصادية إيجابية كان الانضباط المالي للحكومة.

وأوضح تسكورنيا، في تصريحات لـ"الشرق" أن "الحكومة تخلصت من العجز المالي في شهر ونصف فقط، وحافظت على حسابات متوازنة طوال العام، وهي المرة الأولى منذ 15 عاماً التي يتم فيها تحقيق ذلك".

وأشار إلى أنه على الرغم من الشكوك الأولية التي أبداها الاقتصاديون بشأن قدرة الحكومة على الحفاظ على مثل هذه السياسات المالية، "فهناك الآن القليل من الشكوك" في استمرار تخفيضات الإنفاق".

واعتبر تسكورنيا أن "هذا هو أعظم إنجاز للتحول في السياسة الاقتصادية".

ضحايا تآكل القوة الشرائية

ومع ذلك، فإن تباطؤ التضخم في الأرجنتين جاء على حساب خسارة كبيرة في القوة الشرائية للأرجنتينيين.

وبعد وقت قصير من توليه منصبه، خفض خافيير ميلي قيمة البيزو الأرجنتيني بنحو 50% في مقابل الدولار الأميركي، الأمر الذي أدى إلى تآكل القوة الشرائية للأجور بشدة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن واحداً من كل 4 بيزو تم تخفيضه من الإنفاق الحكومي جاء من معاشات التقاعد، وهي أكبر معدلات الإنفاق العام، وفقاً للمركز الأرجنتيني للسياسة الاقتصادية.

نصف الأرجنتينيين فقراء

عضو الكونجرس المعارضة مونيكا شلوتاور من ائتلاف الجبهة اليسارية والعمال أشارت في حديثها لـ"الشرق"، إلى جانب آخر مؤلم، يُقابل النجاحات الاقتصادية التي احتفت بها الحكومة، وهي أن واحداً من أصل كل اثنين في الأرجنتينيين يعيشون تحت خط الفقر، بينما 18% من مجموع السكان يعيشون فقراً مدقعاً.

وأعربت شلوتاور عن أسفها لأن "الأرجنتينيين مقبلون على عطلات نهاية العام في ظل صعوبات اقتصادية، ولن يتمكن الكثيرون من شراء الطعام الذي يريدونه"، لافتةً إلى الضغوط الاقتصادية الشديدة على معظم السكان.

ووفقاً لشلوثاور، فإن الاحتفالات بتحسّن الاقتصاد الكلي والاستثمارات الواردة تعكس مصالح أولئك الذين يمتلكون الثروة، وليس السكان على نطاق أوسع.

وقالت إنه في حين أن بعض العمال قد لا يزالون يأملون في التحسن الاقتصادي، فإن معظمهم يشعرون بالقلق إزاء انخفاض القوة الشرائية وسط ارتفاع تكاليف الضروريات مثل اللحوم واللبن والمرافق مثل الكهرباء والغاز، بعد خفض الدعم الحكومي.

وأشارت النائبة المعارضة إلى مفارقة مفادها أنه "من يعمل، اليوم في الأرجنتين، يظل فقيراً، بينما في الماضي، كان الفقر مرتبطاً بالبطالة فقط، إذ تشير التقديرات الآن إلى أن 80% من العمال الذين يتقاضون رواتباً يعيشون تحت خط الفقر. ولم تعد الأجور كافية، ويرجع ذلك إلى تخفيض قيمة العملة".

انخفاض معدلات الفقر

فيما تشير أحدث بيانات توزيع الدخل الرسمية، إلى انخفاض مؤشر معدلات الفقر في الربع الثالث من العام. ووفقاً لمرصد الدين الاجتماعي الأرجنتيني، فإن الانخفاض في المؤشر يرجع إلى زيادة دخل الأسر، من العمل، أو من غير العمل، والذي نما فوق المعدل الأساسي لسلة الغذاء.

وكانت الزيادة في الدخل من البرامج الاجتماعية التي لا تزال الحكومة تدعمها ضرورية لتقليص عدد الأشخاص الذين يعيشون في فقر مدقع، والذي انخفض من 16 إلى 8.5%، وفقاً للمرصد.

ويبدو أن ميلي مستمر في سياساته التي يؤكد من خلالها عزمه على معالجة الأزمات الاقتصادية التي تتخبط فيها البلاد منذ زمن طويل. والأرقام تدل على تقدم في تقليص العجز، في المقابل، تبقى التساؤلات بخصوص نسب الفقر، والتي على الرغم من انخفاضها، لا تزال تعد مرتفعة بين سُكان البلاد، الذين يُقارب عددهم الـ46 مليون نسمة.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق