التنبؤ بالطلب على الغاز في وجود الطاقة المتجددة صعب للغاية (دراسة)

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

اقرأ في هذا المقال

  • إنتاج طاقة الرياح في أوروبا ينخفض بشدة في مواسم الشتاء
  • ظروف الرياح تُسبّب طلبًا مفاجئًا على الغاز لسد فجوة التوليد
  • الطلب المفاجئ على الغاز يؤدي إلى تآكل المخزونات بسرعة
  • أسعار الغاز والكهرباء غير مضمونة في ظل الطاقة المتجددة
  • آثار التوليد المتقطع ما زالت مهمّشة في وسائل الإعلام الأوروبية

ارتبكت حسابات الطلب على الغاز في أوروبا رأسًا على عقب، مع زيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة في مزيج توليد الكهرباء على مستوى الاتحاد الأوروبي.

ويرجع السبب في هذا الارتباك بصورة أساسية إلى الطبيعة المتقلبة لتوليد الكهرباء من الطاقة المتجددة، حسب ظروف الطقس الموسمية فضلًا عن اليومية، بحسب دراسة تحليلية حديثة حصلت وحدة أبحاث الطاقة (مقرّها واشنطن) على نسخة منها.

واكتشفت الدراسة -عبر تتبع نماذج فعلية- أن ظاهرة التوليد المتقلّب لمصادر الطاقة المتجددة ستؤدي إلى تقلبات حادة يصعب التنبؤ بها في الطلب على الغاز داخل أوروبا.

كما يمكن لهذه التقلبات أن تؤدي إلى ارتباك حسابات ذروة الطلب على الغاز على مدار العام مع كثرة الذروات المحتملة خلال المواسم التي تكون فيه معدلات هبوب الرياح أو سطوع الشمس ضعيفة أو منعدمة.

واستعملت الدراسة مصطلح "دنكل فلاوت" الألماني المشهور (dunkelflaute)، للتعبير عن ظاهرة التوليد الموسمي المتقلب للطاقة المتجددة، فهو مصطلح مكروه في أوساط صناعة الطاقة، ويشبه "اللعنة" التي تصيب نظام الكهرباء بالكامل في مواسم البرد القارس الذي لا رياح فيه.

ارتباك حساب الطلب على الغاز في حالتين

رصدت الدراسة، الصادرة عن معهد أكسفورد لدراسات الطاقة -مؤخرًا- حالتين نموذجيتين لغياب الرياح (بصورة شبه كاملة)، وأثرها في التوليد وحسابات الطلب إلى الغاز في أوروبا خلال شهري يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني من عام 2024.

فقد أظهرت البيانات الشهرية على مستوى الاتحاد الأوروبي خلال شهر يناير/كانون الثاني 2024 ارتفاع الطلب الإجمالي على الكهرباء بنسبة 6% على أساس سنوي.

ولم تتمكّن الطاقة المتجددة في هذا الشهر إلا من تغطية 45% من مزيج التوليد بسبب درجات الحرارة الباردة وانخفاض توليد الرياح.

بينما زادت حصة الغاز إلى 18% في مزيج التوليد؛ نتيجة زيادة الطلب بصورة حادة على مدار بضعة أيام خلال الشهر لتغطية عجز طاقة الرياح.

أحد مشروعات طاقة الرياح في ألمانيا
أحد مشروعات طاقة الرياح في ألمانيا - الصورة من DW

وتكررت هذه الظاهرة بوضوح أكبر خلال نوفمبر/تشرين الثاني في ألمانيا وعدد من الدول الأوروبية، مع انخفاض إنتاج الطاقة الشمسية والرياح بالتزامن مع تراجع توليد الطاقة الكهرومائية.

وأدت هذه الظروف الموسمية إلى تراجع حصة الطاقة المتجددة في مزيج التوليد إلى 40%، وزيادة حصة الغاز لتعويض الفجوة إلى 21% لأول مرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2022.

وبلغ متوسط حصة الغاز الطبيعي في مزيج الكهرباء على مستوى الاتحاد الأوروبي قرابة 15% خلال الأشهر الـ11 الممتدة حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2024، مقارنة بـ17% و20% خلال المدة نفسها من عامي 2023 و2022 على التوالي.

بينما قدّر متوسط حصة الطاقة المتجددة في التوليد الشهري للكهرباء على مستوى الاتحاد بما يتراوح من 45% إلى 50%، بزيادة 10% عما كانت عليه قبل عامين.

العلاقة بين الطاقة المتجددة والغاز

تعكس الاختلافات اليومية في مزيج الكهرباء ظواهر أخرى أكثر إثارة للاهتمام، أبرزها العلاقة الطردية بين مصادر الطاقة المتجددة والرياح على وجه الخصوص والغاز الطبيعي.

ووُجِد أن استعمال محطات التوليد بالغاز يكون منخفضًا في الأيام التي تكون فيها معدلات هبوب الرياح جيدة، والعكس بالعكس عندما تكون الرياح محدودة، حيث تضطر محطات الغاز إلى تكثيف التوليد لتغطية العجز وموازنة الشبكة.

ويتسم الطلب على الغاز بالطابع الموسمي، كما أن الارتفاعات المفاجئة قصيرة الأجل أمر طبيعي خلال فصل الشتاء، ما يعني أن إدارة الطلب عادة ما تكون متوقعة إلى حد كبير، على العكس تمامًا في حال دخول طاقة الرياح المتقلبة إلى مزيج الكهرباء.

ويستحوذ الطلب على الغاز في قطاع التوليد على 30% إلى 50% من إجمالي الطلب على الغاز في أوروبا سنويًا، مع تباين الطلب الشهري حسب المواسم.

ففي موسم الشتاء يشكّل الطلب على الغاز 25% من إجمالي الطلب الأوروبي، إذ تكون التدفئة هي الاستعمال الأساس له، في حين تزيد هذه النسبة إلى ما يتراوح من 45% إلى 50% في فصل الصيف مع كثافة الطلب على التبريد.

تآكل مخزونات الغاز بسرعة مذهلة

تمتد مشكلة ضعف التنبؤ بموجات الطلب على الغاز في حال انقطاع الرياح إلى حسابات مخزونات الغاز وعمليات السحب منها على مستوى الاتحاد الأوروبي.

فقد أدى الطلب المفاجئ على الغاز خلال يناير/كانون الثاني 2024 -على سبيل المثال- إلى زيادة الطلب على تخزين الغاز بمقدار 10 مليارات متر مكعب في 13 يومًا فقط ممتدة (من 6 إلى 13 يناير)، ما يمثّل 10% من سعة تخزين الغاز تحت الأرض في الاتحاد الأوروبي.

بينما أدى الطلب المفاجئ في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي إلى سحب 4.5 مليار متر مكعب من مخزونات الغاز خلال 14 يومًا ممتدة من 3 إلى 16 نوفمبر، وهو انخفاض حاد في وقت مبكر من فصل الشتاء.

كما شهد باقي الشهر سحب كميات أخرى من مخزونات الغاز وصلت إلى 5.9 مليار متر مكعب لتلبية الطلب المتزايد على التدفئة.

وقدّرت دراسة معهد أكسفورد حجم الغاز المستعمل لسد فجوة عجز طاقة الرياح خلال هذه المدة بنحو 2.5 مليار متر مكعب؛ ما أسهم في بقاء حصة الغاز مرتفعة في مزيج التوليد خلال المدة من 25 إلى 30 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.

منشآت تخزين الغاز في أوروبا
منشآت تخزين الغاز في أوروبا - الصورة من Energy world

ورغم خطورة آثار التوليد المتقلب لطاقة الرياح، وتكرارها أكثر من مرة في ألمانيا وبعض الدول الأوروبية خلال فصل الشتاء، فإنها لم تتصدّر عناوين الأخبار أو التحليلات الاقتصادية لأسواق الطاقة حتى الآن، بحسب الدراسة.

ومن المتوقع تفاقم هذه الظاهرة مع توسع حصة طاقة الرياح والطاقة الشمسية في مزيج التوليد الأوروبي للكهرباء خلال السنوات المقبلة، ما يتطلّب اقترابات غير تقليدية للتعامل مع تقلبات الطلب على الغاز وتجنب تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية الباهظة.

ملخص:

التوليد المتقطع لمصادر الطاقة المتجددة حسب ظروف الطقس الموسمية أربك حسابات الطلب على الغاز في أوروبا مرتين خلال شهري يناير/كانون الثاني ونوفمبر/تشرين الثاني الماضيين؛ ما أدى إلى السحب من مخزونات الغاز بكميات كبيرة لم تسلط وسائل الإعلام الأوروبية الضوء عليها.

موضوعات متعلقة..

اقرأ أيضًا..

المصادر:

  1. تحليل أثر التوليد المتقلب للطاقة المتجددة في الطلب على الغاز من معهد أكسفورد.
إشترك في النشرة البريدية ليصلك أهم أخبار الطاقة.
إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق