"التقدم والاشتراكية" يحذر الحكومة من "الغلاء الفاحش" وتزايد البطالة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

خصّص المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية حيزا مهما من تقريره المقدّم في إطار الدورة الخامسة للَجنته المركزية، اليوم الأحد، لنقد العمل الحكومي للأحزاب الثلاثة، إذ سعى ضمنه إلى سرد واستعراض “أعطاب” هذا الأخير، و”نواقص” المقاربة الحكومية تجاه أوراش كبرى؛ أبرزها ورش “الدولة الاجتماعية”.

وأقر المكتب السياسي لـ”حزب الكتاب” بداية بأنه “سبق أن نادى الحكومة بصدق ومسؤولية إلى تغيير المسار في اتجاه إصلاحات حقيقية، من قبيل إعطاء نفس ديمقراطي للفضاء السياسي وحمايته من غزو المال والفساد، والرجوع إلى توصيات النموذج التنموي الجديد، ومعالجة اختلالات الورش الاجتماعي، وتنقية مناخ الأعمال، وتقوية الاقتصاد الوطني، ودعم المقاولة المواطِنَة، ومحاربة البطالة”.

كما اغتنم قادة الحزب ذاته الفرصة للحديث عن التعديل الحكومي، إذ بيّنوا أنه “غيّر بعض الوجوه وأضاف وجوها أخرى دون تغيير عمق السياسات ومضمونها”، موضحين أن “الحكومة أصرت بتعاليها المألوف على تجاهل أي صوت آخر واستمرت في اعتماد خطاب الارتياح والرضى المفرط عن الذات، وعدم الاهتمام بمعاناة المغاربة وبأوضاعهم الاجتماعية”، ومؤكدين في الآن ذاته “غياب الحكومة السياسي المدوي وضعف حضورها التواصلي وعجزها عن استباق الاحتقانات الاجتماعية”.

ورصد الحزب نفسه، ضمن التقرير الذي تلاه الأمين العام نبيل بنعبد الله، ما قال إنه “غلاء فاحش للأسعار في مقابل تدابير حكومية انتقائية أو محدودة الأثر”، وذلك من خلال “قانون مالي رابع يكرس سياسات واختيارات سابقيه الفاشلة، ولا يرقى أبدا إلى معالجة مظاهر الفقر المتزايدة والقدرة الشرائية المتدهورة وصعوبة المقاولات المغربية التي تختنق”؛ كما ذكّر في هذا الصدد بـ”إصرار الحكومة وتعنّتها في رفض إعادة تشغيل مصفاة لاسامير ذات الأدوار الإستراتيجية في خفض الفاتورة الطاقية وفي التخزين والتكرير، وبالتالي ضمان السيادة الطاقية للبلد الذي استورد سنة 2022 نحو 153 مليار درهم من المواد الطاقية، وسنة 2023 حوالي 122 مليار درهم”، مع إشارته في السياق نفسه إلى أن “الارتفاع الفاحش والمتواصل في أسعار معظم المواد الاستهلاكية والخدماتية هو الذي يفسر انزلاق 3,2 مليون مغربي نحو عتبة الفقر والهشاشة”.

إجراءات “بدون تأثير”

حزب علي يعته وهو يعرّي “نواقص” العمل الحكومي لفت الانتباه إلى “تقديم الحكومة ما يصل إلى 8,6 ملايير درهم لأرباب النقل و13 مليار درهم لمستوردي الأبقار والأغنام بدون أثر إيجابي يذكر على القدرة الشرائية للمغاربة”، مسجلا كذلك “عجزها عن المراقبة الحقيقية للأسواق والمحاربة الحازمة للمضاربات والاحتكارات ورفضها تسقيف أسعار الغازوال والبنزين”؛ كما وجه انتقادات إلى الحكومة التي تضم أحزاب التجمع الوطني للأحرار والأصالة والمعاصرة والاستقلال بخصوص “الارتفاع غير المسبوق في البطالة”، إذ اعتبره “النقطة الأكثر سوادا ضمن إخفاقات الحكومة في المجال الاقتصادي”، موضحا أن “قفز عدد العاطلين إلى أزيد من مليون و600 ألف، والبطالة إلى 13,6 في المائة، يأتي في وقت وعدت الحكومة بإحداث مليون منصب شغل”.

وبعد تسجيله “إيجابا من باب الموضوعية التقدم الحاصل في صناعة الطيران والسيارات والأدوية” ارتأى “حزب الكتاب” الإشارة إلى معطى “إفلاس 27 ألف مقاولة ما بين 2021 و2023، والإفراط في الاقتراض وتواضع كبير في القدرة على جذب الاستثمارات الخصوصية المعلن عنها”، موضحا في الوقت نفسه أنه “في ما يخص المشاريع المستفيدة من مختلف أشكال الدعم فإن هناك مخاوف جدية بخصوص مدى شفافيتها وحكامتها ومحاذير حقيقية بشأن تحولها إلى مرتع آخر للريع وتضارب المصالح”.

ووفق تقرير المكتب السياسي لحزب التقدم والاشتراكية دائما فإن الحكومة بخصوص ورش التغطية الصحية “فشلت في خلق الجاذبية في ضمان اشتراك المهنيين المستقلين والعمال غير الأجراء، في حين مازال 8,5 ملايين مغربية ومغربي خارج الاستفادة من هذا الورش الاجتماعي الهام؛ فضلا عن كون الحكومة فرضت من خلال عتبات مجحفة أداء الاشتراك على ملايين الأسر غير القادرة على ذلك”.

الدعم الاجتماعي المباشر

نبهت الهيئة الحزبية ذاتها إلى “سعي الحكومة إلى الالتفاف على ورش الدعم الاجتماعي المباشر وخفض الكلفة الفعلية من خلال إعمال مؤشر إقصائي بمعايير غريبة، ما أدى إلى حرمان مئات آلاف الأسر من الاستفادة وإيقاف هذا الدعم على أسر شهورا قليلة بعد بدايته”، مسجلة كذلك “تخلّي المؤسسة التنفيذية ذاتها عن التزامها بتوفير مدخول الكرامة لكبار السن وحذفها برامج اجتماعية سابقة بمبرر التجميع”.

وشدد رفاق نبيل بنعبد الله على أن “الدولة الاجتماعية ليست شعارا للاستهلاك أو الدعاية التضليلية، بل هو مفهوم واقتناع فكري وسياسي يتعين أن يتلوه إنجاز ملموس وفعلي وعادل، إلى الخدمات العمومية الأساسية، وليس فقط إطلاق التصريحات والإعلان عن مبالغ خيالية ومضخمة دون الالتزام بها كما تفعل هذه الحكومة”، وفق نص تقرير المكتب السياسي للحزب.

وخصص التقرير ذاته حيزا من صفحاته لما اعتبرها “مخاطر حقيقية تهدد المرفق العمومي”، بما يشمل “المرافق الصحية المتمثلة في المستشفيات، موازاة مع توجه المغاربة نحو المصحات الخاصة”؛ فضلا عن المدرسة الخاصة، وذلك في وقت “لم تتم مباشرة تفعيل القانون الإطار وإصلاح البرامج والمناهج، ومغادرة حوالي 300 ألف تلميذ المدارس سنويا”.

“نواقص حكومية”

سجّل حزب التقدم والاشتراكية كذلك “عدم إصلاح قطاع المؤسسات والمقاولات العمومية الذي يستنزف سنويا حوالي 50 مليار درهم، فضلا عن عدم إدماج الحكومة القطاع الاقتصادي غير المهيكل في الاقتصاد الرسمي؛ وهو الذي يشكل نحو 30 في المائة من الناتج الداخلي الخام”، موضحا أن “الحكومة لم تجتهد كذلك في الحد من نزيف الطاقات المتجددة والكفاءات المغربية ولا في الاهتمام بقضايا مغاربة العالم”.

مواصلا تلاوة مضامين التقرير ذاته في إطار أشغال الدورة الخامسة للجنة المركزية بيّن نبيل بنعبد الله أن “تجاهل الحكومة، التي تدعي أنها سياسية، يعني أنها غير معنية لا ببلورة الدستور ولا بقضايا الحريات والمساواة، ولا بالنهوض باللامركزية والارتقاء بأدوار الجماعات الترابية والمنتخبين، ولا بمصالحة الشباب مع الشأن السياسي ولا معالجة أعطاب الفضاء السياسي”، وزاد: “كما يعني ذلك أن الحكومة غير مكترثة بفقدان ثقة الشباب في بلادهم بدليل ما جرى في أحداث الفنيدق من محاولة للهجرة الجماعية والعلنية، بما يسائلنا جميعا كمؤسسات ووسائط مجتمعية، وبما يسائل في العمق سياساتنا العمومية ومدى ارتباط الأجيال الصاعدة بالوطن ومشروعه المجتمعي”.

كما نبه التقرير إلى “ما يشبه ارتياح الحكومة إزاء إغراق المؤسسات المنتخبة بالفاسدين والمفسدين، وكثير منهم متابعون على خلفية قضايا شخصية أو مرتبطة بتدبير الشأن العمومي”، موردا أن “الفضاء السياسي والانتخابي ينحو إلى أن يصير خاضعا أكثر فأكثر لسلطة المال ولهواجس المصالح الذاتية”.

وسجل الأمين العام لـ”حزب الكتاب” أن “التراجع العام في مختلف مؤشرات النزاهة يؤكد الترابطات الموضوعية بين منظومة الحريات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية وبين تنامي الفساد، الأمر الذي يؤثر حتما على مبدأ تكافؤ الفرص وعلى المساواة في الولوج إلى وسائل الإنتاج”، ومشيرا في الأخير إلى أن “الفساد السياسي يستلزم رجة مجتمعية”.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق