وسط استمرار تدمير غزة.. السعودية تتخلى عن معاهدة الدفاع مع الولايات المتحدة

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

ذكرت صحيفة آراب وييكلي اللندنية أن الرياض قرت أن  تتخلى عن معاهدة دفاعية أمريكية لصالح بديل أكثر تواضعًا، وتأمل الرياض وواشنطن في إبرام اتفاقية دفاعية أكثر تواضعًا من الطموحات الدبلوماسية السابقة قبل مغادرة الرئيس جو بايدن للبيت الأبيض في يناير المقبل.

وأشارت الصحيفة إلى أن  الاتفاقية قيد المناقشة الآن ستشمل توسيع نطاق التدريبات العسكرية المشتركة لمواجهة التهديدات الإقليمية، وخاصة من جانب إيران.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين سعوديين وأربعة دبلوماسيين غربيين تأكيدهم أن المملكة العربية السعودية تخلت عن سعيها لإبرام معاهدة دفاعية طموحة مع واشنطن مقابل تطبيع العلاقات مع إسرائيل، وأن التطبيع بات ملفًا متعثرًا وسط العمليات الإبادية التي تنفذها سلطات الاحتلال في قطاع غزة المنكوب بنكبة الانتقام الإسرائيلي، ومن ثم تدفع الرياض الآن نحو اتفاقية تعاون عسكري أكثر تواضعا.

وفي مساعى لإبرام معاهدة أمنية متبادلة واسعة النطاق في وقت سابق من هذا العام، خففت الرياض من موقفها بشأن الدولة الفلسطينية، قائلة لواشنطن إن الالتزام العلني من جانب إسرائيل بحل الدولتين قد يكون كافيا للمملكة لتطبيع العلاقات ولكن مع غضب الرأي العام في المملكة العربية السعودية والشرق الأوسط الأوسع نطاقا بسبب الإجراءات العسكرية الانتقامية لقوات الاحتلال الإسرائيلي في غزة، قال مصادر سعودية وغربية إن ولي العهد الأمير محمد بن سلمان جعل مرة أخرى الاعتراف بإسرائيل مشروطا باتخاذها خطوات ملموسة لإنشاء دولة فلسطينية.

وقال دبلوماسيون غربيون إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لا يزال حريصا على تأمين التطبيع مع القوة السعودية باعتباره إنجازا تاريخيا وعلامة على القبول الأوسع في العالم العربي لكنهم قالوا إنه يواجه معارضة ساحقة في الداخل لأي تنازلات للفلسطينيين في أعقاب هجمات حماس في السابع من أكتوبر ويعلم أن أي لفتة في اتجاه الدولة من شأنها أن تؤدي إلى تفتيت ائتلافه الحاكم.

وقالت المصادر إن الرياض وواشنطن تأملان في إبرام اتفاقية دفاع أكثر تواضعا قبل مغادرة الرئيس جو بايدن البيت الأبيض في يناير وأوضحت المصادر أن المعاهدة الأمريكية السعودية الكاملة تحتاج إلى موافقة مجلس الشيوخ الأمريكي بأغلبية الثلثين، وهذا لن يكون ممكنا ما لم تعترف الرياض بإسرائيل.

ورجحت الصحيفة أن الاتفاق الذي يجري مناقشته الآن قد يشمل توسيع نطاق التدريبات العسكرية المشتركة لمواجهة التهديدات الإقليمية، وخاصة من إيران.

 وقالت المصادر إن الاتفاق من شأنه أن يعزز الشراكات بين شركات الدفاع الأمريكية والسعودية، مع ضمانات لمنع تعاون الرياض مع بكين.

ويشار إلى أن الاتفاق من شأنه أن يعزز الاستثمار السعودي في التقنيات المتقدمة، وخاصة الدفاع ضد هجمات الطائرات بدون طيار زيادة الوجود الأمريكي في الرياض من خلال التدريب والدعم اللوجستي والأمن السيبراني، وقد تنشر كتيبة صواريخ باتريوت لتعزيز الدفاع الصاروخي والردع المتكامل.

لكنها لن تكون معاهدة دفاع متبادل ملزمة من شأنها أن تلزم القوات الأمريكية بحماية أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم في حالة وقوع هجوم أجنبي.

وقال عبد العزيز الصغير، رئيس معهد الخليج للأبحاث في السعودية: "ستحصل المملكة العربية السعودية على صفقة أمنية تسمح بمزيد من التعاون العسكري ومبيعات الأسلحة الأمريكية، ولكن ليس معاهدة دفاع مماثلة لتلك التي تم السعي إليها في اليابان أو كوريا الجنوبية في البداية".

جعبة ترامب

ومع ذلك، فإن الصورة معقدة أكثر بسبب وصول دونالد ترامب الوشيك إلى البيت الأبيض وفي حين تستبعد خطة ترامب لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أي أحكام تتعلق بإقامة دولة فلسطينية أو سيادة، إلا أنه حليف وثيق لولي العهد السعودي.

ويخشى المسؤولون الفلسطينيون وبعض العرب من أن ترامب وصهره جاريد كوشنر، مهندس اتفاقيات إبراهيم، "صفقة القرن" وحليف وثيق لولي العهد، قد يقنعانه في النهاية بدعم الخطة.

وقال دبلوماسيون إن كيفية التوفيق بين الأولويات السعودية وهذا المشهد الدبلوماسي المتغير سيكون محوريًا، وسيحدد كل من قيادته ومستقبل عملية السلام.

ولم تفقد الإدارة الأمريكية الحالية الأمل في التوصل إلى اتفاق بشأن الضمانات الأمنية قبل أن يغادر بايدن منصبه في يناير، لكن عددا من العقبات لا تزال قائمة.

وقال المصدر إن المسؤولين الأمريكيين يدركون أن المملكة لا تزال مهتمة بترسيخ الضمانات التي تسعى إليها رسميا، وخاصة للحصول على أسلحة أكثر تقدما، لكنهم غير متأكدين مما إذا كانت تفضل القيام بذلك تحت قيادة بايدن، أو انتظار ترامب.

وقال المسؤول الأمريكي: "نواصل المناقشة ولدينا العديد من خطوط الجهود على الطاولة (مع السعوديين)" ورفض مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض التعليق عندما سئل عن الجهود المبذولة للتوصل إلى اتفاق بشأن الضمانات الأمنية الأمريكية للمملكة العربية السعودية كما رفض مكتب نتنياهو التعليق عندما سئل عن موقف السعودية من الدولة الفلسطينية.

وومن شأن معاهدة الدفاع التي تمنح المملكة العربية السعودية الحماية العسكرية الأمريكية مقابل الاعتراف بإسرائيل أن تعيد تشكيل الشرق الأوسط من خلال توحيد عدوين قديمين وربط الرياض بواشنطن في وقت تتوغل فيه الصين في المنطقة.

وسوف تسمح للمملكة بتعزيز أمنها ودرء التهديدات من إيران وحلفائها الحوثيين، لتجنب تكرار الضربات التي تعرضت لها منشآتها النفطية في عام 2019، والتي ألقت الرياض وواشنطن باللوم فيها على طهران، ونفت إيران أي دور لها.

وقال مسؤول سعودي كبير إن المعاهدة اكتملت بنسبة 95 في المائة، لكن الرياض اختارت مناقشة اتفاقية بديلة، نظرًا لأنها غير قابلة للتنفيذ بدون التطبيع مع إسرائيل.

وقال مصدران إنه بناءً على الصيغة، يمكن الموافقة على اتفاقية تعاون مصغرة دون المرور عبر الكونجرس قبل مغادرة بايدن لمنصبه وكانت هناك عقبات أخرى في المفاوضات لتأمين معاهدة دفاع متبادل.

على سبيل المثال، لم يكن هناك تقدم في المحادثات حول التعاون النووي المدني لأن المملكة العربية السعودية رفضت التوقيع على ما يسمى باتفاقية 123 مع الولايات المتحدة والتي كانت ستحرم الرياض من حق التخصيب النووي، حسبما ذكرت المصادر.

أوضح مصدر سعودي قريب من المحادثات لرويترز أن الاعتراضات السعودية على المواد المتعلقة بحقوق الإنسان أثبتت أنها مجال آخر للخلاف.

"الجائزة"
في حين تدافع القيادة السعودية بقوة عن الدولة الفلسطينية، إلا أنه لا يزال من غير المؤكد، وفقًا للدبلوماسيين، كيف سيستجيب ولي العهد إذا أعاد ترامب إحياء الصفقة التي طرحها في عام 2020 لحل الصراع الإسرائيلي الفلسطيني.

تمثل الخطة تحولًا كبيرًا في السياسة الأمريكية والاتفاقيات الدولية من خلال الانحياز الصريح لإسرائيل والانحراف الحاد عن إطار الأرض مقابل السلام الذي كان يوجه المفاوضات تاريخيًا.

ويبدو أن خطة ترامب، التي تضفي الشرعية على ضم إسرائيل للأراضي الفلسطينية، تعتبر ضربة قاسية لحل الدولتين وآمال الفلسطينيين في إقامة دولة فلسطينية، ويصر المسؤولون السعوديون على أن إنشاء دولة فلسطينية وفقًا للاتفاقيات الدولية السابقة، بما في ذلك القدس الشرقية عاصمة لها، يظل شرطًا أساسيًا للسلام والاستقرار الإقليميين على المدى الطويل.

وبدون ذلك، ستستمر دائرة العنف في تعريض أي علاقات طبيعية للخطر، وقال مسؤول سعودي كبير: "كيف يمكننا أن نتخيل منطقة متكاملة إذا تجاوزنا القضية الفلسطينية؟ لا يمكنك منع حق الفلسطينيين في تقرير المصير".

وعلاوة على ذلك، في بعض من أشد الانتقادات لإسرائيل منذ بدء حرب غزة، وصف ولي العهد محمد بن سلمان العمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة بأنها "إبادة جماعية" في خطابه أمام القمة العربية والإسلامية في الرياض هذا الشهر.

ومع ذلك، يمكن إعادة النظر في إمكانية التطبيع السعودي مع إسرائيل في المستقبل، ربما بمجرد أن تهدأ الأمور بعد حرب غزة، وربما تحت حكومة إسرائيلية مختلفة، كما قال دبلوماسيون.

وقال فواز جرجس، الخبير في شؤون الشرق الأوسط في كلية لندن للاقتصاد، إن ترامب سيستغل كل السبل الممكنة لتأمين التطبيع التاريخي بين المملكة العربية السعودية وإسرائيل، وأضاف: "بالنسبة لترامب، فإن المملكة العربية السعودية هي الجائزة الكبرى، وفيما يتعلق بكيفية حدوث التطبيع على الرغم من إصرار القادة السعوديين المتكرر على أنهم لن يعترفوا بإسرائيل حتى يتم تحديد مسار حقيقي لدولة فلسطينية، يمكن لترامب أن يعد بوقف إطلاق النار في غزة مقابل التطبيع ووعد مبدئي بدعم الدولة الفلسطينية، دون إلزام إسرائيل بتقديم أي تنازلات حقيقية للفلسطينيين".
 

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق