"قيمتها 23 مليار دولار".. تركيا تصدم الولايات المتحدة بالتخلي عن صفقة مقاتلات "إف-16"

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

صرّح وزير الدفاع التركي ياسر جولر بأن تركيا قررت تقليص صفقة مقاتلات "إف-16" التي تبلغ قيمتها 23 مليار دولار مع الولايات المتحدة، كما قررت إلغاء شراء 79 مجموعة تحديث لأسطولها الحالي، وفقًا لرويترز.

وفي وقت سابق من العام الجاري، أبرمت تركيا، عضو حلف شمال الأطلسي، صفقة لشراء 40 طائرة مقاتلة من طراز "إف-16" و79 مجموعة تحديث لمقاتلاتها الحالية من نفس الطراز من الولايات المتحدة، بعد عملية إجرائية ومفاوضات طال أمدها.

وذكر جولر في جلسة استماع برلمانية: "تم دفع دفعة أولية لشراء مقاتلات إف-16 بلوك-70. تم دفع مبلغ 1.4 مليار دولار. وبهذا، سنشتري 40 طائرة إف-16 بلوك-70 فايبر وكنا سنشتري 79 مجموعة تحديث"، مضيفًا: "لقد تخلينا عن هذه المجموعات الـ79. وهذا هو سبب تخلينا: إن مرافق صناعات الطيران والفضاء التركية (توساش) قادرة على تنفيذ هذا التحديث بمفردها، لذلك أسندنا المهمة إليهم". وأضاف جولر أن بيع مقاتلات “إف-16” الأربعين الجديدة من إنتاج شركة لوكهيد مارتن الأمريكية، والذخيرة اللازمة لها، سيكلف تركيا نحو 7 مليارات دولار.

كانت تركيا قد قدمت طلبها في أكتوبر 2021، بعد عامين من طرد الولايات المتحدة لأنقرة خارج برنامج مقاتلات الجيل الخامس “إف-35” بسبب شرائها لنظام دفاع صاروخي روسي.

وأوضح جولر أيضًا أن تركيا تريد إعادة الانضمام إلى برنامج “إف-35” وشراء 40 طائرة “إف-35” جديدة.

تجدر الإشارة إلى أن القوات الجوية التركية واحدة من أكثر القوات الجوية اعتمادًا على مقاتلات “إف-16”، حيث يتكون أسطولها من أكثر من 200 طراز قديم من بلوك 30 و40 و50، كما أبدت  أنقرة اهتمامها بشراء طائرات يوروفايتر تايفون المقاتلة، التي بناها اتحاد من ألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا وتعمل على تطوير مقاتلاتها المقاتلة الخاصة، المعروفة باسم "كان".

وذكر موقع بلجاريان مليتري العسكري أن قرار تركيا بتقليص مشترياتها  يمثل صدمة للولايات المتحدة، ويعتقد المحلل العسكري البلغاري"بويكو نيكولوف" أن أنقرة أحدثت صدمة لشريكتها في حلف شمال الأطلسي، الولايات المتحدة، برفضها شراء مجموعات تحديث المقاتلات “إف-16” الموجودة لدى القوات الجوية التركية وبدلًا من ذلك، تخطط أنقرة لتنفيذ التحديث باستخدام مواردها الخاصة، التي طورتها محليًا في السنوات الأخيرة.

وبعد مفاوضات مطولة في وقت سابق من العام الجاري، أعطت الولايات المتحدة الضوء الأخضر لعقد صفقة مع تركيا، حليفة الناتو، لشراء 40 مقاتلة جديدة من طراز"إف-16 فايتنج فالكون" متعددة الأدوار و79 مجموعة تحديث لأسطول أنقرة الحالي من للمقاتلات من ذات الطراز، ومع ذلك، غيرت تركيا مسارها هذا الأسبوع وأعلنت أنها ستتخلى عن شراء هذه المجموعات.

وقد تمكنت شركة الصناعات الجوية والفضائية التركية، توساش، التي تعد حجر الزاوية في صناعة الدفاع الطموحة في تركيا، من ترسيخ مكانتها كلاعب قادر على تحديث مقاتلات “إف-16” فالكون.

ومن خلال مزيج من الإبداع المحلي وبرامج الدفاع القوية، نجحت تركيا في تطوير العديد من الأنظمة المحلية التي تعمل كمكافئات وظيفية - أو مكافئات قريبة - للمكونات الأمريكية المستخدمة في ترقيات مقاتلات “إف-16”، وتعكس هذه التطورات رغبة أنقرة في تعزيز الاكتفاء الذاتي وتقليص الاعتماد على الموردين الأجانب، وخاصة في ضوء الاحتكاكات الجيوسياسية.

وذكر الموقع البلغاري العسكري أن أحد الجوانب المهمة في تحديث مقاتلات “إف-16” يتعلق بالإلكترونيات الجوية، إذ طورت تركيا حاسوب المهام الخاص بها، والذي يطلق عليه نظام أوزغون للطيران. ويحل هذا النظام المحلي محل حاسوب المهام المعياري الأمريكي، ويوفر بنية مرنة قادرة على دمج أسلحة وأجهزة استشعار جديدة.

وتتميز أنظمة الدفاع الجوي التي طورتها شركة أسيلسان بهندسة برمجية مفتوحة، مما يسمح بالتحديثات السلسة بمرور الوقت دون الاعتماد على مقدمي التكنولوجيا الخارجيين. وتعد هذه القدرة ضرورية لتركيا، لذا سعت إلى دمج ذخائرها الخاصة، مثل صاروخ كروز SOM-J ومجموعات القنابل الموجهة HGK، والتي تتطلب بخلاف ذلك شهادة أمريكية للأنظمة التي تقدمها الولايات المتحدة.

وفيما يتعلق بأنظمة الرادار، طورت تركيا تقنية رادار "إييسا" ومجموعة المسح الإلكتروني النشط، وهو تحدٍ مباشر للأنظمة الأمريكية  التي تنتجها شركة نورثروب جرومان. كما تتولى القوات الجوية التركية دراسة  رادار"مراد  - إييسا" من إنتاج شركة أسيلسان، والذي تم الكشف عنه كجزء من مشروع  لرادارات الجيل الخامس في تركيا، لتحديث مقاتلات “إف-16” الحالية.

ويعد هذا الرادار بقدرات أفضل في مجال تتبع الأهداف المتعددة والحرب الإلكترونية. ورغم أنه لم يصل بعد إلى مستوى الأنظمة الأمريكية في مجال العمليات، فإن نظام "مراد"  يمثل خطوة مهمة في تطوير تكنولوجيا الرادار في تركيا، وفي مجال الحرب الإلكترونية، حققت شركة أسيلسان تقدمًا كبيرًا من خلال أنظمة مثل SPEWS-II، وهي مجموعة حرب إلكترونية محلية الصنع للحماية الذاتية. يوفر هذا النظام بديلًا تركيًا لمجموعة الحرب الإلكترونية الدفاعية المتكاملة المتقدمة AN/ALQ-211 التي بنتها الولايات المتحدة.

ويوفر النظام SPEWS-II قدرات متطورة للكشف عن التهديدات والتشويش مصممة خصيصًا لتلبية الاحتياجات التشغيلية المحددة للقوات الجوية التركية ويؤكد دمجه في مقاتلات “إف-16” التركية التزام أنقرة بالحد من نقاط الضعف التي قد تنجم عن الاعتماد على أنظمة الحرب الإلكترونية الأجنبية.

من أجل تحديث قمرة القيادة، طورت تركيا شاشات وواجهات إلكترونية طيران متقدمة، مماثلة لتلك الموجودة في طراز “إف-16” الذي تنتجه شركة لوكهيد مارتن، وتشمل أعمال شركة أسيلسان في هذا المجال شاشات متعددة الوظائف عالية الدقة وشاشات عرض أمامية حديثة مصممة لتحسين الوعي الظرفي للطيارين. تضمن هذه الأنظمة التوافق مع أجهزة الاستشعار المتقدمة وأنظمة الأسلحة، مما يجعل مقاتلات “إف-16” المطورة قابلة للمقارنة بنظيراتها الأكثر حداثة.

ويشكل تكامل أنظمة الأسلحة مجالًا آخر بالغ الأهمية لتحقيق الاستقلال. فقد دفعت محفظة تركيا الواسعة من الذخائر المحلية تطوير مقاتلاتها من طراز “إف-16” إلى ما هو أبعد من الاعتماد على الأنظمة الأمريكية، وأشار الموقع العسكري إلى أن صاروخ SOM-J، الذي طورته شركة توبيتاك سيج وشركة روكيستان، هو مثال بارز على ذلك، حيث يوفر قدرة على توجيه ضربات دقيقة بعيدة المدى مصممة لتناسب مخازن الأسلحة الداخلية لمقاتلات “إف-16”.

وتؤكد حزم التحديث التركية أيضًا على برامج إطالة عمر الخدمة الهيكلية، مما يمكّن مقاتلات “إف-16” من تجاوز عمر الخدمة المصمم لها من خلال مجموعة من المواد المحلية وتقنيات الإصلاح، وقد استثمرت شركة توساش بشكل كبير في هذه القدرة، بما في ذلك الإصلاحات المركبة المتقدمة والتعزيزات الهيكلية، مما يسمح لمقاتلات Block 30 القديمة بالبقاء قادرة على أداء المهام في البيئات التشغيلية الصعبة.

ورغم هذه التطورات، تواجه تركيا قيودًا في تكرار بعض التقنيات الأمريكية. على سبيل المثال، لا يزال دمج أنظمة الربط البياناتي المتطورة المشابهة لنظام الربط، وفي حين طورت تركيا أنظمة ربط بيانات محلية مثل متغيرات Link-16، فإن تحقيق التوافق الكامل وميزات انخفاض احتمالية الكشف التي تتمتع بها الأنظمة الأمريكية لا يزال يمثل جهدًا مستمرًا، ولم يصل إلى تصور نهائي بعد.

لا يمكن تجاهل البعد الجيوسياسي لبرنامج تحديث مقاتلات “إف-16” في تركيا. فقد أدى إبعاد البلاد عن برنامج مقاتلات “إف-35” والقيود اللاحقة على الأسلحة من قبل واشنطن وبعض العواصم الغربية إلى تسريع دفع القوات المسلحة التركية نحو بدائل محلية  ومع ذلك، فإن هذا النهج ليس خاليا من المخاطر.

ورغم أن الأداء التشغيلي والموثوقية التي تتمتع بها الأنظمة المحلية مثيرة للإعجاب على الورق، إلا أنها لم يتم التحقق منها بالكامل في الميدان. وعلاوة على ذلك، فإن الاعتماد على التكنولوجيا المطورة محليا قد يحد من قدرة تركيا على دمج الأنظمة والحفاظ على التوافق مع شركاء حلف شمال الأطلسي، مما يخلق تحديات استراتيجية محتملة.

وبعبارة موجزة:  أثبتت شركة توساس وشركاؤها الأتراك قدرة كبيرة على تقديم حلول شاملة لتحديث مقاتلات “إف-16”. ومن خلال استبدال الأنظمة الأمريكية الرئيسية ببدائل محلية، تشق تركيا طريقها نحو الاعتماد على الذات. ومع ذلك، تظل هذه الرحلة محفوفة بالعقبات التكنولوجية والسياسية التي ستختبر مدى قدرة أنقرة على الصمود في اللحاق بطموحاتها.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق