أنت أيها الفرح من نعم الله علينا، وواجبنا أن نحافظ عليك، ولا نترك ما يعكر علينا صفو الحياة وأملها المرتجى... مطلوب منا أن نفرح وواجبنا أيضًا أن نغرس الفرح في نفوس الآخرين القريبين منا أو أولئك الذين تربطنا بها علاقات إنسانية وثيقة ومصالح مشتركة فوسائل الفرح عديدة، ويعجز المرء عن تعدادها، بينما الحزن طريقه قصير قد يداهمنا في أي وقت فيحبط أملنا في الرجاء للخير وينغض علينا الحزن الحياة ويجعلها كئيبة.
لقد تفنن الإعلام المرئي والمقروء والمسموع بنشر الأخبار المزعجة في عالمنا الذي بات سهلاً الوصول إليه، بينما الأخبار المفرحة والتي تبعث الأمل في النفوس قليلة، ويتمنى القائمون على الإعلام بوسائله المتعددة أن يوردوا الأخبار المفرحة لنفوسنا والرجاء والأمل... كان الشعراء بعضهم تقرأ قصائدهم المتفائلة على مر العصور وبعضهم يتفنن في قصائد النكد والحزن، كما أننا أحيانًا نقف أمام لوحة فنية مبدعها يغرس فيك الأمل من حيث الموضوع ومن حيث الألوان ويتفاءل بما تسوده المحبة والوئام، وأحياناً تستمع إلى معزوفة فيها كل الشجن والحنين فتتذكر أوقاتك السعيدة ولحظات عمرك المشرقة.
فما أجمل الحياة بالتفاؤل، وما أجمل الدنيا بابتسامة ولو من طفل صغير لا يملك إلا براءة الطفولة فتشعر تجاهه بأيامك الجميلة التي لم تعرف للنكد طريقاً، وإذا بك تواجه الحياة على الكبر فتتضاعف الهموم وتصبح الحياة مكفهرة في وجهك وكأنك ما خلقت إلا للنكد.
حرام علينا أن لا نزرع في نفوسنا ونفوس الآخرين الأمل، فما أجمل الحياة مع الابتسامة وما أجمل الحياة بأن تكون مبعث فرح للآخرين وتشاركهم جمال الحياة وتلاوينها المفرحة.
هذا لا يعني إننا لا نواجه الصعاب والعقبات التي تبعث في نفوسنا التشاؤم ويسود بيننا الحزن، لكننا أقوى من أعاصير الحزن بما حبانا الله من إرادة البقاء والتفاؤل بالغد واقتناص الفرص المبهجة لا تكبرا ولا رياء أو حسداً، فعلينا أن نتشارك حلو هذه الحياة ونحاول قدر المستطاع التغلب على منقصاتها أحياناً نستشهد بقول أبي العلاء المعري 973 – 1057م أحمد بن عبد الله بن سليمان القضاعي التنوخي
تعبٌ كُلّها الحياةُ فما أعـجبُ
إلا من راغبٍ في ازدياد
للمعري وقته وظروفه، ونحن لنا وقتنا وظروفنا ولعلنا نتشهد بالقول: تفاءلوا بالخير تجدوه... والتفاؤل لا يكون إلا بالعمل وبذل الجهد الخير من أجل إسعاد الآخرين.
كم تمنينا أن تزول الهموم ويفرح الناس بالأيام الجميلة، فالمرء منا لا يعيش لنفسه وإنما يعيش للآخرين ومعهم وهذا يتطلب منا جميعًا التعاون وبذل الجهد وتسخير العلم لما ينفع مجتمعنا ويسود فيها الأمن والأمان والدعة.
علينا إذا أن نفرح بما نعيشه وبما هو قادم من الزمان، فالمرء المؤمن فينا يتفاءل بالخير في هذه الحياة، وسبحان الله نعم تمر بنا ظروف ومتاعب ومنغصات وعلينا أن نتعاون جميعًا كأسر ومجتمع لغرس مفهوم الأمن والأمان والدعة في مجتمعنا، وأن نرى في وجوه أطفالنا البراءة التي نستمد منها أهمية الحياة والمستقبل فالشاعر نزار قباني قال يوماً في إحدى قصائده «وبراءة الأطفال في عينيه» فما أجمل براءة الأطفال.
كان الفلاح أو المزارع في مجتمعنا يفرح بالمراحل التي تمر بها النخلة فلكل أوان فرحه المتعلقة بهذه النخلة المباركة حتى إذا صار ثمارها رطبًا تفاءل بعطائها من التمور الذي هو غذاء المستقبل، كما يتفاءل البحار وهو ينصب «الحظرة» من جريد النخيل في البحر متفائلاً وراجيًا أن تدر عليه الكثير من أنواع الأسماك يأكلها أو يبيعها أو يخزنها بالملح للمستقبل وهو لا يدري في البداية ماذا سيكون عطاؤها ولكن الأمل والتفاؤل يجعله يأمل الكثير.
حياتنا مليئة بالأمل والتفاؤل، كما فيها الكثير من المنغصات ولكننا نعيش دائمًا بالأمل، والفرح شيء أساسي في حياتنا الله يبارك لكم في حياتكم ويدخل السرور والفرح إلى نفوسكم؛ ففرحكم هو فرح لنا وتفاؤلكم يزرع أيضًا في نفوسنا التفاؤل والفرح فالحياة التي نعيشها تتطلب منا التعاون والتكاتف والتآزر لخير الجميع، فما أجملك أيها الفرح، أدام الله علينا نعمة الأمن والأمان ومتعنا بطاقة الإبداع والتميز لخير الوطن والمواطنين، فكما كنا نقول في أمثالنا الشعبية «كلنا عيال قرية، وكل واحد منا يعرف خيه» فما أجمل العلاقات الأخوية الإنسانية التي تربطنا بعضنا بعضاً في مجتمع آمن ومستقر بإذن الله تعالى.
وعلى الخير والمحبة نلتقي
0 تعليق