عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم All we imagine as light.. فيلم نسائي ذو لمسة شاعرية - في المدرج
لا يمكن أن نشاهد فيلم مثل All we imagine as light "كل ما نتخيله كالضوء"، للمخرجة الهندية بيال كاباديا، الذي عُرض ضمن قسم "العروض الخاصة" في الدورة 21 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ونظل محايدين اتجاهه.
الفيلم يتابع مسار حياة 3 نساء تنتمين لأجيال مختلفة، وتجمع بينهن علاقة مهنية، كونهن يعملن كممرضات في مستشفى، إضافة للصداقة التي تنشأ بينهن وتتقوى بالتدريج حتى يصبحن صديقات حميمات.
يبدأ الفيلم بشكلٍ مخادع نوعاً ما للمشاهد، عبر لقطات عامة، يظهر فيها جموع من الناس في شوارع بومباي الرئيسية المزدحمة جداً بالبشر، مصاحبة بأصوات لنساء يعلقن عليها. ثم تنتقل كاميرا المخرجة الهندية الموهوبة لتركز في لقطات كبيرة على وجوه نسائية من الشارع، إلى أن تختار 3 وجوه لنساء ترافقهن وسط تلك الزحمة الخانقة.
هذه البداية إضافة لكونها مُعَبِّرة وذات اختيار جمالي موفق ولا يمكن سوى أن يتجاوب معها مشاهد عاشق للسينما، فهي توهمنا أيضاً كمشاهدين أننا سنشاهد فيلماً تسجيلياً عن نساء هنديات وعن معاناتهن وطموحاتهن المهنية وعلاقاتهن العاطفية، لكن المخرجة تقلب الدَّفَّة بحرفية لتنقلنا لِنَفَس روائي تخييلي تتَخلَّلُه بين الفنية والأخرى مشاهد لا يمكن أن تتقنها سوى مخرجة جرَّبَت العمل على الفيلم الوثائقي/التسجيلي وتفوقت فيه.
العين الذهبية
وحين نعلم أن فيلمها الأول كان تسجيلياً، ونالت عنه جائزة "العين الذهبية" لأحسن فيلم تسجيلي في مهرجان كان ينتفي استغرابنا، ونتيقن أن هذا اللعب جيئة وذهاباً بين الروائي والتسجيلي لم يأتِ صدفة بل عن تَمرُّس وحنكة ودِرايَة.
وقد بدا تمكن بيال كاباديا التسجيلي خصوصاً في المشاهد المصورة في الشوارع المزدحمة بالناس، التي وضعت فيها بطلاتها وهن يتقمصن شخصياتها الرئيسيات الثلاث، وقد أَضْفَتْ هذه المشاهد مصداقية فنية للفيلم، وكانت قيمة مضافة للدراما الفيلمية وللرؤية البصرية للمخرجة في آن، بحيث أتى فيلمها ذو لمسة شاعرية، رغم قسوة المشاكل التي تعيشها النسوة، خصوصاً حينما تنتقل النسوة الثلاث لقرية هادئة خارج بوماي.
وازنت المخرجة بين القسوة والحزن من جهة، ثم لحظات أخرى من الانفراج العاطفي والتعبير عن المشاعر خصوصاً فيما يتعلق بعلاقة المرأة الهندوسية الشابة التي تعيش علاقة حب شبه مستحيلة مع شاب مسلم.
مشهد درامي قاسٍ في جماليته يتخلل هذه العلاقة العاطفية حينما يطلب الشاب المسلم من حبيبته الهندوسية أن تزوره في منزل عمه حيث يقيم هو النازح من منطقة بعيدة، كون البيت سيكون خالياً من سكانه الذين سيذهبون لحضور حفل زفاف خارج بومباي، مؤكداً عليها أن ترتدي خماراً حتى لا يشك الجيران أنها غير مسلمة وكي لا تثير فضولهم وانتباههم، لكن وهي في طريقها إليه وقد فعلت ما طلبه منها تأتيها مكالمة منه تخبرها أن عمه وأهله لم يذهبوا لحضور العرس، لأن خطوط القطار إلى المكان الذي كانوا سيذهبون إليه قد تَعطَّلت ولذلك فلا سبيل لمجيئها. وفي هذه اللحظة تُركِّز المخرجة على وجه الشابة لنلاحظ لمحة حزن مشوب بغضب على ملامح وجهها، وهي تعود لارتداء لباسها الحقيقي.
قبل هذا مَهَّدت لنا المخرجة لهذا المشهد بانجذاب الحبيبين لبعضهما جسدياً واكتفائهما ببعض القبلات في الشارع، حتى تصور حرمانهما العاطفي وتعلقهما الكبير ببعض.
رغم أن بيال كباديا لم تلجأ للبكائيات و للمظلومية النسوية ولا لتحميل الرجل عبئ مآسي المرأة، إلا أنها استطاعت أن تنجز فيلماً ذو طابع نسائي يعالج قضايا نسائية حميمية دون ادعاء مبالغ فيه، كما في بعض الأفلام النسائية التي أصبحنا نشاهدها مؤخراً.
0 تعليق