48 ساعة من الفوضى سادت الكونجرس بعد أن استخدم أغنى رجل في العالم منصة "إكس" التابعة له لنشر معلومات مضللة عن مشروع القانون
التالي :
تجنبت الحكومة الأمريكية للتو الإغلاق بصعوبة، لكن حالة التكهنات والارتباك والقلق المرتبطة بسلطة عملاق التكنولوجيا إيلون ماسك في واشنطن استشرت لدرجة اضطرت السكرتيرة الإعلامية القادمة في إدارة الرئيس المنتخب دونالد ترمب، إلى التوضيح.
شرحت كارولين ليفات عن خطة إبقاء تمويل الحكومة، والمعروفة باسم قرار التمديد، وقالت: "بمجرد أن أصدر الرئيس ترمب موقفه الرسمي بشأن قرار تمديد تمويل الحكومة، ردد الجمهوريون في كابيتول هول وجهة نظره".
وأضافت "الرئيس ترمب هو زعيم الحزب الجمهوري، بكل بساطة". لم يكن هذا مقنعاً تماماً. لم يكن مقنعاً لأن ماسك، الذي منح ترمب ربع مليار دولار لينجح في العودة للبيت الأبيض، ظهر كقوة سياسية غير متوقعة وغير منتخبة ولا يمكن السيطرة عليها. فقد عرقل خطة الحزب لإبقاء الحكومة مفتوحة، ووضع منصب رئيس مجلس النواب مايك جونسون في خطر، من خلال نشره تغريدة على حسابه في منصة "إكس" التابعة له، والذي يحظى بمتابعة 200 مليون شخص.
نشر ماسك يوم الأربعاء في الساعة 4:15 صباحاً تغريدة تقول "لا ينبغي تمرير هذا القانون". تابع تغريدته بأكثر من 150 تغريدة إضافة، بعضها احتوى أكاذيب صريحة حول مشروع القانون. (لم تكن هناك زيادة بنسبة 40% في رواتب المشرعين، ولا صفقة ضخمة بقيمة 3 مليارات دولار لملعب كرة قدم في العاصمة واشنطن). ترمب وشريكه الفعلي في الحكم غير المرئي تقريباً، جيه دي فانس، تدخلا لاحقاً، لكن بعد وقت طويل.
بعد 12 ساعة، تم إسقاط مشروع القانون وتباهى ماسك على "إكس" بأن "صوت الشعب انتصر!"
أكثر من صديق
لُقب ماسك بـ"الصديق الأول"، لكنه في الحقيقة أشبه كثيراً بمساعدة ترمب، والمنفذ والمانح. والفوضى غير الضرورية التي أقحماها في صفقة الميزانية هي صورة مؤسفة للسنوات الـ4 المقبلة.
بالنسبة للجمهوريين، فإن التهديدات الأولية الممولة من ماسك تعني تعرضهم للتهديد المستمر إذا لم يمتثلوا. كما تعني أيضاً مواجهة تهديد أكثر خطورة من مجموعة "سنجعل أميركا عظيمة مجدداً"، وهي نفس المجموعة التي اقتحمت مبنى الكابيتول قبل 4 سنوات مع صيحات تتوعد بشنق نائب الرئيس آنذاك مايك بنس. وبالرغم من كل هذا، انتهى الأمر بتحدي 38 جمهورياً لترمب وماسك، حيث صوتوا بـ"لا" على ما يسمى بـ"قرار التمديد الهزيل". كانت حساباتهم على الأرجح أن عددهم يمثل قوةً، وأن عام 2026 يعد زمناً طويلاً بالتوقيت السياسي.
وبالنسبة للديمقراطيين، فإن حضور ماسك القوي يعني اضطرارهم إلى مواجهة قوة أخرى لا يمكن التنبؤ بها، والتي لا تحظى بثقة ترمب فحسب، بل لديها أيضاً محفظة أعمال كبيرة مدعومة بعقود حكومية.
في وقت سابق من هذا الشهر، كتبت عضو مجلس الشيوخ إليزابيث وارن من ولاية ماساتشوستس في رسالة مفتوحة إلى ترمب: "في الوقت الحالي، ليس لدى الجمهور الأمريكي أي وسيلة لمعرفة ما إذا كانت النصيحة التي يهمس ماسك بها إليك سراً، جيدة للبلاد، أو فقط جيدة لنتائجه المالية".
تضارب مصالح
جدير بالذكر أن أحد نصوص مشروع القانون الأصلي، الذي تم إسقاطه بعد عاصفة التغريدات التي أطلقها ماسك، كانت تحتوي على فرض لوائح جديدة على المعاملات التكنولوجية التي تكون الصين طرفاً فيها، حيث يمتلك ماسك علاقات تجارية كبيرة معها. ويمثل إسقاط القانون فوزاً كبيراً لماسك. أشار البيت الأبيض، الذي كان صامتاً إلى حد كبير أثناء المفاوضات، إلى هذا في بيان. من الأفضل للديمقراطيين أن يستمروا في الإشارة إلى دور ماسك المتضارب والذي يصب في خدمته.
الحكمة الشائعة تقول: إنه في مرحلة ما سيتعب ترمب من تقاسم الأضواء مع ماسك. بدأ الديمقراطيون يشيرون إلى أن ماسك يُعد الرئيس المنتخب فيما يمثل ترمب نائب الرئيس، ربما لدق إسفين بين الرجلين. وقد سبق لترمب أن طرد أشخاصاً من دائرته الداخلية.
ولكن ماسك، بملياراته وانتشاره عالمياً عبر "إكس"، لا يشبه أي شخص آخر في عالم ترمب. فالتخلص من وزراء في إدارته من أمثال ستيف بانون أسهل بكثير. لم يكن هؤلاء الأشخاص يتمتعون بانتشار ماسك أو شهرته أو ملياراته، كانوا من المتملقين الذين يحتاجون ترمب أكثر من احتياجه لهم.
وعلى النقيض من ذلك، يمنح ماسك ترمب مكانة بالوقوف إلى جانبه، فهو يوسع شعبيته وقوته. ببساطة، ماسك يجعل ترمب أقوى. اقترح بعض الجمهوريين أن ماسك يجب أن يكون رئيس مجلس النواب القادم، لكنها ستكون خطوة كبيرة إلى الوراء.
من المرجح أن يجلب أحدث ثنائي قوي في واشنطن مزيدا من الفوضى والفساد بمجرد أن يؤدي ترمب اليمين الدستورية، حيث سيكون كبح جماحهما صعباً على الديمقراطيين، خاصة إذا منح الناخبون ترمب، نتيجة الرهبة من ثروة ماسك وتبجحه، تفويضاً مفترضين أنه يبحث فقط عن مصالح الأميركيين العاديين، وليس حماية مصالحه الخاصة.
خاص بـ " بلومبرغ"
0 تعليق