عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم هل تؤثر "تطورات سوريا" على مصر؟ - في المدرج
جميع الآراء المنشورة تعبر فقط عن رأى كاتبها، وليست بالضرورة تعبر عن رأى الموقع
سوريا ذهبت ولن تعود.
أي تصور غير قاتم لمستقبل الدولة السورية، نتاج لطغيان التوقعات أو التحليل بالتمني.
التحديات المادية والسياسية، أكبر من أي سلطة.
دولة عملتها في أسوأ حالاتها، تحتاج بين 500 إلى 900 مليار دولار (اختلفت التقديرات)، وما يقرب من 2.5 مليون بناية، لإعادة إعمارها، وأكثر من نصف سكانها مهجر (14 مليوناً)، ويحكمها حالياً مجموعات - جماعات، لديها من يكفلها في الخارج وقرارها غير ذاتي، وتحمل السلاح دون رقيب، بعد 50 سنة من حكم قَوَّض أي مستقبل لبقاء الدولة.
يقول التاريخ إن حكام الدول لها وعليها. عائلة الأسد، عليها فقط.
أي حديث عن مستقبل سوريا من دون دم وصراعات واحتمالات شبه مؤكدة للمزيد من التقسيم والتفتت، نوع من الخفة.
نماذج الصعود إلى السلطة بقوة السلاح، حاضرة في التاريخ القريب.
ليبيا واليمن ومن قبلهما لبنان والعراق.
ليبيا منقسمة بين حكومات متنافسة، وسط حالة من التوازن غير المستقر، لكنها لا تود أن تعترف رسمياً أنها مقسمة.
اليمن متهالكة، وفي حالة صراع متواصل داخلياً وخارجياً.
في لبنان والعراق، تشكلت أنظمة سياسية هشة؛ لأن هناك سلطة وقوة أكبر من سلطة الدولة وقوتها.
بلغة التجارب، اندماج الميلشيات مؤقت، تحكمه ظروف تشكله، لكنه ينتهي بالقتال فيما بين قادته؛ لأن كل زعيم يرى نفسه صاحب الحق الإلهي في الحكم.
أبو بكر البغدادي انقلب على الظواهري وكفره وأبو محمد الجولاني انقلب على البغدادي وقاتل مجموعته.
حالة الاندماج الحالية بين مجموعات هيئة تحرير الشام مؤقتة، وفق مقتضيات الحاجة. القتال الداخلي وبروز مجموعات جديدة محتمل.
سوريا كما الشرق الأوسط، لم تكن جيدة في الماضي، ولن تكون جيدة في المستقبل، وعلينا أن نتكيف مع النموذج الذي من الممكن أن تكون عليه.
التحولات السريعة في المشهد السوري مثلت مفاجأة لغالبية صناع القرار، وأفرزت رابحين وخاسرين ومحايدين.
هذه الحالة من انعدام اليقين وغموض المستقبل، تضع الدول أمام خيارين: إما وضعية الجولاني أو التحوط منه.
الرابحون والخاسرون سيتخذون الوضعية الأولى؛ إما دعماً بغرض فرض سيطرة على المسرح السوري لتحقيق مكاسب مستقبلية، وإما حرباً لحرمان الرابحين الجدد من تحقيق مكاسب على جثة مكاسبهم.
في النهاية، لا الدعم أو التخريب من أجل سوريا. هذه حالة جديدة من حالات الصراع على النفوذ في الشرق الأوسط.
المحايدون سيتخذون وضعية التحوط، حتى لا تطال دولهم ما سيفرزه هذا الصعود المسلح في المستقبل.
هذا الوضع الهش يفرض على الدولة المصرية 3 تحديات رئيسية:
أولاً- صعود المسلحين في سوريا، ربما يفتح شهية الإرهاب العالمي لإعادة بناء نفسه. التطور السوري، ربما يدفع المجموعات الصاعدة، لإعادة التشبيك مع عناصر خاملة، سواء بتخطيط ذاتي أو برغبة ممن يكفلها.
ثانياً- يصل تعداد السوريين في مصر إلى ما يقرب من 2 مليون. احتمالية اختراق هذا العدد الكبير واردة، إما حركياً بصورة تنظيمية أو تأثراً وتعاطفاً بحكام سوريا الجدد.
هذه ليست دعوة للتضييق على السوريين، بقدر ما هي دعوة للحذر.
ثالثاً- التطورات الداخلية في سوريا، ربما تدفع السوريين لموجات نزوح جديدة في المستقبل. وربما الإجراءات الأوروبية تجاه السوريين تدفع أيضاً لموجات نزوح إلى مصر. الوضع المصري لم يعد يحتمل أكثر من 9 ملايين ضيف.
وإذا كانت هذه التحديات راهنة، فإن المزيد من التهديدات وارد، في ظل سيولة المشهد.
مصر مطالبة بإظهار أنيابها لما يمكن أن يهدد أمنها القومي، سواء كانت المجموعات المسلحة نفسها أو من يكفلها.
الخطوط الحمراء لا بد أن توضع على الطاولة.
بلغة ميزان القوة، التهديد باستخدام القوة، في بعض الأحيان، يحقق تغييراً أجدى وأقل تكلفة من استخدام القوة نفسها.
في لحظات التغيير الكبرى، تأثير الأسلحة التي يُلوَّح باستخدامها، أكثر فاعليةً مما يمكن أن يُستخدم في أرض المعركة.
0 تعليق