نجَحَ ترامب في الاِنتخاباتِ الأمريكيةِ حائزًا أغلبيةَ المُجَمعَ الاِنتخابي وكذلك أصواتِ الجماهيرِ. ترامب يبلغُ من العمرِ ثمانيةً وسبعين عامًا، لم تخرجُ مواقعُ التواصلِ الاِجتماعي الأمريكيةِ صائحةً عجوووز؛ العبرةُ عندهم بالكفاءةِ والمَقدرِةِ على آداءِ تكاليفِ المنصبِ.
لنقارنْ بالحالِ عندنا. مصطلحاتٌ تتطايرُ مثل جِدي كولر، مدرب النادي الأهلى، وهو أصغرُ سنًا من كثيرٍ من مشاهيرِ التدريبِ الأوروبي، وأحدُهم أنشيلوتي مدربُ ريال مدريد. مواقعُ التواصلِ مُتخمةٌ بشعاراتِ الكبار أوصلونا لما نحن فيه، وهم سببُ الإخفاقِ بكلِ صورِه. لو اُختيرَ وزيرٌ أو مسؤولٌ كبيرُ السنِ نسبيًا، ترتفعُ أصًواتٌ صارخةً "مكانُه قهوةُ المعاشاتِ" أو "جلابية البيت أولى به"، إلى أخرِه من تنويعاتِ التَنمُرِ. حتى في التمثيلِ، لو ظهَرَ فنانٌ ولو في دورِ الأبِ أو الجدِ فإن الصيحاتِ تكون "هو لسه له نِفس يمثل؟".
في الجامعاتِ حيث يُفترضُ الوفاءُ والعرفانُ، هناك من يُردِدون أن الكبارَ هم سبب المشكلاتِ، ومن أصحابِ الإعارات شبه المؤبدةِ بمسمياتٍ شتى من يتنادون بالحفاظِ على قدرةِ الأقسامِ العلميةِ على آداءِ مهامِها، كيف؟ بالإعلانِ عن وظائفٍ خاليةٍ بها!! اِبتعَدوا عن الأقسامِ ويُحلِلون غيابَهم ويقترحون حلولًا لاِستدامتِه بحجةِ خوفِهم على الكلياتِ، وفي ذات الوقت يُبعدون الأساتذةَ المتفرغين عن العمليةِ التعليميةِ حتى لا تغرقُ تيتانيك حسبما يُردِدُ بعضُهم!! من الأحدثِ من تتركزَ كراهيتُهم في الأكبرِ، فهم الذين يَعرِفونهم تمامًا! ومنهم من يُرَوِجُ أن الأكبرَ معلوماتُه قديمةٌ!
كراهيةُ الأصغرِ للأكبرِ، حالُ مَرَضي يعكسُ خللًا اِجتماعيًا وسياسيًا. في المجتمعاتِ الأبويةِ القبليةِ والريفيةِ تكونُ القراراتُ في حوزةِ الكبارِ وما على الأصغرِ سوى الطاعةِ. أما سياسيًا واِقتصاديًا، فالتوجُهاتُ يضَعُها الأقدمُ في دهاليزِ الحُكمِ، وهم المسؤولون عن نجاحِها أو فشلِها. ما على الأصغرِ إلا تحَمُلَ عَواقبِ سياساتٍ لم يشاركوا فيها. رأيٌ صحيحٌ جزئيًا، لكنها نفسُ معاناةِ الكبارُِ في هذه المجتمعاتِ والدولِ. أضِفْ التواكلَ والاِستسهالَ والاِستظرافِ بإلقاءِ التُهمِ على الأكبرِ في أي إخفاقٍ. لكن، ألم تُعطْ فرصٌ لكثيرٍ من الأصغرِ في الجامعاتِ وغيرِها فأهدروها بالتَكبرِ والتعالي واِرتكابِ ما عابوه على الأكبرِ؟
من الأصغرِ في الجامعاتِ وغيرِها من يرون أن الأكبرَ عقبةٌ في طريقِ ترقيتِهم، أو أنه لا يتقبلُ أسلوبَهم عمومًا؛ قد يكونُون في ذلك على بعضٍ من حقٍ، لكنها ليست قاعدةٌ غالبةً، مثلما لم تشهدْ مواقعُ التواصلِ تظاهُراتٌ من الأكبرِ اِنتقادًا للأصغرِ ولو من بابِ الفَضفَضةِ.
لا تستقيمُ الدولُ والمجتمعاتُ بأجيالٍ تتلقفُ تبعاتِ الإخفاقِ، وهذا ما تلافَته الدولُ التي اِحتلَت مواقعًا متقدمةً علميًا وسياسيًا واِقتصاديًا وصناعيًا، حيث الفرصُ مفتوحةٌ للجميعِ والفيصلُ للكفاءةِ.
اللهم لوجهِك نكتبُ علمًا بأن السكوتَ أجلبُ للراحةِ والجوائزِ،،
- كاتب المقال
ا. د/ حسام محمود أحمد فهمي
أستاذ هندسة الحاسبات بهندسة عين شمس
0 تعليق