عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم "أبو زعبل 89".. أن تروي الألم من جانب إنساني - في المدرج
سالي فراج
"(ماما ليه خدتيني معاكي الزيارة؟).. تاني يوم القبض على بابا، ماما أصرت إني أروح المدرسة، مكنتش عارف أقول إيه، أنا معرفش هو راح فين، أوقات في وسط كل ده بتشوف إن أفضل شيء إنك تهرب بالنوم".
ما سبق هو رسالة لوم من طفل صغير لوالدته على اصطحابها له لزيارة وحيدة فقط لوالده في سجن "أبو زعبل"، ولكن هل كانت تعرف الأم أن هذه الزيارة التي تكاد تكون قصيرة من الممكن أن تؤثر على الطفل بشكل كبير، ليعود بعد 35 عامًا ويروي القصة كاملة؟!
تفاصيل فيلم "أبو زعبل" لـ بسام مرتضى
بسام مرتضى مخرج الفيلم التسجيلي الطويل"أبو زعبل 89"، والذي شارك فيه أيضًا كراوي ومستمع للحكايات بالعمل، يأخذ المشاهد في رحلة للماضي لمدة 80 دقيقة، لاسترجاع ذكريات مؤلمة والحديث عن تجربة ما زالت تؤرقه حتى الآن وهي اعتقال والده محمود مرتضى عام 1989 على خلفية إضراب عمال الحديد والصلب بحلوان.
"أبو زعبل 89" يعرض ضمن مسابقة أسبوع النقاد الدولي ضمن فعاليات وعروض مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ 45 ، كما أنه العرض العالمي الأول للفيلم للمخرج بسام مرتضى في عمله الطويل الثاني.
بمجرد انتهاء عرض الفيلم للمرة الأولى لم تكف أيادي الحضور عن التصفيق، ففي العرض الأول له الذي عُرض على المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية، وحضره عدد كبير من نجوم الفن من بينهم الفنان خالد النبوي وابنه نور النبوي، وسلوى محمد علي، وأحمد مجدي، وغيرهم من الفنانين والنقاد والكتاب والجمهور العام، استطاع الفيلم أن يلمس الجانب الإنساني بداخل كل من كان بالقاعة، وبسبب الإقبال الكبير على الفيلم تمت إضافة عرض رابع له يوم 22 نوفمبر.
"أبو زعبل".. رحلة لذكريات الماضي المؤلمة
بالعودة لأحداث الفيلم التسجيلي والذي ظهر كأنه جلسة دردشة عائلية بين بسام مرتضى "المخرج" ووالده محمود البطل الرئيسي للفيلم، حيث يحاول بسام أن يحكي عن تجربة اعتقال والده والتي تكررت أكثر من مرة بسبب ملف حقوق العمال، ولكن كان أصعبهم عام 1989.
يحاول المخرج أن يتذكر ليلة القبض على والده التي حدثت أمامه وتبعيتها عليه كطفل وعلى أسرته بأكملها، وخلال الحكي يسلط الضوء على الأوضاع السياسية والاجتماعية بطريقة غير مباشرة في تلك الحقبة، فنسج المخرج قصة من مشاهد للشارع المصري في تلك المرحلة، وحكاياته مع والديه في الحاضر.
بعد خروج الأب من السجن يقرر السفر للخارج وتتحمل الأم "فردوس البهنسي" الأسرة، ويحكي الابن كيف أصبحت علاقته مع والده بعد سفره، خاصة مع وجود رمزية على علاقتهما المتوترة من خلال عدم إرسال الابن جواب رد لوالده على رسائله المتكررة له، ليعود الابن بعد مرور 35 عامًا ويقرر أن يترك لوالده رسالة صوتية بديلاً للجواب.
تشعر من الفيلم بوجود مقارنة بين جيلين ومحاولة سرد لمشاعر خوف وقلق وتردد ورهبة، كأن الزمن يعيد نفسه، فتركز أحد المشاهد على تفكير الابن في الهجرة وتردده في تركه لعائلته وذكرياته واتجاه للمجهول مثلما فعل والده منذ زمن بعيد.
ظهور خاص لسيد رجب في "أبو زعبل"
يتقاطع طريق الأب مع طريق الفنان سيد رجب الذي عانى من نفس المعاناة وتعرض للاعتقال حيث يظهر في مشهد ويتحدث عن التجربة، كما أنه حولها من قبل لعرض مسرحي، فيما قال في تصريحات له بالندوة التي أقيمت بعد عرض الفيلم بأنه كان يريد تأريخ تجربته وهو ما حدث بالفعل من خلال الفيلم التسجيلي الذي يرى أنه خرج للنور أفضل مما كان يتمنى.
من بين كل ذلك تظهر علاقة الأب والأم غير المستقرة رغم بنائها على قصة حب كبيرة بينهما وهي ما حكي عنها الأب بعد انتهاء عرض الفيلم، حيث قال أنه لم ير الفيلم من قبل سوى في عرضه الأول معنا، مؤكدا على أن بطل الفيلم الرئيسي هي فردوس البهنسي طليقته الراحلة، متحدثا عن قصة حبهما بعيون مليئة بالدموع رغم انفصالهما إلا أنه يراها عنصر أساسي في العمل وما زال يحن لها، وروى أن قصة حبهما بدأت في "أبو زعبل" أيضاً ولكن عام 1977، حيث كانت تزور أصدقائها المعتقلين وفي مشهد رومانسي درامي على بعد 150 متر اتجاه السلك الشائك البعيد، رأها وشعر بحالة من الارتباط العاطفي.
من استماعك لقصة الحب التي رواها الأب بشجن وحب وحزن على الفراق رغم انفصالهما قبل وفاتها يجعلك في حالة دهشة من سبب الانفصال الذي لم يُذكر بشكل مباشر أو يركز عليه الفيلم، ولكن أوضحت الأم بأنها خُذلت في مواقف كثيرة، وبعد تفكير عميق سترى أنها كانت علاقة حب قوية بين طرفين ولكن أحيانًا يكون الانفصال والبعد هو أفضل حل للحفاظ على حالة الود القائمة.
لم يركز المخرج على أن يظهر عائلته بأفضل حال ولكن ركز على إظهار الحقيقة فقط وهو ما جعل الفيلم أقرب إلى قلب الجمهور فيرى أمامه عائلة مصرية بسيطة تفرقت بسبب الظروف المختلفة وهو بطبيعة الحال مثل أي أسرة مصرية، فإذا كنت تتساءل عن سبب الإقبال الكبير على عروض الفيلم، فالإجابة ستكون لأنه فيلم مصري!
نرشح لك: يسري نصر الله: أفلامي ليست سياسية.. والسينما المصرية تخسر بسبب الرقابة
خيري بشارة: عانيت من أزمات مادية وعاطف الطيب ووحيد حامد أنقذوني
0 تعليق