من المحاريق إلى المنيرة.. قرية "المنفى" تحكي تاريخًا من النضال والتطور - صور - في المدرج

0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

عزيزي الزائر أهلا وسهلا بك في موقع في المدرج نقدم لكم اليوم من المحاريق إلى المنيرة.. قرية "المنفى" تحكي تاريخًا من النضال والتطور - صور - في المدرج

11:11 ص الإثنين 23 ديسمبر 2024

الوادي الجديد – محمد الباريسي:

تُعد قرية المنيرة، التي كانت تُعرف قديمًا باسم "المحاريق"، واحدة من أبرز القرى التاريخية التابعة لمركز الخارجة بمحافظة الوادي الجديد، تحمل القرية تاريخًا طويلًا يمتد لقرون، حيث شهدت العديد من التحولات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

في هذا التقرير، يستعرض مصراوي تاريخ القرية منذ نشأتها وحتى تحولها إلى بوابة حضارية لمحافظة الوادي الجديد، مع تسليط الضوء على المحطات الرئيسية في تاريخها.

الجذور الأولى

كانت قرية المنيرة تُعرف في الماضي باسم "المحاريق" أو "المحريق"، وهي تسمية قديمة اختلفت الآراء حول أصلها، يقول محسن عبد المنعم، مدير هيئة تنشيط السياحة بالوادي الجديد، إن هناك من يرى أن الاسم يعود إلى حرق الحقول والمنازل في المنطقة، بينما يرى آخرون أنه يشير إلى سواد بشرة العمال الزراعيين الذين تعرضوا للشمس الحارقة أثناء عملهم، كما يرتبط الاسم بعائلة المحاريق الشهيرة في جنوب مصر، وبغرد أبو المحاريق، وهو أكبر غرود الرمال في الصحراء الغربية، يمتد لمسافة 350 كيلومترًا شمال واحة الخارجة.

ويصف محسن القرية قائلا : " كانت قديما صغيرة وتحيط بها الرمال من كل جانب، وكان عدد سكانها قليلًا للغاية، تُشير المصادر التاريخية إلى أن العائلات الأولى التي استوطنت القرية تعود إلى حوالي 250 عامًا، أبرز هذه العائلات هي عائلة نبوي شامي التي ورثت العمودية لعدة أجيال، ومنها خرجت عائلة قنديل التي قدمت شخصيات بارزة مثل سليمان محمد قنديل.

القرية في ظل الاستعمار الإنجليزي

أكد محمود عبد ربه، المتخصص في تراث وتاريخ الوادي الجديد، إنه في أوائل القرن العشرين، أصبحت المحاريق محطة مهمة للإنجليز الذين سعوا لإنشاء قاعدة عسكرية لمواجهة السنوسيين في الواحات الداخلة. في عام 1906، جرى إنشاء خط سكة حديد يمتد من وادي النيل إلى الخارجة، وجرى تحويل قرية "الشركة 8"، التابعة للمنيرة، إلى قاعدة عسكرية ومطار حربي، استخدم الإنجليز هذه القاعدة كنقطة انطلاق للعمليات العسكرية، كما أنشأوا مرافق حديثة مثل حمامات السباحة ومخازن الذخيرة.

ويقول عبد ربه، إنه كانت المحاريق قرية فقيرة تعاني من نقص الخدمات، ولكن وجود الإنجليز أسهم في إدخال بعض التحديثات، حيث جرى توفير مساكن ومرافق بسيطة، من أبرز ما شهدته القرية خلال هذه الفترة، هو إنشاء محطة القطار التي ساعدت في ربطها بمناطق أخرى وجعلتها نقطة استراتيجية.

منفى الأرستقراطيين

يحكي النائب البرلماني السابق، داود سليمان، عضو مجلس الشعب السابق وإبن قرية المنيرة، إنه في ثلاثينيات القرن الماضي، قرر الملك فؤاد نفي بعض أبناء الطبقة الأرستقراطية إلى المحاريق بسبب خلافات سياسية، جرى بناء منازل حديثة ومسجد وأسواق لهم في القرية، مما جعلها تعيش عصرًا ذهبيًا خلال تلك الفترة، كانت القرية تزدهر بفضل إمدادات الخضروات والفواكه الطازجة التي كانت تصل يوميًا من القاهرة وأسيوط.

ويؤكد داود، أن هؤلاء المنفيين، رغم عزلتهم، ساهموا في تحويل المحاريق إلى مكان مزدهر، حيث انتعشت القرية اقتصاديًا وثقافيًا خلال فترة وجودهم، وقد انعكس هذا النشاط على حياة السكان المحليين الذين استفادوا من وجود بنى تحتية محسنة وخدمات جديدة.

تحول المحاريق إلى المنيرة

يقول إبراهيم خليل، مدير الثقافة الأسبق بالوادي الجديد ومتخصص في تاريخ الواحات، إنه قد استمرت القرية تحت اسم المحاريق حتى عام 1966، حين صدر قرار الرئيس جمال عبد الناصر رقم 4732 بتغيير اسمها إلى المنيرة، هذا القرار جاء في إطار خطة لتطوير القرية وتحويلها إلى بوابة حضارية لمحافظة الوادي الجديد. منذ ذلك الحين، شهدت القرية تطورًا كبيرًا، حيث جرى إنشاء مجلس محلي يضم قرى وعزب تابعة لها مثل الشركة 55، الشركة 17، والقطارة.

وأوضح خليل، أنه جاء هذا التغيير كجزء من جهود الدولة لتعزيز التنمية في المناطق النائية، بدأت هذه الجهود بتوسيع شبكة الطرق وتحسين البنية التحتية، لتصبح المنيرة أول قرية حضارية تستقبل زوار الوادي الجديد.

دور المنيرة في النقل والتنمية

يقول أحمد مسعود عكاشة، من عائلة العوامر أكبر عائلات واحة الخارجة ومتخصص في تاريخ وتراث الواحات، إنه بفضل موقعها الجغرافي المميز، أصبحت المنيرة مركزًا مهمًا للنقل والتنمية، في أوائل القرن العشرين، شهدت المنطقة محاولات لاستخراج البترول من قبل شركة إنجليزية، ولكن المحاولات أسفرت عن تفجر المياه بدلاً من النفط، لاحقًا، جرى بيع خط السكة الحديد الذي أنشأته الشركة للحكومة المصرية، مما ساهم في تعزيز التواصل بين الواحات ووادي النيل.

وأكد مسعود، أنه تُعد شبكة النقل أحد أهم عوامل تطور القرية، حيث ساهمت في ربطها بالمدن والمحافظات الأخرى، وجعلتها مركزًا اقتصاديًا وسياحيًا مهمًا في المنطقة خاصة المطارات.

المطارات في الواحات الخارجة

يؤكد محمود عبد ربه، أن الواحات الخارجة تضم ثلاثة مطارات رئيسية:

1. المطار الأول: كان مهبطًا للطائرات الشراعية التي استخدمها الإنجليز منذ عام 1911. هذا المطار كان بمثابة نقطة دعم لوجستي لاستكشاف الواحات.

2. المطار الثاني: يقع جنوب سجن المحاريق، واستخدم للطائرات الحربية خلال حرب 1967، حيث استقبل سبع طائرات حربية.

3. المطار الثالث: مطار الوادي الجديد الحالي، الذي يعمل منذ عام 1960 ولا يزال يستقبل الرحلات الجوية المحلية والدولية، خلال نكسة 1967، استقبل المطار 11 طائرة حربية، مما يعكس دوره الحيوي في الدفاع عن المنطقة.

القرية اليوم: تحديات وإنجازات

رغم الإهمال الذي عانت منه المنيرة لفترات طويلة، شهدت القرية تطورات كبيرة بعد تغيير اسمها، بدأت التنمية بتوسيع شبكة الطرق وتحسين البنية التحتية، لتصبح المنيرة أول قرية حضارية تستقبل زوار الوادي الجديد، واليوم، تعد القرية بوابة تنموية تجمع بين التراث والتحديث.

يقول النائب السابق داوود سليمان، إنه من بين الإنجازات التي حققتها القرية: تحسين خدمات الكهرباء والمياه، وتطوير المدارس والمرافق الصحية، مما ساهم في تحسين جودة حياة السكان، ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات تتعلق بتطوير القطاع السياحي والبنية التحتية.

ختاما تحمل المنيرة إرثًا غنيًا يمتد لقرون، حيث عاصرت أحداثًا مهمة من الاستعمار الإنجليزي إلى التنمية الحديثة، من قرية صغيرة محاطة بالرمال إلى بوابة حضارية للوادي الجديد، تظل المنيرة شاهدًا على التاريخ المصري وقدرة الإنسان على التغيير والبناء. في ظل الجهود المستمرة لتعزيز التنمية، تبدو المنيرة على أعتاب مستقبل واعد يجعلها واحدة من أبرز القرى في مصر.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق